عن دار "التنوير" بالقاهرة صدر كتاب إرنست رينان "ابن رشد والرشدية" بترجمة "عادل زعيتر"، الذي كتب في مقدمته "يظل ابن رشد أستاذ أوروبا في عالم الفلسفة عدة قرون، وتكون "الرشدية" نتيجة لذلك الإقبال، فينحرف أولئك القوم، تحت هذا الاسم، عن آراء ابن رشد تارة، ويدنون منها تارة أخرى، وهذا ما أفاض رينان في تحقيقه بحثًا وتمحيصًا، رادًا الأمور إلى أسبابها. ويضيف "زعيتر": "لا مراء في أن هذا الكتاب لا يخلو من أمور تحتاج إلى إعادة نظر وتقويم وتعديل شأن كل سفر من أمهات الأسفار، ولكن يطلب ممن يقوم بهذا العمل ألا يقتصر على كتب ابن رشد التي انتهى إليها أصلها العربي، فهذه الكتب قليلة جدًا، ولا تكفي وحدها لتناول هذا الأمر وإنما يقضي الإنصاف بأن يُدقَق أيضًا في كتب ابن رشد التي نقلت إلى اللاتينية والعبرية، وضاع أصلها العربي لأسباب كثيرة، ويتألف من هذه الكتب معظم مؤلفات ابن رشد وأهمها". عوَّل "رينان" في وضع كتابه على مؤلفات ابن رشد التي تُرجمت إلى اللاتينية والعبرية وإلى ما بقي من أصلها العربي وهو قليل جدًا، كما حقق في جميع ما كُتب عن ابن رشد وفلسفته في جميع لغات العالم، وألف هذا الكتاب الذي ظهر للمرة الأولى سنة 1852، ففُتح به أفق جديد في حقل الدراسات الفلسفية الإسلامية وصار معينًا لجميع الباحثين من جميع الأمم في الفلسفة العربية، ولا سيما فلسفة ابن رشد، فلا تكاد تجد مستشرقًا أو عربيًا يبحث في فلسفة ابن رشد من غير أن يقتبس معارف كثيرة من كتاب رينان، معتبرًا إياه أهم المصادر في موضوعه". كما يوضح "نكبة ابن رشد" وما ثار حياله من ريب الإلحاد يعدان أبرز ما وقف خيال معاصريه، ومع ذلك فإن تلك الاضطهادات لم تكن حادثًا منعزلًا، ففي أواخر القرن الثاني عشر نُظمت حرب على الفلسفة في جميع العالم الإسلامي، وذلك أن رجعية كلامية كالتي أعقبت في الكنيسة مؤتمر ترنت الديني، بذلت وسعها لتسترد بالبرهان والقوة ما أضاعت من بقاع".