نواب ينتقدون الحكومة بسبب عدم الاستفادة من القروض بشكل أمثل: 400 مليون يورو "والحسابة بتحسب"    أسعار الذهب منتصف تعاملات اليوم الأربعاء.. الجنيه يسجل 24.8 ألف جنيه    رئيس مركز ومدينة سمالوط يتابع توريد القمح بالشونة المركزية    عشرات الشهداء والجرحى في قصف الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في يومه ال215    منتخب مصر الأولمبي يفاضل بين عدة عروض ودية استعداداً لمعسكر يونيو    مرشح جديد لتدريب مانشستر يونايتد خلفاً لتين هاج    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    وكيل تعليم شمال سيناء يتابع سير امتحانات النقل    حجز مجدي شطة على ذمة قضايا أخرى بعد إخلاء سبيله بقضية المخدرات    تحمل اسم عايدة عبد العزيز.. مهرجان «إيزيس للمسرح» يُعلن تفاصيل دورته الثانية غدا    وزير النقل يترأس الجمعية العامة العادية للشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق    إسرائيل تعيد إغلاق معبر كرم أبو سالم بعد إدخال شاحنة وقود واحدة لوكالة أونروا إلى غزة    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 477 ألفا و430 جنديا منذ بدء العملية العسكرية    وزير الخارجية الإيراني: طهران والقاهرة تتجهان نحو إعادة علاقاتهما الدبلوماسية إلي طبيعتها    زعماء العالم يهنئون فلاديمير بوتين بعد تنصيبه رئيسا لولاية خامسة    وزيرة الهجرة تستقبل أحد رموز الجالية المصرية بالكويت    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    30 جنيهًا للعبوة 800 جرام.. «التموين» تطرح زيت طعام مدعمًا على البطاقات من أول مايو    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    وزيرة البيئة: مشروعات الهيدروجين الأخضر تحقق استثمارات ب770 مليار دولار سنويا    تعرف على حد الاستخدام اليومي والشهري للمحافظ الإلكترونية للأفراد والشركات    ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس حتى يوم الجمعة 10 مايو 2024    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    بسبب إدمانه .. الأب والأم قتلا نجلهما    المشاط تبحث مع سفير أذربيجان استعدادات انعقاد الدورة من اللجنة المشتركة بالقاهرة    ياسمين عبدالعزيز وأبناؤها بمداخلة على الهواء في «صاحبة السعادة».. والجمهور يُعلق    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    ذكرى رحيل أحمد مظهر.. نهاية حزينة لفارس السينما المصرية ومريم فخر الدين تكشف الأسباب    قصور الثقافة تصدر كتاب "السينما وحضارة مصر القديمة"    أصالة تحذف صورها مع زوجها فائق حسن.. وتثير شكوك الانفصال    الإفتاء تكشف محظورات الإحرام في مناسك الحج.. منها حلق الشعر ولبس المخيط    الأمين العام المساعد للبحوث الإسلامية يوضح للشباب مقومات الشخصية المصرية    الكشف على 10 آلاف مواطن بالمنيا في 8 قوافل طبية خلال شهر    النواب يستكمل مناقشه تقرير لجنة الخطة والموازنة    بدء تنفيذ أعمال مبادرة "شجرها" بسكن مصر في العبور الجديدة    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    اليوم، الحركة المدنية تناقش مخاوف تدشين اتحاد القبائل العربية    مصادر: شركة أمريكية خاصة ستتولى إدارة معبر كرم أبوسالم لحين تولي السلطة الفلسطينية المهمة من الجانب الفلسطيني    فولكس فاجن ID.3 موديل 2024 الكهربائية تنطلق رسميًا    علي جمعة: الرضا والتسليم يدخل القلب على 3 مراحل    سحر فوزي رئيسا.. البرلمان يوافق على تشكيل المجلس القومي للطفولة والأمومة.. يتألف من 13 عضوا.. وهذه تفاصيل المواد المنظمة    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    لبلبة و سلمي الشماع أبرز الحضور في ختام مهرجان بردية للسينما    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    نتائج التحقيقات الأولية فى مقتل رجل أعمال كندى بالإسكندرية، وقرارات عاجلة من النيابة    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    "كفارة اليمين الغموس".. بين الكبيرة والتوبة الصادقة    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مش آسفين يا مبارك "2"
نشر في البوابة يوم 08 - 12 - 2016

نحن نعانى بالفعل، كل الطبقات فى مصر الآن تشكو من ضيق الحال، وتردى الأحوال، يتخبط الجميع فى مناخ الإحباط العام، غالبية الشعب يشعر بقلة الحيلة تجاه صعوبة الحياة، يختنق الناس بغلاء فاحش يقهرهم ويشعرهم بعدم الأمان، ولكن من العبث بمكان أن نجهل السبب الحقيقى وراء هذا وذاك، قد تكون السلطة الحالية ليست لديها الخبرة الاقتصادية والحنكة السياسية الكافية لطرح روشتة العلاج، قد تكون متخبطة هى الأخرى ولا تتخذ القرار المناسب فى الوقت المناسب، بل إنها تجهل القرارات المناسبة أصلًا، ولكن آفة حارتنا النسيان بالفعل، وهو ما جعل البعض يقول «فين أيامك يا مبارك؟» وأيام مبارك هذه يا سادة هى السبب المباشر لما نمر به الآن من اختناق، وقد تحدثنا عن سياساته الاقتصادية والزراعية والصناعية فى الحلقة السابقة، واليوم التعليم والثقافة.
التعليم فى عهده أصبح فى الدرك الأسفل من اهتمام الدولة دولة بحجم مصر فقد أهمل «مبارك» مع سبق الإصرار والترصد ملف التعليم، وأصبح التعليم الحكومى فى انهيار تام، رغم أن التعليم الحكومى فى السابق هو الذي أخرج لنا العلماء والأدباء والمثقفين الذين نفتخر بهم الآن، وفى كل أنحاء العالم التعليم الحكومى على درجة عالية من التقدم والقوة لدرجة أن الدول المتقدمة من النادر أن تجد فيها من يلجأ للتعليم الخاص.
مزق «مبارك» المجتمع وقسّمه من خلال التعليم، بعد أن أصبح هناك تفاوت كبير جدًا بين الأغنياء والفقراء بسبب مدارس «الإنترناشيونال» والمدارس «الحكومية»، أصبحت لدينا طبقتان فى المجتمع تبعدان عن بعضهما بعد السماء عن الأرض بسبب ذلك، من يرد أن يكتشف بنفسه تكفيه نظرة واحدة على تلاميذ مدرسة الإنترناشيونال ومدرسة حكومية، وعلى المدرسين أيضًا ونظام المدرسة، لم يدعم نظامه التعليم بتاتًا، بل إنه أمعن فى إضعافه، فأصبحت مدارس الحكومة مجرد أماكن عشوائية مثل نظامه كله، تربى البلطجية والخارجين على القانون، كما تحوى متطرفين دينيًا بسبب المدرسين الذين يبثون جهلهم كل يوم فى غياب تام للرقابة من وزارة التعليم، وبسبب المناهج التى تحتوى على مواد كافية لتحويل الأذكياء إلى أغبياء، والنوابغ إلى متخلفين.
فى عهد مبارك لم تكن لدينا لا تربية ولا تعليم، فعندما أراد «محمد علي» باشا أن يجعل من مصر دولة قوية ومتحضرة اهتم أولًا بالتعليم، وأنشأ المدارس وأرسل المصريين للتعلم فى أوروبا، واستقدم المدرسين من الخارج لتعليم أبناء المحروسة، وهو ما جعل مصر فى عهده دولة ذات ثقل فى كل الجوانب، بالإضافة لاهتمامه بالجيش، وهو ما جعل مصر فى عهده فى مصاف الدول المتقدمة ذات الريادة، وأصبح هو مؤسس مصر الحديثة.
أما خلال الثلاثين عامًا التى قضاها مبارك فى الحكم، انهار التعليم تماما وخاصة ما قبل الجامعي، وخرّج لنا جيلًا جاهلًا من الطلاب والمدرسين، حال المعلم أيضًا أصبح يرثى له، وفاقد الشيء لا يعطيه، انتشرت المدارس الخاصة التى تستنزف القوت اليومى للمصريين، لأنها تغالى فى المصاريف الدراسية دون أدنى رقابة من الوزارة والمسئولين عن التعليم، وللأسف فإن غالبية الطبقة الوسطى لجأت لهذه المدارس لأنها أفضل حالًا من المدارس الحكومية، بل إن الأهالى يخشون على أبنائهم من المدارس الحكومية التى أصبحت سيئة السمعة.
فى الولايات المتحدة الأمريكية، إن التعليم الأساسى يحظى باهتمام كبير ويعد من أولويات الدولة، لدرجة أن أساتذة الجامعات هم المعنيون بالتدريس للتلاميذ فى هذه المرحلة، أى أنهم يدرسون للأطفال، لضمان تأسيس التلاميذ بدرجة عالية وتأهيلهم للتعليم الجامعي، وعن طريق هذه المرحلة يستطيعون التقاط النوابغ والتركيز معهم بشكل خاص، لأنهم علماء الغد وهو ما يحدث فعلًا.
وفى ألمانيا، يفرزون التلاميذ من خلال المرحلة الابتدائية، من لديه مواهب فى الهندسة والرياضيات، ومن لديه نبوغ فى المواد العلمية والطب، وكذلك الأدب والشعر والفن، ومن لديه ميول يدوية أى يصلح أن يكون عاملًا ماهرًا، وبعد الفرز كل مجموعة تكون دراستها حسب ميولها، فلا يتم إهدار وقت واستنزاف طاقة التلاميذ فى مناهج ودراسة لا يستفيدون بها فيما بعد.
ولدينا تجارب الدول الفقيرة أيضًا، فى النهوض بالتعليم مثل «ماليزيا» وأمريكا الجنوبية وشرق أوروبا وشرق آسيا، لأن هؤلاء لديهم وعى بأهمية التعليم وبأنه الأساس المتين الذى يبنى أى دولة وينتشلها من التخلف والضياع والفقر.
وبسبب إهمال مبارك للتعليم دخل الإخوان على الخط، وأنشأوا مدارس إسلامية تفرض الحجاب على الأطفال، وتخلقهم فى شأن آخر، وهو التطرف والكبت وبث السموم والأفكار الشاذة فى النشء الجديد.
وإذا كان هذا هو حال التعليم فى عهده، فإن الثقافة أيضًا طالها العبث، الفكر والتنوير تم القضاء عليهما باقتدار، حيث تم استبدالهما بالفكر المتطرف الوهابي، وفرشت الأرض بالورود ومهدها لدعاة الإرهاب، فى الجامعات والنقابات والمساجد وأيضًا فى سيناء والصعيد، وشهد عهده انتشارًا «للجمعيات الشرعية» فى الصعيد والمناطق الفقيرة فى كل مكان، وفى قلب العاصمة، وكانت هى التى تنفق على الناس وتتولى أمورهم، فلم يكن تدينًا بل تطرفًا، وأصبحت الإسكندرية مدينة الثقافة والفن معقلًا للسلفيين، والصعيد والوادى الجديد للجماعات الإسلامية، والقاهرة وباقى المدن ابتلعها الإخوان، وحتى الأزهر فإن أى فكر تنويرى يتم تهميشه بل وتكفيره، فقد تراجع دور الأزهر وتبدلت أحواله خلال عهد مبارك، ولم يعد تلك القلعة التى نباهى بها الأمم.
ولأن مبارك كان معاديًا للمثقفين، فإن حتى السينما كان تشوه المثقفين وتهين الثقافة بشكل عام، فقدمت الأفلام المثقف على أنه شخص بوهيمى حاقد «ريحته وحشة» و«مبيستحماش» لتشويه شكل وشخصية المثقف، وأصبحت الثقافة وكأنها عار ولفظ مثقف «شتيمة»،
وقد أدركنا جميعًا النتيجة، نتيجة أن يكون عندك شعب جاهل وغير مثقف، وكانت الفترة التى أعقبت ثورة يناير كاشفة للثلاثين عامًا من الجهل، استغل فيها الإخوان جهل الشعب بجدارة، وهى كافية لنعرف ماذا فعل بنا «مبارك»، وللحديث بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.