أقام المجلس الأعلى للثقافة بأمانة هيثم الحاج على القائم بتسيير أعمال الأمين العام للمجلس ندوة بعنوان "تجديد الفكر الدينى" نظمتها لجنة الفلسفة بالمجلس، أدارت الندوة رجاء أحمد على، وشاركت فيها آمنة نصير، الكاتبة الصحفية زينب عفيفى، الأب يوحنا قلته. وقالت نصير: إن الإسلام جاء بالوسطية شاملا كل القيم والمبادئ التى نادت بها اليهودية والمسيحية من قبل، وأننا في عصر الترهل في مواجهة أمراض المجتمع الأخلاقية والثقافية، حيث إن هناك حالة من عدم الجدية أو ما يسمى بلادة إنسانية أصابت كثيرًا من أفراد المجتمع الغرب يحسدنا على كثرة الولادة والعدد لأنه يعانى من عدم الإنجاب، وخلال 100 عام ربما يختفى أوروبا، وثروتنا في مصر هى الإنسان ولكنها ثروة ممتلئة بالعلل والأمراض علل ثقافية وأمية وتقليد وسفسطة لسان بلا معنى، كما اسقطت الحضارة اليونانية كثيرة السفسطة والفلسفة بلا معنى نحتاج الى ان نستشفى من امراضنا النفسية وان يعود الوئام بين افراد المجتمع، واختتمت كلمتها بدعاء لمصر قائلة " سلمت يامصر من كل عيوبنا وصية الرسول بشعب مصر "استوصوا بأهل مصر فان لنا فيها صهرًا ونسبا" متمنية أن لا يحدث فيها التيه والضلال، وأضافت سلمت يامصر امة عظيمة تحتاج الى علاج، وأشارت زينب عفيفى الى ان الفكر الديني مرتبط ارتباط وثيق بعالم متغير فضاء افتراضى وهى قضية مثيرة ومركبة ومتشابكة ومعقدة وكثير من الاشكاليات على المستوى الممارسة السياسية والمعرفية، وتظهر الاشكالية عندما يتحول الفكر الدينى الى خطاب دينى على المستوى الشعبى وعندما يسعى الى رؤية سياسية. واضافت هذا الواقع الذى نعيشه يعيش فيه انسان في عالم افتراضى يمارس فيه الشباب حرياته المطلقة وامام واقع يكاد يكون متزمتا في واقع التاريخ، محاولات التجديد التى بدات منذ اواخر القرن 19 لم تؤت ثمارها المرجوة،نحن امام قضية شائكة تحتاج الى تفكيك ثم تحليل حتى نمكن ان نواجهها ثم تساءلت هل نحن نريد تجديد ام تغيير ؟ ثم اجابت نحن نسعى الى تجديد وليس تغيير لاننا في عالم يشكل الدين انتماءات الجانب العقيدى وولاءات وايمان هذا المجتمع وفلسفة الحياة ولايمكن ان نطالب بتغيير كما فعلت اوروبا في الفصل بين الدين والدولة، وان التجديد يعنى اعمال العقل في النص الديني لكى يتواءم مع متطلبات العصر وهو مفهوم قديم واشار اليه ابن حجر العسقلانى استنادا الى حديث الرسول (ان الله يبعث على راس كل مائة عام من يجدد لها امر دينها ودنياها) وبدأ التجديد بالخليفة عمر بن عبد العزيز وكان على راس المائة سنة الاولى للهجرة، كان التجديد يفهم بمعنى الاحياء الى سنة السلف الصالح والرجوع الى الاسلام في بساطته الاولى، كما كان في عهد النبى صلى الله عليه وسلم. ولكن المفكرين دخلوا في تفريعات وتفسيرات عديدة للحديث واضافوا كلمات الاجتهاد وقمع البدع والاحياء دون ان يكون هناك مواقف حاسمة لتجديد امر الفكر الدينى ،المنهج الذى اتبعوه هو اتباع الاوائل مما جعل التجديد مسالة شكلية وليس جوهرية. وتعددت بعد ذلك محاولات التجديد وهى تبرز عندما تمر الامة بفترات ازمات حادة كما حدث في بدايات عصر النهضة في اووربا وكانت هناك محاولات للتجديد مرت بصراعات وظهرت صراع الاصالة والمعاصرة واستمرت وكان هناك الموقف التوفيقى بين الجانبين وعلى قمة المجديدن الامام محمد عبده وهو اول مجدد في العصر الحديث كتابة "الاسلام دين العلم والمدنية) ويؤكد ان العقل وظيفته الاساسية تحصيل الايمان، وليس فقط امور الدنيا وعندما يتعارض ظاهر النص مع منطق العقل ينتصر لمنطق العقل بدون تكفير ويعقبه محمد اقبال ود. حسن حنفى وعاطف العراقى وثورة العقل والعقل والتنوير وزكى نجيب محمود وفؤاد زكريا وعابد الجابرى الذى وضع تفسيرا للقران العظيم على انه متاح لكل وقت وكل عقل وليس حكرا على البعض، يجب ان يكون لتاويل النص جانب معرفى الى الجانب الفقهى حتى لانحصر النص في الجانب الفقهى، واكدت انه يجب ان لا نستغرق في تقديس التراث على طول الخط حتى لايتحول التاويل الى فكر يسعى لفرص نفسه على المجتمع، ننادى بتوسيع مفهوم "التاويل" لظاهر النص لكى يشمل الجانب المعرفى، لان النص قد يشمل جوانب معرفية هامة لايجب اغفالها، مفهوم شمولية الاسلام في كل جوانب الحياة جعل الناس تسال الدين في كل جانب من جوانب الحياة وجعل المدافعين عن النص يتدخلون في الاجابة، ويجب النظر الى التراث الدينى نظرة موضوعية مثل نظرة الاديب الى التراث الادبى والمؤرخ الى التاريخ بحيث لانرفضه كله ولانقبله كله ولا يجب ان نستحضر الماضى ونظل نعيش فيه ويجرى في دمائنا مجرى الدم في العروق،والتاكيد على حرية الراى في المواقف المختلفة والدعوة الى فصل الدين عن الدولة وليس فصل الدين عن المجتمع لانه يشكل حياتنا، وتربية العقل النقدى من خلال مناهج تعليمية ونبدا بالازهر على العقلية الناقدة على الاخذ والحوار والاختلاف في هدوء،بدون انفعال، وعدم النظرة الاحادثة لان الاجماع يثير قضية الاحادية ولا يبنغى ان نعيش في ظل احادية، حيث نجد ان كل دولة مختلفة عن الاخرى باختلاف المذاهب والتعددية جزء لايتجزا من حياة البشر ويجب ان يكون التجديد في الجذور وان يكون في مناهجنا التعليمية، واشارت ان جذور التجديد بدات مع ابن رشد لانه ساوى بين الحقيقية الدينية والحقيقة الفلسفية ويرى انه لا اجماع مع التاويل ولا تكفير مع التاويل. وأكد الانبا قلته على وحدة الجنس البشري واحترام حرية كل انسان والمساواة والعدالة وتساءل هل نحن كمجتمع بشري نحترم هذا؟ حتى الان هناك في موريتانيا سوق للرقيق وفي السعودية مازالت تعطى للاسرة المالكة حق شراء العبيد واحترم حرية الاعتقاد، واستخدام العقل ونقل عن الحاحظ قوله "وكيل الله عندى هو العقل" وتساءل هل العالم العربى يحترم العقل ولماذا يتقاتل المسلمون في سوريا والعراق واليمن، بالإضافة الى الايمان بقيمة حياة الانسان مثلا الاجهاض محرم في الاسلام والمسيحية واحترام حقوق الانسان وعدم تلفيق التهم له ويجب ان نفرق بين الايمان والتدين، مثلا بعض اللصوص وتجار المخدرات متدينين، ولكن هذا ليس بايمان لان الايمان الحقيقى يجب ان يطابق الفعل مع القيم الدينية، اكد اننا يجب ان نتخلى عن عبودية الاشخاص والمفسرين والاعتماد على ماجاء في القران الكريم والسنة النبوية، وضرب مثالا بزيادة عدد المساجد والكنائس، لكن في نفس الوقت زادت الجرائم والفساد والاقتتال والصراع لانه تدين شكلى وليس ايمان حقيقى،واختتم كلمته بالتاكيد على ان الذى يغير الانسان هو الدين مع الثقافة وليس الدين فقط. ثم أنهت الدكتورة رجاء أحمد الندوة بالتأكيد على أن إصلاح الفكر وتطويره هو البداية الحقيقية للتغيير، وأن بقاء الدين واستمراره يكمن فى تجاربه مع ظروف تطورات المجتمعات.