بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، خَصَّت الكاتبة المغربية ياسمينة حسيبي موقع “,”البوابة نيوز“,” بهذا الموضوع عن رابطة الكاتبات المغربيات، تلك المؤسسة التي تعرضت لأقلام النقاد سلبًا وإيجابًا، فماذا قالت حسيبي؟ “,”عندما أعلنتُ عن تشكيل رابطة الكاتبات المغربيات قامت الدنيا ولم تقعد، وانهالت عليها سهام لاذعة من الانتقادات المشككة في مصداقيتها وفي مقاصدها (وأغلبها نسوية وللأسف)، وانبرت أقلام سلبية للتقليل من تأثير الرابطة مستقبليًّا على المشهد الثقافي المغربي، لكن وبفضل حكمة القائمات عليها، تجاوزت الرابطة هذا اللغط المجاني، فتبدد كفقاقيع الصابون، وواصلت اكتساحها للساحة الثقافية والإعلامية بثقة وحِرَفية عاليتين. وقد رأى “,”البعض“,” أن الرابطة تقدم نفسها كبديل لاتحاد كتاب المغرب... مما يؤزم العمل الثقافي النسائي، إلا أن رئيسة الرابطة الإعلامية عزيزة يحضيه عمر أكدت وما زالت تؤكد أن تأسيس الرابطة “,”يأتي تجسيدًا لما نص عليه الدستور المغربي الجديد حول المناصفة“,”، والتي تعني حرفًا ومعنى “,”تساوي الحظوظ والواجبات كذلك تجاه الوطن“,” بتجاوز ضدية الأنوثة والذكورة في الإبداع المغربي والإنساني بصفة عامة. وعلى غير المعنى الذي ذهب إليه، فهم “,”بعضهن“,” من أن الرابطة أتت “,”تكريسًا للهيمنة الذكورية الفاعلة دستوريًّا“,”، فالرابطة وحسب الإعلامية بديعة الراضي نائبة الرئيسة: “,”تسعى لتكون إضافة نوعية ضمن مغرب المناصفة، وتنفض الغبار الذي أقبر إبداع المرأة تحت مسميات وأوهام كرَّست وضعية مأساوية في الثقافة المغربية“,”، والثقافة عمومًا ومنذ الأزل هي التي تنهض بالمجتمعات.. وليس العكس. والمثقف ينخرط بشكل أو بآخر في الحراك السياسي بغض النظر عن جنسه (رجل أو امرأة) ويلعب دورًا حتميًّا في تغيير المؤسسات والأفكار والقناعات، لهذا فالرابطة فتحت أبوابها لكل التوجهات السياسية والثقافية الموجودة على الساحة، كما أنها تضم عضوات من مختلف جهات المغرب، تسعى في ذلك إلى التنوع الإبداعي سواء باللغة العربية أو الأمازيغية أو الحسانية، دون أن ننسى مندوباتها المبدعات بالمهجر. ولهذا وجب الإشارة الى أن اسم الرابطة لا يُقصي الجنس الآخر بل يكمّله، والمتصفح للصفحة الفيسبوكية للرابطة يسترعي انتباهه الأعداد المهمة من “,”المبدعين الرجال“,” الذين رحبوا بالرابطة، واعتبروها منبرًا مهمًّا للتعريف بإنجازاتهم الإبداعية، وربما فاقوا في ذلك أعداد المبدعات النساء، والأجمل من كل هذا هو أن الصفحة الفيسبوكية للرابطة لا تكتفي بالاحتفاء بالإبداعات المغربيات فقط، بل تتجاوز مهمتها تلك في تواصل رائع مع الإبداعات العربية من كل بلاد العالم، مما يمنحها المصداقية والمشروعية للتعريف بالمنتج الإبداعي للمرأة المغربية أولاً وبالإبداع المغربي ثانيًّا. فإذا اعتبرنا أن الرجل والمرأة شريكان في الهم الإنساني، فرابطة الكاتبات المغربيات خُلِقَت لتكرِّس هذه الحقيقة من خلال صوت ووعي المرأة الحضاري والدستوري أيضًا. فلنقل إذن أن الرابطة قد كسبت الرهان الأول في تأسيسها أي التعريف بمنتج المبدعة المغربية. ولعل تقديم الرابطة للخطوط العريضة لمشروعها الثقافي ولبرنامجها السنوي لسنة 2013 خير دليل على التزامها، وعلى حجم المسئولية الملقاة على عاتقها؛ حيث ستحقق للقارئ المغربي والعربي على السواء، وعبر العالم متابعة منجزات الرابطة الإبداعية من خلال الموقع والمجلة الإلكترونية، كما أنها ستعمل على الاحتفاء بمنجزات المرأة المغربية عبر إصدارها لمجلة ورقية تلتقي فيها أقلام المبدعات والأديبات من كل المناطق المغربية. ويبقى إحداث جائزة “,”الكاتبة المغربية“,” وجائزة “,”الأمل للمبتدئات“,” من أهم أهداف الرابطة. وإذا كانت المبدعة المغربية هي الشغل الشاغل للرابطة إلا أن ذلك لم يمنع القائمات عليها بالتفكير في تفعيل الدبلوماسية الثقافية مستقبلاً، يأملن من خلال ذلك إلى خلق فرص لملتقيات سنوية مغاربية تتواصل فيها النساء المغاربيات تحت راية الفكر والإبداع، وهو ما يُحسب للرابطة كمشروع انفتاحي قد يؤهلها لتتبوأ مكانة مهمة ضمن المؤسسات النسائية العربية التي تعرّف بإبداع المرأة، متجاوزة كل الحدود الجغرافية. فضلاً عن سعي الرابطة الدءوب لجعل يوم التاسع (9) من مارس من كل سنة يومًا وطنيًّا للمرأة الكاتبة، وقد تم بالفعل تنظيمه بمدينة فاس، وسيعرف توقيع مجموعة من الكاتبات والأديبات المغربيات. كما حرصت الرابطة في أول نشاطاتها وضمن برنامجها الثقافي السنوي، على تكريم الشاعرة القديرة مليكة العاصمي في أول “,”لقاءاتها الشهرية“,” بالمبدعات المغربيات؛ اعترافًا وتكريمًا لمنجزها الإبداعي المتميز. وفي إطار تنوع أنشطتها العديدة، كان هناك تلاقح جميل بين الرابطة وفرقة دراما كوم المسرحية، من خلال مسرحية “,”بنت خالة أختي“,” للكاتبة المغربية القديرة خديجة منادي، والتي تأمل منها الرابطة وعلى لسان رئيستها عزيزة يحظية عمر “,”إعطاء وهج آخر للمسرح المغربي“,”. نخلص للقول إذن بأن هذا الحضور المتوهج لرابطة الكاتبات المغربيات في المشهد الثقافي والإعلامي المغربي ما هو إلا تأكيد على الديناميكية التي يعرفها المغرب الثقافي والسياسي والاجتماعي من خلال المرأة المبدعة التي تحاول تحقيق المزيد من المكتسبات، وإحداث نقلة مهمة في نمطية النظرة السلبية لإبداع المرأة وفكرها وثقافتها عمومًا. والرهان المطروح الآن هو إلى أي حد يمكن لرابطة الكاتبات المغربيات المساهمة في الارتقاء بإبداع المرأة ككائن إنساني قياسًا بجودته لا بجنسه. ذلك ما تنتظره كل مبدعة مغربية.. تعتبر تأسيس الرابطة حقًّا حضاريًّا ودستوريًّا تعبر من خلاله عن وعيها الفكري والإنساني من خلال الإبداع القصصي والشعري والرواية والمسرحية.