اتفق خبراء سوق المال أن السوق تمر حاليًا بمرحلة عدم اليقين، الأمر الذي يصعب معه التكهن بالاتجاه العام للسوق على المدى القصير، وقد يتسبب في عشوائية القرارات الاستثمارية من جانب المتعاملين الأفراد. يأتى ذلك في الوقت الذي تراجعت فيه جميع مؤشرات السوق ووصلت أسعار الأسهم لمستويات متدنية للغاية، الأمر الذي فسره الخبراء بضعف السيولة المتاحة، وعدم وجود محفزات اقتصادية تدفع الاستثمارات غير المباشرة للعودة من جديد. وطالب المستثمرين بضرورة التحلى بالهدوء والانتظار داخل السوق عند مرور الموجة التصحيحية الهابطة وعدم التسرع بالخروج أو الدخول بصورة غير مدروسة. وقال أحمد العطيفى، خبير أسواق المال، إن السوق تمر بمرحلة عدم اليقين يصعب فيها التنبؤ بمناطق الارتداد التي تتعرض لها السوق خلال الموجة التصحيحية الحالية، مشيرًا إلى أن هناك حالة ترقب تجتاح المتعاملين من شأنها أن تؤثر على قراراتهم الاستثمارية، موضحا أن البورصة تتحرك طبقًا للتوقعات المستقبلية للشركات والاقتصاد، إلا أن حركة الأسهم أصبحت أكثر حساسية للأخبار السلبية عكس الإيجابية، مشيرًا إلى أن الأسعار التي تتداول عليها الأسهم في الوقت الحالى هي نفس الأسعار التي كانت تتداول عليها عندما كان المؤشر الرئيسى للسوق قرب مستوى 5000 نقطة. وأرجع العطيفى أسباب تراجع قيم الأسهم بنسب أعلى من تراجع قيم المؤشر الرئيسى للسوق إلى تركيبة المؤشر التي تعتمد على الأوزان النسبية والتي تتركز على عدد محدود من الأسهم، فضلًا عن وجود عدد آخر من المؤشرات التي تختلف في منهجيتها وطريقة قياسها، مؤكدا أن المشكلة لا تكمن في المؤشرات وعدم تعبيرها عن السوق، وإنما ترجع لعدم وجود محفزات اقتصادية جيدة تدفع الاستثمارات غير المباشرة للدخول في البورصة. ونصح «العطيفى» صغار المتعاملين بضرورة التحلى بالهدوء عند اتخاذ القرارات الاستثمارية بصورة عشوائية لحين وضوح الرؤية بصورة صحيحة. في حين يؤكد إيهاب سعيد، عضو مجلس إدارة بشركة أصول للسمسرة في الأوراق المالية، أن السوق في حالة ترقب خلال الجلسات القليلة المقبلة في انتظار تحريك سعر الصرف، مؤكدًا أن البورصة مؤهلة للارتفاع في حال ما إذا اتخذ البنك المركزى قرارًا حاسمًا بخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار. ونصح «سعيد» صغار المستثمرين الموجودين داخل السوق بالاحتفاظ بالأسهم؛ لحين تحسن أداء المؤشرات وارتفاع قيم الأسهم بصورة تدريجية. وأكد سيد العويضى، رئيس قسم البحوث بشركة تى ماتريكس للاستشارات المالية، أن السوق تتحرك سلبا وإيجابا بدافع من الأخبار الخاصة بسعر الصرف، مؤكدًا أن الارتفاعات القوية التي شهدتها السوق خلال جلسة الخميس الماضى جاءت كرد فعلى للتوقعات باتجاه البنك المركزى بخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار، إلا أن عدم حدوث شىء جديد دفع المؤشرات للتراجع مرة أخرى الأمر الذي انعكس بالسلب على نفسية المتعاملين. وأشار الخبير إلى أن استمرار الاتجاه الصاعد للسوق على المدى القصير، كان في حاجة إلى قرارات حاسمة لتحسين الأوضاع الاقتصادية للحد من التباين في أسعار صرف العملة المحلية، مؤكدًا أن السوق حاليًا تمر بموجة تصحيح هابطة نتيجة وجود خلل في المنظومة الاقتصادية، وغياب القرارات الإيجابية التي تحفز الاستثمارات غير المباشرة على الدخول من جديد. وأرجع الخبير تدنى أسعار الأسهم لمستويات حادة خلال الفترة الماضية تتجاوز نسب تراجع مؤشرات السوق إلى سببين رئيسيين، الأول سبب اقتصادى يتعلق باقتصاد البلد المتردى وانهيار سعر صرف العملة، والسبب الثانى من الناحية الفنية وهو أن سوق البورصة في اتجاه هابط على المدى الطويل ما انعكس على المؤشر الثلاثينى، وكان الصعود خلال بعض الجلسات في الفترة الماضية صعودًا تصحيحيًا لأعلى وبعدد محدود من الأسهم وليس كل الأسهم. أما مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة فما زال في اتجاه هابط على كل المستويات، وبالتالى لم يحدث أي صعود لأسهم المؤشر السبعينى ليصل إلى مستويات دنيا لم يصل إليها حتى في ظل الأزمة المالية العالمية. ورأى أن أسعار غالبية الأسهم في الوقت الحالى بلغت أدنى مستوى من قيمها العادلة، ويرجع ذلك إلى عدم جاذبيتها للمشترى الذي يشترى للمستقبل في ظل حالة عدم التفاؤل، فإنه يتخوف من الشراء على نفس الأسعار الحالية فيصدم بتراجع جديد لأدنى من المستويات السعرية الحالية. وينصح العويضى المتعاملين الحاليين بضرورة مراعاة نقاط وقف الخسارة، في ظل حالة التذبذب العالية التي تخيم على السوق والمائلة للهبوط والتي يستوجب معها ضرورة الحذر وعدم الاندفاع في اتخاذ قرارات سواء بالبيع أو الشراء. وقال بهاء عبدالنبى، خبير أسواق المال، إن البورصة تتحرك حاليًا في ظل أوضاع اقتصادية غير مستقرة، مؤكدًا أن أسعار غالبية الأسهم المتداولة حاليًا تراجعت بصورة حادة لأدنى من مستوياتها السعرية منذ عامى 2009 و2010 عندما كان المؤشر الثلاثينى يتداول حول مستوى 3500 نقطة تقريبًا، مشيرًا إلى أن هناك حالة من الصدمة تنتاب المتعاملين بسبب تراجع قيم الأسهم بصورة غير مسبوقة. وحمّل الخبير حالة التراجع الحاد التي تخيم على السوق والخسارة التي انعكست على الأسهم إلى سوء إدارة السوق من قبل إدارة البورصة المصرية والهيئة العامة للرقابة المالية وغياب الرقابة على أداء صناديق الاستثمار التابعة للبنوك، وكبرى شركات السمسرة والتي تبيع الأسهم حاليًا بمستويات متدنية للغاية أقل من الأسعار التي اشترت بها نفس الأسهم، على سبيل المثال سهم شركة القلعة والذي كان يتداول بسعر 14 جنيهًا قبل الثورة يتم بيعه حاليًا عند مستوى 65 قرشًا في الوقت الذي كان سعر الشراء عند 6: 7 جنيهات، وهو ما يوضح وجود علامات استفهام يجب أن يتم الإفصاح عنها. وقال حسام الغايش، مدير الاستثمار بشركة أسواق لإدارة المحافظ الاستثمارية، إن التركيز بشكل كبير على احترام نقاط الدعم والمقاومة والتقليل بشكل كبير من المديونيات خلال تلك الفترة من أبرز الأساسيات التي يجب أن يبنى عليها صغار المتعاملين قراراتهم الاستثمارية، مؤكدًا أن حالة الاقتصاد السيئة تنعكس بالتبعية على البورصة. وأشار «الغايش» إلى أن هناك عددًا من الظواهر التي تسيطر على السوق في ظل موجات الهبوط المفاجئة ويكون لها انعكاس سلبى على المتعاملين أبرزها تصفير الطلبات، وهو الأمر الذي تسبب في زيادة حالة عدم الثقة في السوق ويزيد من تخوف المستثمر من عدم قدرته على بيع الأسهم في التوقيت أو بالأسعار المناسبة. وأكد أحمد أبوسعدة، مدير إدارة المحافظ بشركة هورايزون لتداول الأوراق المالية، أن حالة من التخوف والذعر هي المسيطرة على سيكولوجية المتعاملين الأفراد وهى المتحكم الرئيسى في أدائهم بعيدًا عن اتجاه السوق ومنطقية القرار الاستثمارى، مطالبًا المتعاملين بمراقبة أحجام التنفيذ للسوق في حالة الصعود حيث إن ارتفاعها أثناء الصعود شرط أساسى لاستكمال الحركة الصاعدة مع الالتزام بتحديد مستويات لوقف الخسارة لكل سهم لديهم واحترامها.