قتل القيادى الجهادى المصرى أحمد سلامة مبروك المعروف ب«أبى الفرج المصرى»، أحد أركان تنظيم القاعدة فى سوريا، أمس الأول، إثر غارة لطيران التحالف الدولى الذى تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية، استهدفت سيارته بمدينة جسر الشغور بمحافظة إدلب السورية، التى تشهد توسعًا لنفوذ «جبهة فتح الشام» المنفصلة عن القاعدة، ليتكبد التنظيم سلسلة من الخسائر البشرية التى تعانى منها الفصائل السورية المسلحة، وعلى رأسها فتح الشام. و«مبروك» هو القيادى الجهادى المصرى الثانى الأبرز الذى قتلته قوات التحالف الدولى، بعدما استهدفت طائرة بدون طيار القيادى السابق بتنظيم الجهاد المصرى رفاعى طه عقب خروجه من اجتماع مع قادة الفصائل المسلحة فى مدينة إدلب السورية. وُلد أحمد سلامة مبروك عبد الرازق فى الثامن من ديسمبر 1956، فى قرية المتانيا بمركز العياط فى محافظة الجيزة، وأتم تعليمه الأساسى والثانوى بالقرية ثم التحق بكلية الزراعة جامعة القاهرة فى 1974، وعمل أثناء دراسته إخصائيًا فى إدارة الشئون الاجتماعية بالقرية. وفى تلك الفترة تعرّف «مبروك» بمحمد عبد السلام فرج، المنظر الجهادى الذى أصبح فيما بعد أميرًا لتنظيم الجهاد فى مصر، ودأب على الذهاب إلى بيته وحضور دروسه الدينية، التى تتناول بالأساس قضايا الجهاد والحاكمية، كما دأب على قراءة الكتب المرجعية للفكر الإرهابى فى مصر، وأبرزها «الفريضة الغائبة» لمحمد عبد السلام فرج، و«معالم على الطريق» لسيد قطب منظر جماعة الإخوان المسلمين. بدأ «مبروك» العمل الدعوى فى قريته، ونظم لقاءات دعوية امتدت إلى كليته بجامعة القاهرة وقرية ببا بمحافظة بنى سويف، كما حاول تطوير العمل الجهادى بالاشتراك مع عبد السلام فرج، حيث أعادا تنظيم ما عُرف ب«تنظيم الفنية العسكرية» الذى كوّنه عدد من الشباب الجهادى الملتحق بالكلية الفنية، وتم إلقاء القبض عليهم فى 1997. واستمر «مبروك» فى ذلك إلى أن أنهى دراسته الجامعية فى 1979 وتم تجنيده فى سلاح المخابرات الحربية بمنطقة حلمية الزيتون؛ إلا أنه استبعد من هذا السلاح بعد خمسة أشهر بسبب نشاطه ونُقل إلى سلاح الاستطلاع بمنطقة دهشور فى الجيزة، وأنهى خدمته العسكرية فى 1981. وفى نفس العام اُعتقل «مبروك» ضمن معتقلى «قضية الجهاد الأكبر»، عقب مقتل الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، وحُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات قضاها منعزلًا عن رفقائه من الجهاديين بالسجن، لا سيما فى خلافاتهم على مسألة الإمارة، التى تدّخل فى النهاية مع أيمن الظواهرى، زعيم تنظيم القاعدة فيما بعد، لفض منازعاتهم فيها دون جدوى. وخرج «مبروك» من سجنه فى 1988 فى قمة نشاطه الجهادى، فزار السودان مع جهاديين آخرين، ثم سافر للالتحاق بالجماعات الجهادية فى أفغانستان والتقى هناك «الظواهرى»، وعملا معًا فى «جماعة الجهاد» المصرية. ظل نشطًا بدول الاتحاد السوفيتى السابق حتى اعتقل فى دولة أذربيجان فى 1998، بعملية سرية بالتعاون بين المخابرات الأمريكية والمصرية. وأخفى جهاز أمن الدولة «مبروك» لمدة ثمانية أشهر، وأشاع أنه لا يزال هاربًا من البلاد، حتى جلسة النطق بالحكم فى قضية «العائدين من ألبانيا» فى إبريل 1999، حيث أعلن الجهادى أحمد النجار أن «مبروك» موجود لدى أمن الدولة. وأمر رئيس المحكمة العسكرية بإحضاره ليسمع النطق بالحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة، ليدخل السجن مرة أخرى دون تحقيق الجهات الأمنية التى أخفته سرًا معه، وواجه هذه المرة مسألة «المراجعات» التى نشرها بعض القادة الجهاديين من سجونهم يعلنون فيها تراجعهم عن أفكارهم، وبدأها القيادى الجهادى سيد إمام الشريف، العضو السابق بتنظيم الجهاد آنذاك، والذى ظل كتابه «العمدة فى إعداد العدة» مرجعًا للتنظيمات الإرهابية حتى بعد مراجعاته. وزعم إمام الشريف، موافقة «مبروك» على مبدأ المراجعة، وهو ما نفاه «مبروك» نفيًا قاطعًا، ونُشر رده فى جريدة الدستور المصرية ومركز المقريزى للدراسات التاريخية، الذى يديره هانى السباعى أحد منظرى القاعدة. ورغم خطورته كقيادة جهادية عتيدة إلا أن نظام الرئيس الإخوانى محمد مرسى أفرج عنه، ضمن الجهاديين السجناء الذين أُطلق سراحهم من السجون فى 2012، ليسافر «مبروك» إلى سوريا للالتحاق بجبهة النصرة التابعة للقاعدة والمقاتلة ضد الجيش السورى. وارتفعت مكانة «مبروك» سريعًا فى الجبهة حتى أصبح أحد قضاتها الشرعيين والرجل الثانى بها، وأحد المسئولين عن التحكيم بين الجبهة والفصائل المسلحة الأخرى فى الخلافات التى تنشب بينهم. وبرز «مبروك» على الساحة بقوة أكبر بعد تزايد الضغوط على «النصرة» من الفصائل الأخرى، لإعلان انفصالها عن القاعدة وعملها داخل الأراضى السورية فقط، واستجاب أبو محمد الجولانى، زعيم النصرة للمطالبات، وأعلن فى الثامن والعشرين من يوليو الماضى انفصال النصرة، وتغيير اسمها إلى «جبهة فتح الشام»، فى تسجيل ظهر فيه كاشفًا عن وجهه للمرة الأولى، وظهر إلى جانبه «مبروك».