سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القضاء الإداري يلزم الدولة بعلاج طالبة مريضة بالتصلب العصبي مجانًا.. المحكمة: عدم تقديم الخدمة الصحية للفتاة يعرض حياتها للخطر.. ويجب النظر لأوجاع الناس بعين الرحمة
أكدت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، أنه محظور على الدولة تحصيل فارق سعر الدواء لطلاب المدارس وإلزامها بكامل ثمن علاجهم من التصلبات المتعددة بالجهاز العصبى. وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى السلبى بالأمتناع عن صرف الدواء المقرر لعلاج الطالبة / إسراء عبدالمولى الرشيدى من مرض تصلب متعدد بالجهاز العصبى المعروف باسم التصلب العصبى المتناثر Multipl Scelerosis المتمثل في عقار Gilenya cap بصورة دورية مستمرة دون تحملها بفارق سعر الدواء، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام الهيئة بصرف ذلك الدواء وعرض حالتها على الطبيب المختص دوريا لتقرير مدى حالتها الصحية في ضوء ما يسفر عنه تناول ذلك الدواء وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. قالت المحكمة إن الاضرار الناجمة عن امتناع علاج الطالبة يعرض حياتها للخطر بل ينال من حقها في الحياة وقد كان يتعين على القائمين على مرفق هيئة التأمين الصحى بدلا من التحلل من ربقة الالتزام الدستورى بعلاج المرضى المشمولين قانونا برعايتهم صحيا وعلاجيا أن يقوموا بدورهم المنوط بهم قانونا لإنقاذ حياة الطالبة وهى الضعيفة المجردة من كل سلطان ازاء فقر والدها، وكان الأولى بهم النظر اليها بعين الرحمة وبحث حالتها المرضية لا بحث كيفية التحلل من ربقة الالتزامات التي اوجبها الدستور والقانون تجاه المواطنين من حقوق في علاجهم، بموجب حكم المادة 18 من الدستور التي ألزمت الدولة باقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض بل جعل الامتناع عن تقديم العلاج باشكاله المختلفة لكل إنسان في حالت الطوارئ أو الخطر على الحياة جريمة يعاقب عليها القانون، فضلا عما فيه من امتهان لاحكام الدستور وللمواطنين الذين ارتضوا هذا الدستور وعلى سلطات الدولة وهيئاتها الاذعان له باعتباره تعبيرًا عن إرادة الامة. وأضافت المحكمة أن المادة (12) من الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي اقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة في 16/12/1966 ووقعت عليها مصر في 4/8/1967 وصدر قرار جمهوري رقم 537 لسنة 1981 بالموافقة عليها تنص على أنه: " تقر الدول الاطراف في هذه الاتفاقية بحق كل إنسان في التمتع بأعلي مستوي من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه وعليها تأمين الخدمات والعناية الطبية للجميع في حالة المرض وعليها كذلك الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها." كما نصت المادة ( 24 ) من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة عن الجمعية العامة للامم المتحدة بالاجماع في جلستها المنعقدة في 20 نوفمبر 1989 على أنه " تعمل الدول الاطراف على تمتع الطفل بأعلى مستوى صحى يمكن بلوغه وتبذل قصارى جهدها لتضمن عدم حرمان الطفل من تمتعه من خدمات الرعاية الصحية وتتخذ كل التدابير لخفض وفيات الرضع والأطفال وتطوير الرعايا الصحية الدولية ومكافحة الأمراض وسوء التغذية..." وذكرت المحكمة أن التضامن الاجتماعى والعدالة الاجتماعية يمثلان ركنا جوهريا للمقومات الأساسية التي يقوم عليها أي نظام ديمقراطى، ذلك أن التزام الدولة بكفالة خدمات التأمين الاجتماعى والصحى يعمق رابطة الولاء السياسي والانتماء بين المواطن ووطنه خاصة الطلاب ركيزة المجتمع ومستقبله القريب مما يعود بالاستقرار على الوطن فان الدولة ممثلة في الهيئة العامة للتأمين الصحى ملزمة برعاية المؤمن عليهم رعاية صحية وعلاجية كاملة بما في ذلك صرف الدواء وهذا الالتزام لا ينفك عنها الا بشفائهم أو بثبوت عجزهم وذلك في مقابل ما يدفعونه من اشتراكات التأمين الصحى ومن ثم وجب على الدولة القيام بهذا الالتزام دون أن يكون ذلك تفضلا منها عليهم ولا يجوز لها الاحجام تنصلا منها اليهم فحق الإنسان في الحياة يعلو على كل الحقوق الاخرى. وأوضحت المحكمة أن التأمين الصحى ملزم تجاه طلاب المدارس بما يلى: (أولا ) الخدمات الصحية الوقائية، وتشمل: (أ) الفحص الطبى الشامل عند أول التحاق للطالب عند بدء كل مرحلة من مراحل التعليم. (ب) التحصين ضد الأمراض. (ج) الفحص الطبي النوعي للطالب بصفة دورية، أو لظروف صحية طارئة. (د) إعطاء التوصيات الطبية للجهة التعليمية لتوفير الاشتراطات الصحية اللازمة للمحافظة على مستوى صحة البيئة. (ه) الكشف على الطلاب الممارسين للأنشطة المختلفة لتقرير مدى لياقتهم للقيام بهذه الأنشطة. (و) نشر الوعي الصحي بين الطلاب. (ز) الإشراف على تغذية الطلاب إن وجدت. (ثانيا ) الخدمات العلاجية والتأهيلية: وهى التي تقدم داخل الجمهورية في حالتى المرض والحوادث، وتشمل بصفة خاصة: (أ) الخدمات الطبية التي يؤديها الطبيب الممارس العام في جهات العلاج المحددة. )ب) الخدمات الطبية على مستوى الأطباء الأخصائيين بما في ذلك أخصائيو الأسنان. )ج) الفحص بالأشعة والبحوث المعملية وغيرها من الفحوص الطبية. )د) العلاج والإقامة بالمستشفى أو المصح أو المركز التخصصي وإجراء العمليات الجراحية وأنواع العلاج الاخرى. )ه) صرف الأدوية اللازمة للعلاج. ) و) تقديم الأجهزة التعويضية شاملة النظارات الطبية. وأشارت المحكمة إلى أن الطالبة / اسراء مقيدة بالمدرسة الثانوية الفنية بنات بالمحمودية بالبحيرة ومؤمن عليها لدى التامين الصحى طبقا للقانون رقم 99 لسنة 1992 في شأن التأمين الصحى على الطلاب وهى تعانى من مرض تصلب متعدد بالجهاز العصبى المعروف باسم التصلب العصبى المتناثر Multipl Scelerosis وتحتاج إلى دواء عقار Gilenya cap شهريا على نحو ما ثبت من تقرير صادر من الهيئة المدعى عليها والمقدم ضمن حافظة مستندات المدعى ذاته إلا إن الهيئة المدعي عليها قد امتنعت عن صرف هذا العقار بالجرعة المقررة لها وعلى النحو البادى من كتاب رئيس الإدارة المركزية للتموين الطبى والصيدليات المؤرخ 7/7/2015 المقدم ضمن حافظة مستندات الإدارة الموجه إلى مدير إدارة التموين الطبى والصيدليات مفاده أن السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحى وجه إلى مساهمة الهيئة بمبلغ 3375 جنيهًا ويتحمل المريض الفرق فيما زاد عليه، وان المبلغ الذي يتعين أن يتحمله المريض شهريا هو 4678 جنيهًا وفقا للقسيمة المقدمة من والدها الذي لم يجد طريقا سوى تدبير هذا المبلغ ومنحه للتأمين الصحى لإنقاذ حياة ابنته على النحو البادى من قسيمة دفع المدعى لمبلغ 4678 جنيهًا بتاريخ 24/2/2016 وهو تصرف لا يليق من تلك الهيئة في التعامل مع المرضى خاصة الطلاب الذين الزمها القانون بعلاجهم مجانا ويغدو تحصيل هذا المبلغ باطلا، ولما كان ذلك وكانت الدولة ممثلة في الهيئة العامة للتأمين الصحي ملتزمة بكفالة خدمات التأمين الصحي والاجتماعي لكل مواطن وتوفير الرعاية الصحية له بما يشمله ذلك من صرف الدواء اللازم له بالمجان لمواجهة الام المرض، ومن ثم تلتزم الهيئة المدعي عليها وفقا للدستور والقانون بتوفير العقار المذكور للمدعى بالمجان مع تحمل الهيئة لكامل قيمة تكاليف هذا العقار طيلة فترة علاج الطالبة وحتى تمام شفائها من هذا المرض. واختتمت المحكمة حكمها أن التأخير في منح الطالبة جرعات العلاج يعرض حياتها للخطر ويحرمها من حقها في العلاج المجانى ويمس حقها في الحياة وهما حقين دستوريين ويتوجب على الدولة ممثلة في هيئة التأمين الصحى بذل العناية اللازمة لتخفيف معاناة الأطفال المرضى من الام المرض العضال الذي ألم بهم، إلا إن الجهة الإدارية تحجرت قلبها تجاهها واصمت اذانها عن سماع صيحات الامها بامتناعها عن علاجها فطرقت الطالب باب العدالة الذي لا يوصد في وجهه طارق، فمن عَفَّ عن ظلم العباد تورعا جاءته ألطاف الله تبرعا، والمحكمة بحكم ما وسده اليها الدستور والقانون تستيقظ ضمير الجهة الإدارية بألا تقف موقف المتفرج من طلاب المدارس المرضى بما يؤدى إلى ظلمهم ذلك أنها يجب أن تعى أن القبر سيوفر متسعًا من الوقت للصمت الكبير.