من السهل وضع سهم الفأرة على التطرّف الدينيّ، وملحقاته من عنف وتهريج هُرائيّ، ثم نقرة إلغاء. معرفة الله لا تكون بغير علم، فأنت فى حضرة العليم، ولا تكون بغير اقتدار، وأنت فى حضرة القدير. إذا كنت ترفض تجديد الفكر الدينيّ، وترى أن كلّ ما قيل قديمًا، من دون تمحيص، هو القول الفصل إلى يوم الدين، ما يعطّل العقل ويجعل الدماغ كالزائدة الدودية بلا وظيفة، فتحرّف الكلم عن مواضعه، صانعًا من السماحة حسامًا على الرقاب، قل لنا كيف عرفت الخالق، وأنت لا تعرف شيئًا من آياته فى الخلق والخليقة؟ كيف تتسنّى من دون علم بأسرار الكون والحياة؟ هل علماء الفيزياء والكيمياء والأحياء، يأتون بشيء من عندهم، أو هم يكتشفون القوانين التى أبدع بها الخبير الكون والحياة؟ لم يدّع القدامى أن ما قالوه هو منتهى العلم، وكانوا يختمون كل رأى بالقول: «والله أعلم». هب بعض القدامى والمعاصرين توهّموا أن العلم بلغ منتهاه، فهل ذلك برهان يبطل تقدم العلوم؟ أليس هذا تعطيلاً لمعرفة قوانين خلق الكون والحياة، وسوء فهم لإرادة الله؟ قبل القرن العشرين كان علماء الفيزياء يتصورون أن مجرّة سكة التبانة هى الكون، ولا شيء غيرها. اليوم نعلم أن فى الكون أكثر من مئة مليار مجرّة، ولا يدرى العلماء ماذا وراء تلك الأبعاد التعجيزية الإعجازية، بل لا يعرفون حتى العدد الحقيقيّ لنجوم مجرتنا، أهو مئة مليار أم مئتان؟ وكان العلماء، قبل القرن العشرين، يصرّون على أن المادّة لا تتحوّل إلى طاقة، فكيف قبلوا التغيير والتطوير؟ إن قوانين الفيزياء لم تتغير منذ بداية الكون ولن تتغيّر، ما يتغير هو تصحيح فهم العلماء، ولا يزالون فى الخطوات الأولى. هل تعلم أن السيف الذى تتهدّد الأبرياء به، صنع حديده فى نجوم أشدّ حرارة من الشمس، قبل مليارات السنين؟ بل هل علمت أن جسمك أربعون فى المئة منه أوكسجين صنع فى تلك النجوم، فمن أين لك التوهّم بأن الله استخلفك فى الأرض للقضاء فى لحظة على من مهّد الخالق لظهور معادن تكوينهم على الأرض قبل وجود الأرض؟ لمَ لم تتعلّم العلوم التى تجعلك تخشى الله كالعلماء؟ لمَ العلم عندك إساءة فهم آية تقطع بها رؤوس من أوجدهم البارئ ليعمروا الأرض؟ لزوم ما يلزم: النتيجة المنطقية: الذنب ذنب الأنظمة التى حرمتك السبل العلمية الحقيقية إلى معرفة الخالق، فغدوت عدوّ معرفته. نقلاً عن صحيفة «الخليج»