ارتفاع كبير للأسهم الأمريكية في تعاملات اليوم    ترامب: إيلون ماسك فقد عقله ولست مستعدا للحديث معه    الحرب في عصر الذكاء الاصطناعي    المملكة المتحدة : تحديد جلسة لمحاكمة 3 أشخاص في افتعال حرائق استهدفت رئيس الوزراء البريطاني    مبادرة العيد أحلى في مراكز الشباب.. أنشطة ترفيهية وثقافية بشمال سيناء في أول أيام الأضحى    رسميا.. رافينيا أفضل لاعب في الدوري الإسباني    كيفية اختيار أضحية العيد وشروطها؟.. استشاري توضح    وزير التموين: غرفة عمليات لمتابعة الأنشطة التموينية خلال إجازة عيد الأضحى    في أول أيام العيد.. مصرع طالب غرقا ببني مزار بالمنيا    الملايين يصلون «الأضحى» بالساحات والمساجد فى القاهرة والمحافظات    مباراة المغرب ضد تونس مباشر اليوم.. الموعد والمعلق والقنوات الناقلة    وزير التموين: استمرار عمل المجمعات الاستهلاكية خلال أيام العيد    كل أهداف الترجى التونسى فى كأس العالم للأندية (فيديو)    حاملًا سلاحًا في بوستر «7DOGS».. ويُعلق: «زيزو مش في الفيلم.. أنا في الأهلي»    النجم العالمي جيمي فوكس يشارك في إنتاج الفيلم المصري "هابي بيرث داي"    أرقام موسم عيد الأضحى في 10 سنوات: تامر حسني الأكثر استمرارية وكريم وعز يتصدران الإيرادات    جولات العيد في المنيا.. وكيل وزارة الصحة تتفقد عددا من المستشفيات وتطمئن على جاهزيتها    وزيرة العدل الأوكرانية: أمامنا عام واحد لتلبية شروط التمويل الأوروبي الكامل    حسين لبيب: تتويح الزمالك ببطولة كأس مصر نتاج عمل جماعى.. صور    السعودية: 10 آلاف نشاط توعوى و34 مليون رسالة خلال يومي التروية وعرفة    مصرع طفل سقط من علو في أكتوبر    محافظ الإسماعيلية يتفقد المجمع الطبى بحى ثالث فى أول أيام عيد الأضحى    ياسر جلال يحتفل بالعيد مع الفنان مصطفى أبو سريع بفيديو كوميدي    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    المجمعات الاستهلاكية تواصل عملها في أول أيام عيد الأضحى    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية هدى العجيمي مقدمة برنامجي مع الأدباء الشبان وإلى ربات البيوت    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    أمين "الجبهة الوطنية" يؤدي صلاة عيد الأضحي مع أهالي قريته بالغربية (صور)    بالفيديو| مها الصغير تغني "علي صوتك" ومنى عبدالغني تشاركها الغناء    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    الطرق الصحيحة لتجميد وطهي اللحوم    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    «وداعًا للحموضة بعد الفتة».. 6 مكونات في الصلصة تضمن هضمًا مريحًا    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    سعر الريال السعودي مع بداية التعاملات في أول أيام عيد الأضحي 2025    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    المثلوثي: جمهور الزمالك نمبر 1.. وناصر منسي: سنبني على تلك البطولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كهف الفساد في مصر
نشر في البوابة يوم 15 - 08 - 2016


عفاف حمدي وسمارة سلطان وإسلام نصير وسمير عثمان
فى خطابه الأخير، تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى، عن الفساد وضرورة محاربته، من أجل بناء دولة حديثة، بعيدًا عن الارتباط بصندوق النقد الدولى، أو الحصول على قروض من أجل دعم المشروعات التنموية فى مصر.
وسعيًا نحو كشف الفساد فى بر مصر، رصدت «البوابة»، مئات المليارات المهدرة من خزينة الدولة، سواء تلك التى أعلنتها الجهات الرسمية، أو التى ما زالت قيد التحقيقات.
يأتى على رأس قائمة الفساد ما كشفت عنه لجنة تقصى الحقائق فى وقائع فساد القمح، كما أكد تقرير للجهاز المركزى للمحاسبات وجود إهدار مال عام فى وزارة الإسكان، إلى جانب مئات المليارات تم الإعلان عنها، من قبل الجهات الرسمية الخاصة بالتحقيق فى قضايا استرداد الأراضى، التى ما زالت تباشر عملها، لتظهر فى النهاية أرقام خيالية، تم صرفها بغير حق، سواء بالعمد أو بغير قصد، وتم إهدار هذه الأموال من الخزانة العامة للدولة، لتمثل وقائع فساد ضخمة، يمكن حصرها ومحاسبة المسئولين عليها.
كشف هذه الوقائع يقودنا إلى تساؤلات مشروعة، حول التشريعات التى يجب أن تصدر لمحاربة ومواجهة الفساد فى مصر، وفى المؤسسات التى يوجد بها العديد من المخالفات، وكذلك عن آليات الأحزاب السياسية، التى من المفترض أن تكون شريكًا للدولة فى محاربتها جميع أنواع الفساد، فضلًا عن أن استرداد هذه الأموال المنهوبة، يجعل مصر فى غير حاجة إلى قرض صندوق النقد الدولى، ويجعلها أيضًا قادرة على زيادة الاستثمار وإقامة مشروعات عملاقة، تساهم فى حل العديد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، التى تعانى منها مصر.
قالت إن: «أذرع الفساد» متغلغلة فى الجهاز الإدارى للدولة
أحزاب تطالب ب«نسف تركة المخالفات» فى «التموين» و«الزراعة»
كان حديث الرئيس السيسى بالإسكندرية عن التأثير السلبى للفساد على الاقتصاد المصرى، بمثابة صك للأحزاب والنواب لتقديم آرائهم فى تقديم حلول عاجلة لمواجهته داخل الجهاز الإدارى للدولة، فى ظل تشديد الرئيس على أنه جاد فى مكافحته، منوهًا بأن الدولة لن تنجح وحدها فى إدارة اقتصاد البلاد.
قال النائب مجدى ملك، رئيس لجنة تقصى الحقائق بمجلس النواب، إن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى واضحة فى محاربة الفساد والفاسدين ولن يوجد مسئول فى مصر فاسد فوق المُساءلة والمُحاسبة، موضحا أن اللجنة باشرت عملها دون أى ضغوط فى قضية «صوامع القمح».
وأضاف مجدى أن لجنة تقصى الحقائق البرلمانية هى من أجل استجلاء الحقائق، ولكن هناك جهات رقابية منوطًا بها كشف الفساد فى باقى ال517 صومعة، وعلى الأجهزة الرقابية أن تحتذى بما فعلته لجنة تقصى الحقائق من أجل كشف الفساد.
وكشف رئيس لجنة تقصى الحقائق، أن اللجنة كشفت فسادًا يخص وزارة الزراعة ووزارة التموين واللجنة الرباعية المشكلة للاستلام.
وقال أحمد السجينى رئيس لجنة الإدارة المحلية ونائب حزب الوفد، إن الفساد بشكل عام يرتبط بحساب مالى وإهمال إدارى، وأدوات مكافحته تتمثل فى تفعيل دور «524» نائبًا برلمانيًا، ومجلس الوزراء باعتباره الشق التنفيذى، ثم المجالس المحلية والتى ستفرز انتخاباتها عن «70» ألف عضو فى مختلف المحافظات.
وأشار السجينى إلى أن محاربة الفساد تستلزم تطهير المنظومة الإدارية، وتفعيل دور المجالس الشرعية وخاصة المحليات، فتلك الجهات هى الرقيبة على الأوضاع الاقتصادية، وهى التي ستحكم الأسواق، موضحًا أن قيام المحليات بشكل قوى سيساعد فى مواجهة الفساد.
ولفت رئيس لجنة الإدارة المحلية النظر إلي أنه ليست المرة الأولى أو الأخيرة يتحدث الرئيس السيسى عن الفساد، موضحا أنه كرره أكثر من مرة ليلفت النظر إلى أنه يعى تمامًا ما يعطل خطة التنمية.
من ناحيته أشار عبدالحميد كمال، النائب البرلمانى عن حزب التجمع، عضو لجنة المحليات، إلى أن الحزب قدَّم إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى ثلاثة ملفات حول الفساد فى وزارتى الزراعة والتموين ووزارات أخرى للاطلاع عليها واتخاذ إجراءات حيالها، مضيفا أن الفساد له أذرع ورؤوس متوغلة فى الجهاز الإدارى للدولة ويجب محاربته بكل ما أوتينا من قوة.
وقال كمال إنه حتى الآن لا توجد مواجهة حقيقية للفساد رغم إعلان تشكيل لجنة الشفافية والنزاهة برئاسة مجلس الوزراء، ولكن لم تقم بعمل اجتماعات ولا إجراءات حاسمة، رغم أن استراتيجيتها أعلنت منذ أكثر من سنتين، وبالتالى يُسأل شريف إسماعيل فى هذا.
وتعجب كمال من فكرة التصالح مع رموز النظام القديم، قائلًا «نسمع كثيرًا عن مواجهة الفساد، ولكن الفاسدين هم من يسيطرون على القمح، وتجارة العملة، ويتم التصالح معهم بدفعهم أموال قليلة مما نهبوه»، موضحًا أنهم طالبوا بعمل لجنة داخل مجلس النواب، لدراسة تقارير الجهاز المركزى وتقارير تكلفة الفساد وتقارير الرقابة الإدارية، وحتى الآن لم يتم تشكيلها، ونحن علي وشك انتهاء دورة الانعقاد الأولى. من جانبه يقول محمد بدراوى، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية المصرية، إنه سبق وقدم استجوابًا لوزير الصحة جراء حالات الفساد بالوزارة، والتى تجلت فى ضبط الأجهزة الرقابية لمستشار الوزير فى واقعة رشوة بمبلغ 4.5 مليون جنيه من إحدى الشركات الخاصة مقابل إسناد بعض الأعمال لها بالأمر المباشر، وهذه الواقعة كانت تستوجب تقديم الوزير لاستقالته. وأضاف بدراوى أن هناك مئات الاستجوابات التى قدمت بشأن «الفساد» فى الأجهزة التنفيذية والإدارية للدولة، وآن الوقت لكى يتم فتح التحقيق فيها. فيما قال شهاب وجيه المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، إن القطاع العام صاحب الفساد الأكبر، مؤكدًا أن تضخم القطاع العام هو السبب الأول فى الفساد المنتشر فى قطاعات الدولة، والدولة تقوم بدور أكبر من دورها الطبيعى، فسيكون دائمًا هناك من يحاول الاستفادة مما يتسبب فى وجود واستمرار الفساد، بالإضافة إلى عدم وجود رؤية أو برنامج سياسى لدى الحكومة. وأوضح وجيه، أنه لا بد من الحكومة الكف عن التصريحات التى تغازل الرأى العام، مضيفًا، أن أصل المشكلة فى مصر هى عدم وجود إنتاج بسبب أن المناخ العام غير مشجع، على أن يكون هناك استثمار منتج، والسبب البيروقراطية والروتين، مشيرًا إلى أن الحل هو مواجهة الشعب بالإصلاحات التى قد تبدو غير شعبية، والتى ستهاجم من المستفيدين من بقاء الأوضاع على ما هي عليه، وسيكون هناك إصلاح وهو تقليل حجم القطاع العام بكل ما يشكله من فساد ورواتب تدفع دون مقابل حقيقى. أما مدحت الزاهد نائب رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، فأكد أن على الدولة إعادة النظر فى قانون الخصخصة، وتطوير شركات القطاع العام، ومنع سياسات الاحتكار التى تساهم فى ارتفاع الأسعار، والعمل على توسيع بناء المصانع لزيادة الإنتاج حتى تتم مواجهة توحش رأس المال.
«السيد»: أبواب الفساد مفتوحة أمام الموظفين
قانونيون: التشريعات «غير منضبطة» والدولة عاجزة
يرى عدد كبير من القانونيين أن مشكلة الفساد فى مصر، لا تتعلق بنقص التشريعات اللازمة لمكافحة الفساد، مرجعين السبب إلى فشل الدولة فى تطبيق هذه التشريعات، الأمر الذى يطرح تساؤلًا حول طبيعة الإجراءات المتخذة من قبل الجهات التنفيذية فى تطبيق هذه التشريعات وتغليظ العقوبات، وتفعيل أدوار المؤسسات الرقابية، فعلى الرغم من تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد ترأسها المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، وضمت عددًا من الوزراء، فإن هذه اللجنة لم تجتمع إلا مرة واحدة بعد تجديد الثقة فى الحكومة من قبل مجلس النواب.
وقال الدكتور شوقى السيد، الفقيه الدستورى، إن أوجه الفساد المستشرى فى مصر لا تتعلق بنقص التشريعات المطلوبة لمكافحة الفساد، وإنما بكيفية تطبيقها، مشيرًا إلى أنه كلما تعقدت الإجراءات وضعفت مسئولية المؤسسات الرقابية، فإن أبواب الفساد تظل مفتوحة أمام الموظف الصغير قبل الكبير.
وأضاف السيد ل«البوابة»، أن النصوص التشريعية يجب أن تكون محكمة للتصدى لجميع أنواع الفساد فى البلاد، لافتًا إلي أن الرقابة الصارمة تجعل أبواب الفساد موصدة. فمعظم القوانين الخاصة بالمحليات، والاستثمار، والتجارة، والعاملين بالدولة، تحتاج لضبط تشريعى ومحاسبة ومعاقبة المخطئين.
وأوضح، أن عدم توقيع العقوبات على المخطئين، يؤدى إلى اتجاه الناس إلى الحجرات المغلقة وازدياد الرشاوى فى القطاع الحكومى، مشددًا على دور الصحافة ووسائل الإعلام بأن تكون كاشفة لقضايا الفساد ومعبرة عن الرأى العام، دون اتباع سياسة لطم الخدود، كما يجب أن يكون تطبيق حظر النشر فى القضايا الحساسة فى أضيق الحدود، لأن الإفراط فى حظر النشر يؤدى إلى انتشار الفساد، لافتًا إلى أن المأساة الحقيقية فى تطبيق التشريعات بسوء نية، مما يصدر الشعور بالظلم لدى المواطنين ما ينافى تطبيق مبدأ العدالة فى البلاد.
فى السياق ذاته، قال الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، إن الجزء الأكبر فى منظومة الفساد، يقبع داخل المجالس المحلية، وهو الأمر الذى يتطلب تطبيق قانون إدارة محلية قادر على دحر الفساد المستشرى فى هذه المجالس، مشددًا على أن لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب تعمل على إصدار قانون قادر على مواجهة جميع أوجه الفساد.
وأضاف فؤاد ل«البوابة»، أن التشريعات الخاصة بتراخيص المحلات التجارية لا بد من إعادة ضبطها، لأنها تمثل الفئة الأكبر فى منظومة الفساد وتقلل الرشاوى وتدر دخلًا كبيرًا للدولة، لأن معظم المحلات والشركات التى صدرت بدون تراخيص تتهرب من الضرائب وقد تمارس أدوارًا ونشاطات مختلفة تدمر اقتصاد الدولة. وأوضح فؤاد، أن الفساد الممنهج المتمثل فى قضايا فساد القمح بوزارة التموين وصندوق تمويل الأوبرا وعدد من الصناديق الخاصة، يجب التعامل معه حسب الحالة وتوجد بالفعل تشريعات تجرم هذه الأفعال لا بد من البدء فى تطبيقها بصرامة للحد منها.
علياء المهدى: أيادى الحكومة «مرتعشة»
خبراء اقتصاد يطالبون «السيسى» بإعلان خطة المواجهة
أيد اقتصاديون ما جاء فى خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى، عندما قال إن الفساد سبب رئيسى فى عدم النهوض الاقتصادى للدولة، ولكنهم طالبوه بأن تكون هناك خطة واضحة معلنة لمواجهته فى مؤسسات الدولة، مضيفين أنه بسبب عدم التصدى للفساد تكبدت الدولة الملايين فى مختلف القطاعات، مما جعلها تلجأ لقرض صندوق النقد الدولى.
قالت الدكتورة يمن حماقى، أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس، إنه لا توجد نتائج واضحة لتصريحات أى مسؤول فى حديثه عن مواجهة الفساد، وهو ما تكرر بحديث الرئيس السيسى عنه، متسائلة: «لماذا لم يصرح السيسى بخطة واضحة لمواجهته باعتباره رئيس دولة يرى الفساد، ويتم تطبيقها مرورا بأكبر قيادة فى الدولة لأصغرها؟».
وأضافت «يمن»، أن قرض صندوق النقد من الممكن أن يكون خطوة إيجابية لو قامت الدولة بمحاربة الفساد، ومن خلال هذا ستواجه متطلبات القرض، ونتيجته ستصبح ايجابية، ولكن فى حال عدم حدوث إصلاح إدارى وعدم الوفاء بما تعهد به للشعب والصندوق فسوف تكون النتائج سيئة، وسوف تستمر المؤسسات فى إهدار الملايين على مرأى ومسمع الأجهزة الرقابية.
وقال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، إن هناك مجموعة اعتبارات وضعها الرئيس أمام الشعب وهى عجز الموازنة والمديونية وأزمة الدولار ووصفها بأنها ديون ومشاكل متراكمة منذ سنة 1977، لكن الرئيس لم يعرض على الشعب أى خطة تحاصر الفساد وتحاربه وتتصدى له. وأشار إلى أن المشكلة كلها تتعلق فى وزارة «شريف إسماعيل» الذى سبق أن صرح بأنه يتصدى للفساد حتى لا يتم توريثه لأبنائنا، ثم لم تقم مجموعته الاقتصادية إلا بضم كوادر ضعيفة ساهمت فى تفحل الفساد أكثر.
وطالب «عبده» بضرورة وضع قوانين رادعة للتصدى للمفسدين، ووضع قواعد تطبق على مؤسسات الدولة، من أجل الحد من الفساد والعمل على اجتثاثه من جذوره، مضيفًا أنه يجب تفعيل الأجهزة الرقابية على المؤسسات، وضرورة معاقبة المفسد بالقانون.
من جانبها، أكدت الدكتورة علياء المهدى، عميد كلية العلوم السياسية والاقتصاد بجامعة القاهرة، أن الأيادى فى الحكومة مرتعشة، وحتى الآن لم تقم بأى إصلاح حقيقى، كما أن البيئة المؤسسية هى التى أدت إلى تراخى الاقتصاد وليس الفساد فقط، موضحة أن عدم نشاط الاقتصاد لا يرجع إلى انتشار الفساد وإنما أيضا إلى عدم اكتمال الإطار التشريعى للاستثمار.
وأضافت أن وجود بيئة مناخية تشريعية مناسبة للاستثمار، يؤدى إلى طفرة حقيقية، ولكن لم تكن هناك جدية فى ذلك على الرغم من إصدار الرئيس السيسى ما يزيد على 300 قانون فى فترة غياب البرلمان، ولذلك كان القرض هو السبيل للخلاص من تلك الأزمة، مشيرة إلى أن الحكومة لم تشجع القطاع الخاص رغم أنه المشغل والمنتج الأكبر ولكن نسبته فى دعم الاقتصاد تتراجع.
16 مليار جنيه مهدرة فى نقاط الخبز وتكلفة الطحن
بالأرقام والوقائع.. 36 مليار جنيه فاتورة فساد وزارة التموين
القضية بدأت عندما تم اكتشاف وجود عجز فى توريد محصول القمح، وهو ما دعا إلى تشكيل لجنة لتقصى الحقائق، لعبت دورًا كبيرًا فى كشف الفساد فى الصوامع الخاصة، حسبما أكد عضو اللجنة إيهاب عبدالعظيم، مشيرا إلى أن اللجنة زارت 10 مواقع تخزين، ما بين «مواقع، وشون، وبناكر» وكشفت فسادًا بها تصل تكلفته إلى نصف مليار جنيه، لافتًا إلى أنه لو قدر للجنة الاستمرار فى عملها لفترة أخرى، وتقوم بالتفتيش على بقية الصوامع والشون التى يتم تخزين القمح بها، لكانت ستكتشف بالتأكيد عن حجم فساد أكبر منوهًا بأن اللجنة انتهت من مهمتها وستقوم بتسليم التقرير النهائى الخاص بعملها، إلى الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، فى نهاية الشهر الجارى، بعد الانتهاء من ضم جميع المستندات والأوراق الخاصة بالقضية إلى التقرير.
«عبدالعظيم» أوضح أن الجهات الرقابية الأخرى، كشفت عن فساد مالى فيما يقرب من 100 موقع آخر يقدر بنصف مليار جنيه أخرى، لافتًا إلى أن الفساد منتشر فى هذه المنظومة، نتيجة عدم الرقابة، وبسبب عدم وجود آليات استلام وتوريد صحيحة، وهو ما يدعو أصحاب الصوامع، إلى خلط القمح المحلى بالمستورد، لزيادة السعر، وهو ما يتسبب فى خسائر لخزينة الدولة.
من جهته يؤكد عمرو الحينى، رئيس غرفة مطاحن 72، بغرفة الحبوب باتحاد الصناعات، أن الفساد رهيب فى وزارة التموين، حيث تتعدد أشكاله بين تهرب ضريبى، وتكلفة طحن وتشغيل، وإهدار مال عام فى نقاط الخبز، ومنظومة الكارت الذكى، متوقعا وصول حجم الفساد فى قضية القمح، إلى 5 مليارات جنيه، وهو ما اتفق معه فيه، ياسر عمر شيبة، عضو لجنة تقصى الحقائق، وعلل «الحينى» ذلك بأن إجمالى العجز فى مخزون القمح، وصل إلى 50٪، وهى الأرقام التى أعلنت عنها الجهات الرسمية، مثل لجنة تقصى الحقائق، وإجمالى المخزون يساوى حوالى 14 مليار جنيه، وهى القيمة الفعلية، إذن ال50٪ تمثل 5 مليارات جنيه وليس 7 مليارات، لأن هناك أمورًا سنجدها مختلفة قليلاً.
ويلفت «الحينى» إلى أن وزارة التموين أهدرت على خزينة الدولة، ما يقرب من 14 مليار جنيه فى العام الماضى فى منظومة الخبز، منوهًا إلى أن المنظومة كانت تهدف إلى التغلب على التسرب فى الدقيق، المقدر ب6 مليارات جنيه، وإجمالى دعم المنظومة كان 22 مليار جنيه سنوياً، ولكن ما حدث أنه بعد تطبيق المنظومة، كانت وزارة التموين استهلكت 21 مليارًا و520 مليون جنيه، من إجمالى 22 مليارًا إجمالى الدعم، فى 9 شهور فقط، وفى الثلاثة شهور المتبقية تم رفع الميزانية إلى 30 مليارًا، بما يعنى أنها استهلكت 8 مليارات جنيه فى الثلاثة الشهور المتبقية من العام، وبإضافتها إلى التسرب المقدر ب6 مليارات، يصبح إجمالى الأموال المهدرة من خزينة الدولة فى عام واحد 14 مليار جنيه، وفيما يتعلق بمنظومة «الكارت الذكى» فيؤكد الحينى، أن شركة «سمارت» التى تقوم بإصدار هذه الكروت، تحصل على 20 مليون جنيه فى الشهر الواحد، بما يعنى أن الكارت الواحد يساوى جنيهًا، بما يعنى أيضًا أن التكلفة السنوية تساوى 240 مليون جنيه.
تكلفة الطحن، نوع آخر من أنواع الفساد داخل منظومة وزارة التموين، حسبما يؤكد د. الحينى، مشيرا إلى أن المطاحن الخاصة تقوم بطحن الطن مقابل 120 جنيهًا، ولكن فى المطاحن المتعاقدة معها الحكومة يتم الطحن ب500 جنيه للطن، ويستحيل أن تقوم الحكومة بالطحن فى المطاحن الخاصة، لأنها هناك عملية احتكار، وبحساب الفارق بين سعر الطحن فى المطاحن الخاصة، والمطاحن المتعاقدة معها الوزارة، يتضح أن هناك ما يزيد على 3 مليارات جنيه و800 مليون إهدار مال عام، بسبب الاحتكار فى الطحن.
وعن التهرب الضريبى، يوضح عضو غرفة صناعة الحبوب، أنه من المفترض أن تقوم المطاحن بدفع 25 جنيهًا على الطن، بينما يتم دفع 18 جنيهًا فقط، بفارق 7 جنيهات، وعند حسابها فى إجمالى الكمية المقدرة ب10 ملايين طن، يصبح العجز حوالى 70 مليون جنيه مهدرة من خزينة الدولة، جراء التهرب الضريبى.
أما فيما يخص الجزء الخاص بنقاط الخبز، فيشير عضو الغرفة، إلى أن هذه الجزئية أكبر دليل على فشل وزارة التموين، لأن الحديث عن توزيع نقاط خبز بحوالى 500 مليون جنيه، يجب أن يقابله مليار جنيه فى خزينة الدولة، وذلك لأن كل 10 قروش يتم توفيرها، يعنى توفير 20 قرشًا من الدعم على الدولة بشكل شهرى، وهو ما يعنى أن الدولة يجب أن يكون لديها مليار جنيه شهريًا حصيلة النقاط، وهو ما يعنى أيضًا وجود 12 مليار جنيه سنوياً، وهذا نوع آخر من إهدار أموال الدولة. وحول هذه النقطة تحديدًا، كشف بيان تحليل دعم الخبز، الصادر من هيئة السلع التموينية عن الحساب الختامى للسنة المالية 2015/2016، عن قيمة ما تم إنفاقه على نقاط الخبز، وبلغ 5 مليارات و564 مليونًا و500 ألف جنيه، وهذا المستند يوضح أن ما يتم توفيره من الدقيق مقابل نقاط الخبز يبلغ 4 ملايين و513 ألفًا و152 طنًا، بما يعادل 13 مليارًا و990 مليون و771 ألف جنيه، وهو المبلغ المفترض أن يتم توفيره من خزينة الدولة، فى مقابل توفير هذه الكمية من الدقيق، ولكن ذلك لا يتم، وهو ما يوضح الفساد الموجود فى منظومة الخبز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.