الاعتداء علي املاك الدولة بالبناء المخالف أو التربح منها بالتسقيع جرم لا يقبله عاقل وقضية باتت هي الأهم في نظر الجميع لذا تعالت الاصوات المطالبة باعادة تلك الاراضي وفق اليات ورسوم واجبه الدفع في مقابل التصالح وهو ما يفرض التساؤل ،هل يستوي من وضع يده علي القليل من الامتار واتخذه منزلا يأويه واسرته من الضياع والشتات بمثل من احتلوا مئات الافدنة ، واقاموا فوقها القصور والمنتجعات ، ولماذا تتعامل الدولة واجهزتها المعنية بيد من حديد مع الفقراء من واضعو اليد في الوقت الذي تفتح فيه كل ابواب التفاوض مع رجال الاعمال واصحاب النفوذ. معاناة حقيقية لم تتوقف علي قرية بعينها وانما امتدت لتشمل معظم القري الفقيرة بالوجه القبلي وصعيد مصر ، وعشرات الالاف من البسطاء المتهمين بالتعدي علي املاك الدولة والمهددون بالسجن ان لم تسقط عنهم الديون المفروضة والتي تزيد بشكل لا يمكنهم من السداد ولعل قرية "ابو كريم"-اسيوط، هي احدي هذه النمازج لذا كانت جولة "البوابة نيوز " مع الاهالي المجني عليهم والجناة في نظر القانون . قرية "عرب أبو كريم "قريه فقيرة منسية، تذكرتها الدولة فجأة بعد سنوات من التهميش والإهمال، لا لشيء سوى المطالبة بما لا يطاق من المديونيات، تقع تلك القرية على بعد 17 كيلو من مدينة ديروط التابعة لمحافظة أسيوط، يشتكي أهلها مر الشكوي بعد زيادة الرسوم المقررة عليهم تحت بند" ايجار" أراضي أملاك الدولة التي ارتفعت من 15 قرشا إلى 9 جنيهات للمتر الواحد، ما يمثل عبئا ثقيلا على أقوام عاشوا في بيوت من الطيب والطوب النيء، في أفقر محافظات الجمهورية، والتي تخطت نسبة الفقر فيها 65%. أما قبل.. قبل أن نشاهد الواقع بأعيننا أو نلتقط له صورا حيا انتقلنا وفي الأذهان أننا سنلتقي بأباطرة وشياطين وتجار وقطاع طرق وضعوا أيديهم عنوة على أملاك الدولة وتعدوا على حرمة أراضيها مستولين على مال الغير بسرقة مئات الافدنة والميترات، التي بنوا عليها عقارات شاهقة الارتفاع وفيلل ومنتجعات سياحية بعد تسقيع الأراضي وإعادة بيعها، كان الغضب يتملكنا نحو هؤلاء المغتصبون المدججون بالسلاح والقوة الذين ضربوتا بالقوانين عرض الحائط أما بعد وهنا حيث كانت وقفتنا في قرية أبو كريم، أنكست الصورة بشكل خرج عن كل التوقعات، فالحياة هنا بدائية للغاية، لا مجال للحديث عن ترف أو رفاهية، البيوت من طين وصلصال، وأخرى من بوص، عشش ومنازل بمساحات صغيرة للغاية لا تكفي لمعيشة أكثر من فردين، أناس على قيد الكريم، يسعون لالتقاط لقمة العيش يوم بيومه، بسطاء وليسوا طغاة، شرفاء حاولوا التعايش مع الفقر بأقل الامكانات، بنوا منازلهم بأياديهم هم ونسائهم وأطفالهم، وليس من خلال بيوت خبرة، لا توجد منتجعات ولا فيلل، كما داعبنا الخيال القاسي، لذا وجب الاعتذار لأقوام مزقتهم الديون على عدة امتار ارادوا بها افساح الطريق للغير ممن تهافتوا على شقق الإسكان والتعمير وبروتو السخنة. اقتربنا على استحياء من هؤلاء بعدسات "البوابة نيوز " متجهين نحو القرية الفقيرة، التي انتظرتنا بشغف بغية الحديث والافصاح عن المعاناة فكانت الوقفة مع الأهالي الذين تجمعت شكواهم في ارتفاع قيمة الإيجارات بنسبة كبيرة حتى وصل سعر المتر إلى 9 جنيهات، في ظل ضيق حال الأسر المهددة بالتشريد والحبس، بعدما تجاوزت الجزاءات المالية فيها مبلغ 85 ألف جنيه لا يملكون منها جنيه واحد. يقول عبد العزيز أحمد عبد الوهاب، من سكان القرية المتضررة، عليا محضر 85 ألف جنيه، أجيب منين كما أنه يسكن في منزل من الطوب اللبن ومسقوف من الخشب والبوص، ولايحميهم من برد الشتاء ولا شمس الصيف، مضيفا: «كنا ندفع في البداية15قرشا على المتر الواحد، واليوم، أنا مطالب بتسديد 15 ألف جنيه، وهل هذا يعقل على رجل فلاح ليس لديه أي مصدر دخل ويعول أسرة كبيرة وأطفال؟. بينما أوضح غريب عبدالله عبد الدايم، أحد أهالي القرية: «رغم المعاناة التي نعيشها يوميا، والتي تتطلب من الدولة مساندتنا ومد يد العون لآلاف الأسر ممن يعيشون تحت خط الفقر، فوجئنا برفع إدارة الأملاك والوحدة المحلية قيمة الإيجار عشرة أضعاف للمنازل التي نعيش فيها منذ عشرات السنين، وبتنا مهددين بالحبس أو الطرد والتشريد، ولم تلق شكوانا للمسؤولين من عدم قدرتنا على الدفع، أي استجابة»، مناشدا رئيس الجمهورية بالتدخل لإنقاذ الآلاف من أبناء محافظة أسيوط عامة وقرية أبو كريم على وجه الخصوص من السجن والتشرد. وتابع حلمى إبراهيم: "تقدمنا بالعديد من الشكاوى إلى مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية، دون أي ردود.. وليس معي أموال للسداد، وأطالب الحكومة بحجز المنزل وحبسي، طالما لا يوجد حلول للفقراء، وليس هناك مياه ولا كهرباء ولدى أطفال مرضى". وبنبرة حزن، قال عبد الجواد محمد عبيد فلاح 75سنة، من أهالي أبو كريم: «نجيب منين واحنا عايشين ومش لاقيين الأكل، ومطلوب مننا تسديد 20 ألف جنيه للدولة، ونحن لا نملك جنيها واحدا حتى نستطيع دفعه، وكان من المفروض على الدولة أن تساند الفقير في محنته، ولا تقوم بقتله ودفنه»، مؤكدة: «لا نملك شيئا سوى السجن، وإن أرادوا سجننا فنحن جاهزون. "هو احنا هنود يا ولاد يا انتوا ملكتوا الارض لبتوع الخليج جات علينا " كلمات مقتضبة صرخت بها الحاجة صفية. اما البرلمانيون فكان لهم رأي حيث أكد النائب طارق الخولي أن التسوية في هذا النزاع واجبة وان التصالح مع من تعدوا علي املاك الدولة مؤكد في صالح الطرفين، ولكن يجب أن تراعي الحالة الاقتصادية للافراد خاصة في القري الفقيرة والاماكن النائية والا تتساوي المباني القديمة التي تعود لعشرات السنين وما تم السطو عليه بعد الثورة وبين من تربح من أفدنة ومن اتخذ بعض الأمتار للسكن. فيما علق المهندس أبو العيون عزتلى، رئيس مدينة ديروط، أنه تلقى شكاوى من المواطنين بخصوص ارتفاع قيمة الإيجارات بصورة مبالغ فيها، أبرزها أن أحد المواطنين يسكن في منزل 40 مترا، ومطالب بدفع إيجارات تصل لنحو 13 ألف جنيه، مضيفا أنه أصدر قرارا بوقف كل الإنذارات التي وجهت للمواطنين، وأمر بتشكيل لجنة لفحصها ومعرفة سبب هذه التقديرات، وجار إعداد مذكرة لرفعها إلى محافظ أسيوط لاتخاذ اللازم.