غمرت أئمة مساجد الجمهورية، حالة من الفرحة العارمة نتيجة إلغاء فكرة «الخطبة المكتوبة»، بعدما توصل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إلى حل يرضى جميع الأطراف، بأن يلتزم الخطباء بجوهر الخطبة، دون التقيد ب«الورقة» على أن تكون موضوعات «الخطب» مشتركة بين مجمع البحوث الإسلامية ووزارة الأوقاف. واستمر جامع الأزهر الشريف فى التغريد منفردًا، حيث خطب عن التعايش السلمى، ونشر ثقافة قبول الآخر، وترسيخ مبادئ الحب والألفة والتسامح والمودة بين فئات الشعب بكامل طوائفه الدينية. وقال الدكتور ربيع غفير، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، وخطيب الجمعة، إن الإسلام جاء بمبادئ شاملة فى العدل والسلام، لو فهمها الناس كامل الفهم، لملأوا بها الدنيا فرحًا وسعادة، مشيرًا إلى أن أول هذه المبادئ إقرار التعايش السلمى وإزالة التعصب بين الناس. وأضاف الغفير، أن من نادى بغير هذه المبادئ، فى إشارة منه إلى الجماعات الإسلامية، فهو غير فاهم للدين الحنيف، ولا يعمل من أجل نشر رسالة الإسلام، وإنما لمصالح أخرى، مؤكدًا أن غرض صلاة النبى محمد بالأنبياء فى بيت المقدس هو ترسيخ ثقافة قبول آراء الآخرين، والتى قال عنها النبى «لا تفاضلوا بينى وبين الأنبياء». بينما خطب إمام مسجد الحسين، الشيخ أمير محفوظ، عن الأمن الغذائى، وهو الموضوع الذى حددته وزارة الأوقاف، عن الخطبة أمس، وقال، لقد عنى الإسلام بالمقومات الأساسية للإنسان من مطعم ومشرب ومسكن وملبس وغير ذلك، مما يساعد على استقرار وتحقيق أمن الإنسان بكل صوره وجوانبه، ونعمة الأمن من أعظم «نعم الله عز وجل» على الإنسان ولا يستطيع العيش بدونها ولا يشعر بلذة العبادة والطاعة أو الطعام والشراب إلا بتحققها. من جانبه قال الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب، مسجد عمر مكرم، إن الأمن الغذائى ضرورة لحفظ كرامة الفرد والأمة وأى مساس به له عواقب وأضرار خطيرة والمساس به جريمة كبرى فى حق المجتمع لما يترتب على افتقاده من مفاسد وجرائم متعددة كالسرقة والسلب والنهب. فيما تناول إمام وخطيب مسجد أم القرى، بمحافظة الجيزة، الحديث عن التواضع كصفة أساسية يجب على المسلمين التزامها، أيًا كانت مواقعهم داخل الدولة والمؤسسات، مشددًا أن الإسلام دين تواضع، وأن أخلاق المسلمين لا يمكن أن تكون بتلك الصور التى نشاهدها اليوم. وفى الغربية التزم بعض الخطباء بإلقاء الخطبة المكتوبة، رغم إرسال فاكسات رسمية بإلغائها كما فعل خطيب مسجد أبو عمار بمنطقة حافظ وهبى بحى أول طنطا، وأكد عدد من الخطباء عدم ورود تعليمات جديدة لهم بشأن التخلى عن الخطبة المكتوبة، وأنهم ملتزمون بالتعليمات لحين ورود أوامر أخرى، وشكا عدد من الخطباء من ضيق الوقت المحدد للخطبة، والمقدر بنحو 20 دقيقة على أقصى تقدير. وفى الشرقية ناقش أئمة المساجد بمدن ومراكز محافظة الشرقية أمس خطبة الجمعة، أزمة الأمن الغذائى وضرورة حمايته من الغش والاحتكار والجشع والاستغلال وسائر أنواع التلاعب، مع ضرورة التعاون والتكافل والتراحم لسد حاجة غير القادرين منه، وتشديد الرقابة على الأسواق واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المخالفين من المحتكرين أو المستغلين، وذلك تنفيذًا لتعليمات وزارة الأوقاف، بشأن ضرورة الالتزام بنص الخطبة أو بجوهرها مع الالتزام الكامل بضابط الوقت ما بين 15 إلى 20 دقيقة كحد أقصى. وفى الإسكندرية التزم خطباء الجمعة بأداء الخطبة المكتوبة، تطبيقًا لقرار وزير الأوقاف، الذى حث على ضرورة أهمية الأمن الغذائى لحياة الأفراد والمجتمع، وكيفية حمايته وحرمة التلاعب به. وأكدوا على «أن الدين الإسلامى الحنيف دين شامل لكل نواحى الحياة بما تصلح به حياة البشر، ويتوافق مع متطلباتهم المعيشة واحتياجاتهم الإنسانية، ويكفل لهم السعادة فى الدنيا والآخرة، فقد عنى الإسلام بالمقومات الأساسية لحياة الإنسان، من مطعم ومشرب، ومسكن، وملبس، وغير ذلك مما يساعد على استقرار حياته وسكينتها وطمأنينتها، وتحقيق أمن الإنسان بكل صوره وجوانبه. وأدى الدكتور عبد الناصر نسيم عطيان، وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية، خطبة الجمعة المكتوبة بعنوان «الأمن الغذائى حمايته وحرمة التلاعب به»، بمسجد الهدى بقلب مدينة العامرية. وأكد «نسيم» على أن مديرية أوقاف الإسكندرية تضع فى بؤرة اهتمامها أهمية هذه المجالس الفقهية بمعرفة الأئمة والدعاة حتى لا يلجأ المواطن إلى أسئلة غير المتخصصين فتكون النتيجة سلبية. وفى البحيرة أعرب المصلون عن غضبهم العارم بسبب قرار وزير الأوقاف بتعميم الخطبة المكتوبة بكل المساجد فى مدة 15 دقيقة ثم إلغاؤها وسموه بالعبث. وقال جمال خطاب رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين بالبحيرة وأحد أهالى القرية إن خطيب مسجد السوق بقرية فيشا بالمحمودية بدأ الخطبة الساعة 12 وثلاث عشرة دقيقة، وأنهى الخطبة الساعة 12 وأربع وعشرين دقيقة، مؤكدًا أن المصلين لم يفهموا شيئًا من الخطبة نهائيًا ولو تدخل العقلاء من أهالى القرية لوقعت فتنة كبرى داخل المسجد بصلاة الجمعة.