قال الدكتور القس إكرام لمعي، أستاذ مقارنة الأديان، أثناء كلمته التي ألقاها مساء اليوم، بالندوة التي تنظمها الهيئة المصرية العامة للكتاب، لمناقشة كتابة الأخير "المسيحيون بين الوطن والمقدس": فكرت في كتابة هذا الكتاب بعد ثورة 25 يناير ، عندما رصدت حركة المسيحيين وهم يركضون خارجين من خلف أسوار الكنائس إلى ميدان التحرير ، لقد بدأت حركتهم من قبل الثورة في تمرد واضح لكنه محدود على سلطان الكنيسة ، ثم وجودهم في الميدان كمصريين حتى النخاع مع باقي المصريين في تمرد واضح ضد توريث الحكم، رأيتهم يمارسون عباداتهم في الميدان بالصلاة و التسبيح و رفع رموزهم و لم تقع حادثة طائفية واحدة، يلتفون حول المصريين المسلمين و هم يصلون في قلب الميدان، في رسالة تعبر حقيقة عن معدن و طبيعة الشعب المصري . سألت نفسي سؤالا هل ما حدث جاء مفاجئا لأسباب سياسية معاصرة ، أم أنه مغروس في الجينات منذ تاريخ طويل . وأضاف لمعي: من هنا قررت تأصيل ما حدث في ميدان التحرير، ومن هنا بدأت في سرد التاريخ المسيحى قبل الإسلام ، وكيف أن مصر كانت مؤهلة لدخول الإسلام بسبب انقسامها اللاهوتى على طبيعة شخص المسيح و الحروب القائمة بين الكنيسة الغربية و الشرقية ، و العنف الذى مارسه المسيحيون ضد اليهود المصريين ، بعد الاعتراف بالمسيحية كإحدى الديانات الرسمية للإمبراطورية الرومانية ، و لقد إنهار التعليم اللاهوتى المستنير و وصل إلى الصفر في القرن السادس لذلك عندما دخل المسلمون إلى مصر لم يجدوا فكرا لاهوتيا مسيحيا واضحاً وموثقاً. و مع الفتح الإسلامي حدث تحول في الهوية المصرية ، تمصر العرب المسلمين و تحول بعض المصريين إلى الإسلام و تزاوجوا، فتكون نسيج ثقافي عربي إسلامي مسيحي متفرد. وأكد لمعي، انه أرد في هذا الكتاب أن يركز على الدور المسيحى في السياسة و الاقتصاد و المجتمع على مدى التاريخ المصري، وكيف كان للمسيحيين دوراً ملحوظاً في بناء مصر الحديثة . كما أردت أن أوضح أن محمد على قام بتأسيس مصر الحديثة على أساس المواطنة في الدولة الحديثة. لأول مرة صدق على حكم بالإعدام على مسلم قتل مسيحى و لم يتراجع و كان أول من منح لقب بك لمسيحى مصري و رفض محاولات الدولة الروسية فرض حماية على المسيحيين . أما الخديوى المظلوم في مصر والذى أردت أن أقدمه للقارئ فهو محمد سعيد 1854 – 1863 لقد سمح هذا الرجل للمسيحيين بالخدمة في الجيش لأول مرة و ألغى الجزية و اعتبرها نوعا من العنصرية أما إسماعيل فهو الذي دعم المدارس المسيحية و عين قضاة مسيحيين و أعطى للمسيحيين الحق في عضوية مجلس شورى النواب و في عهده حصل نوبار باشا على الباشاوية و كان أرمنيا مصريا .وقد قصدت ان اركز على الدور الوطني لمسيحي مصركسياسيين وأخذت نموذجاً مكرم عبيد ومثقفين وأخذت نموذجاً لويس عوض وامرأة واخذت نموذجاً إستر ويصا. و أردت أن أقارن بين هذه البدايات لمصر الحديثة والتي امتدت حتى ثورة 23 يوليو1952 وكانت النكسة عام 1967 علامة الانهيار وننظر حولنا اليوم لنكتشف أننا تخلفنا حضاريا و لم نستكمل الطريق الذى بدأه هؤلاء الروادحيث استنزفت البلاد في مؤامرات لتقسيم مصر و فتنة طائفية .... إلخ لاشك إن الوجود المسيحي كان فاعلا في كل العصور و أن المسيحيين كان لهم الحضور القوى و المساهمات المؤثرة في كل العصور . وأستطرد لمعي علي انه ينتقل الى الحاضر ليتحدث عن اربع خرافات وحقائق أربع بالنسبة للمسيحيين أولا: خرافة الحماية الأمريكية : ماذا حدث لمسيحى العراق و سوريا ؟ لقد وقفت الولاياتالمتحدة لاتحرك ساكناً وهتي تري القتل وسبي النساء واغتصابهم وأطفالهم وكان للمسيحيين المصريين أن يضعوا مبدأ رفض الحماية الاجنبية (الحماية الروسية)كمبدأ. ثانيا: حماية الدولة والجيش :إن الدولة و الجيش لن يهتزا لأجل حادث يطلقون عليه (فردياً) مهما تكررهنا أو هناك لكنهم يهتزون إذا تعرضت البلاد للخطر بسبب حرب أهلية و سوف يكون وقودها الأقليات. ثالثاً: خرافة الهجرة للخارج. رابعاً: خرافة التحالف مع الأقليات الأخرى في هذه الحالة تحمل كل أقلية سلبيات الأقليات الأخرى بوضعهم في سلة واحدة. أماالحقائق الأربع فهي: أنه بالمسيحيين يكتمل وجه مصر الحضاري.الوجه الأحادي لاي دولة يضعها في صف الدول المتخلفة. ، إن المسيحيين هم التاريخ الحى لمصر القديمة و عامل اكتمالها مع باقى المصريين، وفي النضال الدائم والمستمر لاجل استقلال مصر لم يغب اطلاقاً دور المسيحيين على مدى التاريخ، ويوجد مبدأ دفع الثمن للإنجاز كل إنجاز له ثمن وفي التراث المسيحي يطلق على تحمل الألم لأجل تحقيق هدف عظيم تعبير(حمل الصليب). وهذه هي الحقيقة الرابعة لاإنجاز بدون ألم وهذا ينطبق ليس على المسيحيين فقط لكن على الجميع. لماذا لا تستطيع مصر القضاء على التطرف ؟ سبب إستراتيجى : أولاً :احتكار الدولة للدين : المصدر الرسمي. ثانياً: سبب تاريخى : ان مواطنين (مسيحيون ومسلمون)لم يختبروا الحرية لا هم و لا أجدادهم و لم يختبروا إصلاحا دينيا أو تحديثا تفسيريا لنصوص مقدسة و لم يمارسوا مقاومة السلطة الدينية بالتالي لا يوجد لديهم أي تصور حضاري لهذا الأمر لأنهم لم يعيشوه فكيف يحاربون لأجله. ثالثاً: سبب ديني و فقهي و هو أن المتطرفين و الأكثر تطرفا و المعتدلين لهم إطار فقهي واحد و لا فرق بين داعش و الإخوان و الجهاد و المؤسسات الرسمية إلا في التوقيتات و بعض شروط التطبيق و أسلوبه و لا حل إلا بتجديد الفقه الإسلامي و اللاهوت المسيحي .