بحكم طبيعة الإنسان الرافضة للتناقض والتخلى عن العقيدة وفعل ما يخالف الفكر، رغم ذلك أخذ الإسلاميون موقفا يناقض عقيدتهم، عندما دافعوا عن الديمقراطية وحرية التعبير، وأن سيادة الشعب لابد من احترامها، ذلك على غرار أحداث تركيا وانقلاب مجموعة من الجيش التركي على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في محاولة لسحب الثقة من الرئيس التركي، حيث أصبح موقف الحركات الإسلامية مائلًا إلى القبول بالديمقراطية وهو ما يثير الجدل على الساحة، بعد أن عانى الشعب المصري تحديدًا من أدبيات الإخوان المسلمين وموقفهم من الديمقراطية، التي وصلت لحد تكفير الشعب المصري وعدم الاعتراف بالإرادة الشعبية لديهم. وما يؤكد النفعية والازدواجية لدى الإسلاميين، والإخوان على وجه التحديد، واستغلال مبدأ الديمقراطية حينما تطلب المنفعة ومصالح الجماعة لذلك، على سبيل المثال نجد في التسعينيات أصدر الإخوان موقفا إيجابيًا تجاه مشاركة المرأة والتعددية، ولكن تظل أدبياتهم ثابتة شأنهم شأن باقي الفكر الإسلامي تجاه الديمقراطية والتعددية، وبعد فتح السجون واتساع المجال أمام الإسلاميين للاستفادة من الديمقراطية، أمام قدر من العمل بها، ودخلوا النقابات وشاركوا في البرلمان ولم يرفضوا التعامل مع العلمانيين والشيوعيين على رغم العداء القائم بينهم وبين الفكر المجافي للديمقراطية والعلمانية، ورغم ذلك لن يتغير موقفهم، لأن المعروف عنهم دائمًا هو مبدأ النفعية والتصالح مع الأعداء من أجل الوصول إلى أغراض ومنافع شخصية. الدكتور خالد رفعت، مدير مركز طيبة للدراسات السياسية والإستراتيجية، المتخصص في الشأن التركي، علق على ردود فعل الحركات الإسلامية تجاه الانقلاب في تركيا، ودفاعهم عن الديمقراطية والوقف بجانب الإرادة الشعبية، يؤكد مبدأ النفعية لدى الإسلاميين حتى وإن كان يخالف أدبياتهم الفكرية تجاه الديمقراطية. وأوضح رفعت، في تصريح خاص ل"البوابة نيوز"، اليوم الأحد، أن ردود فعل الجماعات الإسلامية، تجاه أردوغان ومحاولة سحب الثقة منه، السبب الأساسي هو انتماء ومساندة أردوغان لهم خاصة الهاربين من جماعة الإخوان، وما ظهر من موقف جديد على هذه الجماعات في الدفاع عن الديمقراطية يرجع للحفاظ على المصالح القائمة بين الرئيس التركي وبين هذه الجماعات. بينما الدكتور حسن أبو طالب، مستشار مركز الهرام للدراسات السياسية والأستراتيجية، قال إن أي قوى سياسية ذات طابع جهادي، تستخدم الأدوات المتاحة إلى أن تتمكن تمامًا وتفرض سيطرتها بالتام على المجتمع. وتابع: أن الإسلاميين يطلقون الكفر على الديمقراطية عندما لا تأتي بهم إلى السلطة، ولكن إذا أتيحت لهم فرصة الوصول إلى السلطة فيكون الدفاع عن الديمقراطية وسيلة جيدة. وأكد أبو طالب، أن جميع الحركات الإسلامية ترفض الديمقراطية جملة وتفصيلًا، وذلك يعود أن للأمر الأساسي لهذه الجماعات الإسلامية، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان لديه أهداف لا علاقة لها بالديمقراطية عندما استخدم أساليب تدخل في الإطار الديمقراطي الحركي في الانتخابات والدعاية. وعن الأوضاع في تركيا بعد ما حدث أول أمس من محاولة انقلاب، قال: نحن نشهد الآن في تركيا عملية تطهير لكل المعارضين لمشروع أردوغان في مزيد من الاستبداد والسيطرة على مقدرات الدولة، وبالتالي ما يفعله أردوغان في تركيا لا علاقة له بالديمقراطية، ولكنها مجرد وسيلة لمجرد التمكن من الدولة. وأشار إلى أن ما حدث في تركيا أول أمس سيؤدي إلى مزيد من الأنقسامات داخل المجتمع ومزيد من الاستبداد، والقضاء تمامًا على رموز الدولة الديمقراطية والتعددية، وهذا هو النموذج الذي يسعى إليه الإسلاميين في السيطرة على الدولة ومنع الآخرين من التواجد. وفي نفس السياق تحدث الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن دفاع الجماعات الإسلامية عن الديمقراطية وموقفهم الإيجابي تجاه الإرداة الشعبية، هو مجرد موقف مرتبط بمصالح تلك الجماعات وليست مرتبطة بالتراجع عن التخلى لأدبيات الإسلاميين لديهم.