سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فشل محاولة الانقلاب يدعم "السياسات العثمانية" لتركيا.. التيار الإسلامي يدعم أردوغان كممثل له.. وخبراء: الفصائل العربية لن تحصد ثمار دعمها للرئيس.. وتوقع مدى استفادة إسلاميو تركيا "سابق لأوانه"
قدمت التنظيمات الإسلامية العربية الدعم والمؤازرة للنظام التركي ضد محاولة الانقلاب العسكري بشكل واضح، واهتم التيار الإسلامي بشدة بتوظيف الأحداث في الترويج للحرب على الإسلام، ودعم موقف نظام الرئيس رجب طيب إردوغان كظهير رئيسي للتنظيمات الإسلامية والجهادية في منطقة الشرق الأوسط. فعلى صعيد الدول العربية، اعتبر ما يُسمى "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، والذي تتزعمه قيادات بجماعة الإخوان المسلمين، أن الخروج على أردوغان "من الكبائر"، وقال على لسان على القره داغي، الأمين العام للاتحاد، أن ذلك الانقلاب حرام شرعًا باعتباره خروجا على السلطة الشرعية المنتخبة، على حد تعبيره، وأرسل يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد رسالة تضامن إلى إردوغان، زعم فيها أن "علماء المشارق والمغارب والملائكة وجبريل وصالح المؤمنين" يقفون معه. كذلك وجه توفيق شهاب الدين، قائد حركة نور الدين الزنكي المعارضة في سوريا، الدعوة إلى أنصار أردوغان لحمل السلاح في حالة نجاح الانقلاب، وندد بالداعية الإسلامي والمفكر محمد فتح الله كولن، أحد أهم اقطاب المعارضة التركية. فيما اهتمت جماعة الإخوان وحزبها المنحل "الحرية والعدالة" بدعم الرئيس التركي، ونشر آخر أخبار القبض على منفذي محاولة الانقلاب عبر قنواتهما الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، وشاركهم ذلك عدد من الشيوخ والدعاة من الأقطار العربية. ومن جهة أخرى يعتبر بعض المحللين أن الحكومة التركية تسير بالدولة بخطى هادئة في اتجاه الأسلمة، فبينما تنتقد الحركات المتطرفة والإرهابية، لا سيما حزب التحرير أو ما يُعرف ب "ولاية تركيا"، الذي يعتبر أكثرها نشاطًا في العمل الميداني والتواصل مع الجماهير داعيًا إلى عودة الخلافة، حتى أن رئيس مجلس الشعب البرلمان التركي إسماعيل كهرمان طالب، في أبريل الماضي، بحذف مبدأ علمانية الدولة من الدستور أثناء تجديده. ويعيد ذلك الأنظار إلى انتشار الجماعات والأحزاب والتيارات الإسلامية في تركيا، ويحكم حزب العدالة والتنمية الدولة كأحد هذه الأحزاب، وتأسيسها لمؤسسات تعليمية وخدمية وريادتها لدور اجتماعي كبير في البلاد، وربما تشكل محاولة الانقلاب داعمًا لتلك الجماعات في تأييد فكرة الحرب على الإسلام التي تروج لها. وتتعدد تصنيفات تلك الكيانات الإسلامية التركية، وفقًا لما أوضحه خورشيد دلي الباحث في الشئون التركية، في صحيفة "الوحدة الإسلامية" الصادرة عما يُسمى "تجمع العلماء المسلمين في لبنان. حيث ضمت المجموعة الأولى من التصنيف جماعات الإسلام السياسي، وبدأ ذلك التيار نجم الدين أربكان بتأسيس حزب النظام الوطني في 1970، والذي حظره القضاء بعد أقل من عام على تأسيسه بسبب ما تضمه لائحته من مواد دينية. ولحقت به بعد ذلك أحزاب إسلامية، مثل "حزب السلامة الوطني" و"الرفاه والفضيلة والسعادة" وأخيرًا "العدالة والتنمية" الذي يحكم تركيا في الوقت الحالي. وتتسم تلك المجموعة من أحزاب الإسلام السياسي بمحاولة التوفيق بين الأيدولوجية الدينية والأسس العلمانية للجمهورية التركية، وهو ما يحفظ لها قدرًا كبيرًا من الشعبية لدى الجماهير، وفي الوقت ذاته بدفع التنظيمات الإسلامية العربية غير المقبولة في دولها إلى الاعتماد على تركيا كظهير أساسي لها. كما تتسم باتباع الآليات الديمقراطية والسلمية إلى حد كبير للوصول إلى السلطة، مع التخطيط لأسلمة الدولة على المدى البعيد ودون التصادم مع علمانية تركيا. أما المجموعة الثانية فتضم الحركات الصوفية التي تعتمد مذهبًا في نشر الإسلام من خلال الوسائل الخدمية والاجتماعية والروحية، ومن أشهرها الحركة النورسية بزعامة سعيد النورسي المعروف ببديع الزمان، والطريقة السليمانية بزعامة سليمان حلمي طوناخان الذي سعى إلى إحياء اللغة العربية، والطريقة النقشبندية والتي تعدد شيوخها وفقًا لكل منطقة محلية، فضلًا عن حركة الخدمة بزعامة فتح الله كولن. ورغم أن تلك الحركات تنأى بنفسها عن السياسة، إلا أنها تشكل الكتلة الانتخابية لأحزاب الإسلام السياسي، كما تتوغل في المجتمعات الريفية واستطاعت أن تنطلق منها إلى التوغل في المدن ومرافق الدولة، لا سيما حركة الخدمة التي توسع تغلغلها في أجهزة القضاء والأمن والتعليم، قبل أن يتسع خلافها مع حزب العدالة والتنمية وتصبح جماعة معارضة. فيما تضم مجموعة ثالثة الجماعات الإسلامية المتشددة في تركيا، التي تركز على اغتيال الناشطين السياسيين والحقوقيين في البلاد، وأبرزها حزب الله التركي الذي تورط في اغتيال قيادات يسارية وكردية، واختفى مع بداية الألفية الثالثة ليظهر مرة أخرى تحت اسم "حزب الحق"، ويتهمه حزب العمال الكردستاني بأنه على صلة قوية مع تنظيم داعش والمخابرات التركية معًا. أيضًا هناك منظمة "دولة الخلافة" التي أسسها متين قبلان في 1985 بهدف إسقاط النظام العلماني الحاكم بالقوة وإعادة الخلافة الإسلامية، وبعد وفاته وتولي ولده زعامة المنظمة أعلن نفسه خليفة للمسلمين من ألمانيا، وتورطت في عمليات إرهابية. ومن أمثلة الجماعات المتشددة كذلك حزب الوحدة الكبرى الذي تضمن جناحًا سريًا نفذ عددًا من الاغتيالات ومهاجمة المقرات الحزبية، ومجموعات أخرى صغيرة مثل الفجر وجيش القدس وحزب التحرير. أما المجموعة الرابعة فتتمثل في رئاسة الشئون الدينية، ككيان رسمي في الحكومة التركية مسئول عن إدارة الشئون المتعلقة بالدين الإسلامي، وتتبع رئاسة الوزراء مباشرة ً وتنتهج المذهب الحنفي، وتمثل النظير لوزارة الأوقاف في الدول العربية، حيث تكون مسئولة عن تنظيم العلاقة الدينية بين الدولة والمجتمع والإشراف على الحج والتعليم الديني والفتاوى. وترتبط مواقفها بمواقف الحكومة نظرًا لضرورة موافقة رئيس الوزراء على ما تصدره الهيئة من قرارات، كما تخصص لها الحكومة ميزانية كبرى، ويبدو أنها تهدف من خلالها إلى إعادة بث روح الإمبراطورية العثمانية في المواطنين، لا سيما مع قرار الرئيس إردوغان بعودة تدريس اللغة العثمانية في المدارس، كما أصبحت تقدم دعمًا كبيرًا للمنظمات المسئولة عن أعمال الإغاثة، والتي تواجه اتهامات بدعم الفصائل الإرهابية السورية. وفي هذا السياق قال كرم سعيد، الباحث بالشأن التركي في المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية، أن الجماعات الإسلامية في الوطن العربي رغم دعمها للنظام التركي في مواجهة الانقلاب، إلا أنها لا تعد المستفيد الأساسي من فشل محاولة الانقلاب العسكري، الذي سيزيد بالأساس من حضور المعارضة التركية بعد رفضها للانقلاب رغم معارضتها للرئيس رجب طيب إردوغان، وذلك دفاعًا عن التجربة التركية الديمقراطية. وعلق، في تصريحات ل "البوابة نيوز"، على تضامن بعض الفصائل الإسلامية السورية مع النظام التركي، مستبعدًا أن تتدخل تلك الجماعات لدعمه داخل تركيا، موضحًا: "السوريون مشغولون بأنفسهم وعليهم عبء حماية أنفسهم ونفوذهم، ولا تعبر دعوتهم لأنصار إردوغان بحمل السلاح سوى عن تضامن معنوي مع النظام التركي، الذي يشكل داعمًا رئيسيًا لها". وأشار سعيد إلى وجود تغير نوعي في السياسة الخارجية التركية منذ فترة، في مسألة علاقة الدولة بالجماعات المناوئة للنظام السوري، حيث جففت منابع تمويل التنظيمات وسدّت ثغرات عبور الجهاديين، وفتحت قاعدة إنجرليك العسكرية لقوات التحالف الدولي، وطلبت وساطة جزائرية لفتح قنوات تعاون مع الرئيس السوري بشار الأسد. وهو ما أقلق الجماعات المسلحة التي عبرت عن قلقها لتركيا، وطمأنتها الدولة ولكن يتضح واقعيًا انسحابها من دعمهم. ورأى سعيد أن آراء البعض التي اعتبرت أن محاولة الانقلاب تهدف لوقف أسلمة الدولة التركية غير دقيقة، متابعًا: "المحاولة لم يكن لها هدف أو رؤية واضحة، بل كانت عملًا عشوائيًا لم تتضح أهدافه بعد، وننتظر أن تكشف التحقيقات عنها". فيما اعتبر د. محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن التوقعات حول علاقة محاولة الانقلاب بمقاومة أسلمة الدولة، أو تراجع الدعم التركي للتنظيمات الإرهابية من عدمه، سابقة لأوانها. موضحًا في تصريحات ل "البوابة نيوز": "الوضع التركي لم يستقر بعد ولا يزال الجميع في طور الحصول على المعلومات، ولا أعتقد أن أحدًا يملك الإجابة على أسئلة حول مستقبل الوضع، فضلًا عن وجود أولويات داخلية أخرى سوف تبحثها الإدارة التركية بعيدًا عن التنظيمات الإسلامية".