خلال 5 سنوات فقط، ظهر بمنطقة الساحل الشمالى نحو 6 حيتان من أنواع مختلفة، معظمها وُجد نافقًا، إلا أن حوت مارينا الأخير كسر القاعدة، إذ إنه لا يزال على قيد الحياة، ما يطرح تساؤلات وسيناريوهات حيال تحول منطقة الساحل الشمالى لمنطقة تجمع حيتان، أو تحولها لمحمية على غرار محميات العالم للحيتان الكائنة فى المحيط الهادى. ليست هذه المرة الأولى التى يظهر فيها حوت بمنطقة الساحل الشمالى، إذ ظهر حوت من نوع العنبر فى منطقة الساحل الشمالى بمرسى مطروح فى مارس الماضى، وحوت الأحدب العُميِد فى عام 2010، وحوت من نوع مفترس فى يوليو 2015، بالإضافة لحوتين وُجدا نافقين قرب سواحل بحيرة البرلس عامى 2011 و2012 على التوالى. وترى الدكتورة عزة الجناينى، رئيس شعبة المصايد بمعهد علوم البحار، أن الحوت الذى ظهر مؤخرا فى مارينا من الحيتان البالينية «عديمة الأسنان» والمعروف باسم حوت الزعنفة «Fin whale»، وهو من الأنواع المسجلة فى المياه المصرية، والمهدد بخطر الانقراض «Endangered» طبقًا لقاعدة بيانات الاتحاد الدولى لحماية الطبيعة «IUCN»، وهو من الأنواع الموجودة فى البحر المتوسط، أى أنه ليس بعيدًا عن موطنه الأصلى. وتوقعت الدراسة التى أجراها معهد علوم البحار مع وزارة البيئة أن يكون تائهًا، وأن تيار المياه هو الذى جلبه إلى الشاطئ المصرى، وهو من نوع الحيتان التى لا توجد لها أسنان، ويتغذى على القشريات، وعلى الكائنات الدقيقة والأسماك صغيرة الحجم. وتتبعت الدراسة مسار الحوت، حيث إنه دخل من بوغاز رقم واحد فى مارينا، ثم اتجه شرقًا حيث وصل إلى قرية بدر، ثم عاد أدراجه إلى مارينا مرة أخرى، ثم تحرك ووصل إلى قرية ماربيلا على الشاطئ، ثم اتجه شمالًا وهو اتجاه البحر المفتوح. حوت الزعنفة من الحيتان الكبيرة الموجودة فى محيطات وبحار العالم، ويستمد اسمه من زعنفته الكبيرة فوق ظهره، والتى تبعد بمسافة ثلثى الجسم من الرأس، وهو يمتاز بشكل انسيابى طويل، وبلون يتراوح بين الرمادى والبنى، والذى يغطيه ما عدا منطقة البطن، والتى يسودها لون أفتح قليلًا. وتشير الدراسة إلى اختلاف ذكر حوت الزعنفة عن الأنثى من حيث الطول، إذ يبلغ طول الذكر نحو 19 مترًا، والأنثى 20 مترًا، ويتغذى على الهائمات البحرية والأسماك والقشريات والرخويات صغيرة الحجم، وذلك من خلال تصفية المياه من الكائنات الحية بواسطة شبكة من الخيوط الدقيقة تتدلى من فكه العلوى. وتقول الجناينى، إنه تمت دراسة سرعة الرياح والتيارات المائية، واتضح أن اتجاه التيارات المائية كان شرقيا غربيا، لذا فإن الدراسة ترجح أن يكون الحوت تائهًا، وتحرك مع التيارات المائية دون تحديد وجَهة محددة، خاصة أن طوله بالكاد يصل ل5 أمتار فقط، حيث إنه لا يزال رضيعا. وتكشف الدراسة عن أن هذا النوع من الحيتان التى تعيش فى أسراب تتكون من 8 ل9 من الحيتان، وطالما أنه لم يظهر حتى الآن، فإنه يمكن أن يكون قد وصل إلى المياه العميقة، ولا تستطيع الدراسة أن تحدد ما إذا كان الحوت مريضًا أم لا، وأنه إذا كان مريضًا فستكون جثته على الشاطئ بعد يومين أو ثلاثة أيام. وحول تأثير التغيرات المناخية على مياه البحر المتوسط والكائنات التى تعيش فيه، وحول إمكانية تعايش الحيتان فى هذه المناطق من الساحل المصرى، تقول الجناينى، إنها لا تستطيع الجزم بهذا الأمر، مشيرةً إلى أن كل الحيتان التى تم العثور عليها خلال ال 5 سنوات الماضية، تنتمى لأنواع مختلفة. وتفيد الجناينى بأن الحيتان غالبًا يكون لها موقعان، واحد للغذاء والعيش، ويكون فى المناطق الباردة، وآخر للتزاوج ويكون فى المناطق الدافئة، التى تنتمى لها الشواطئ المصرية، لافتةً إلى أن العلماء كشفوا عن موقع بالقرب من جزيرة سردينيا على مقربة من شواطئ فرنسا يتم تزاوج الحيتان فيه. وتشير الجناينى إلى أن معظم الدول المطلة على البحر المتوسط، وجدت خلال الأشهر الفائتة حيتانا نافقة على شواطئها مثل «اليونان وتونس وإسرائيل». وحول إمكانية استغلال الحيتان فى السياحة، تقول الجناينى إن هذا أمر مستبعد، خاصة أن الضوضاء أحد الأسباب التى تؤدى لنفوق الحيتان، وهناك أنواع كثيرة منها مهددة بالانقراض، لذا تجب المحافظة عليها والاحتفاظ بهدوء البحر لها. وحوت الزعنفة ضمن الحيتان المهددة بالانقراض ولا تستطيع مصر صيده أو قتله، لأنها من الدول الموقعة على اتفاقية حماية الحياة البرية عام 2010، التى تلزم الدول بالحفاظ على التوازن البيئى. وتؤكد وزارة البيئة أنها لا تستهدف صيد الحوت، لأن ذلك يعد إجراءً مخالفًا للاتفاقيات الدولية، إذ تشير التوقعات إلى أن نوع الحوت «الزعنفة» يقع ضمن القائمة الحمراء، المهددة بالانقراض، وتجب المحافظة عليها طبقًا لاتفاقية صون الثدييات فى البحر المتوسط، المحرم صيدها والتى صدقت عليها مصر عام 2010.