"أهلا أهلا بالعيد مرحب مرحب بالعيد" على أنغامها استقبلوا أول أيام العيد وكعادتهم رغم قلة الحاجة مثابرون، مقاتلون، قرروا أن ينتزعوا البهجة من بين أنياب الفقر، وكعادة أطفالهم المحاربين الصغار، لا يعرفون للمستحيل طريق، مهرة في صناعة الضحك والانبساط، تفننوا من أجل مراوغة العيدية البسيطة للفوز بأكبر قدر من الاستمتاع، كل حسب إمكانياته وما فاض به الوالدين قرر أن يحتفي ويفرح، فراحت الضحكات والصيحات تتعالى هنا وهناك حتى ملأت ساحات العاصمة أجواء لا تليق إلا بسماحة وبشاشة المصريين. بضع جنيهات جديدة تعد على أصابع اليدين، حملت معها سعادة قيصر بكنوزه، مراجيح شعبية بسيطة تنافست مع العاب اقوى واشهر مدن الالعاب والملاهي، بالونات ملونة يتغني صاحبها بحنجرة متعبة ويلقي على مسامع الصغار حكايا الزمن القديم، مفرقات سلمية من بومب وصواريخ وشماريخ اتت للفرح لا للفزع، ودراجات تسابق الريح تحمل من الملائكة العشرات والمئات، طراطير وطرابيش صنعت بأياد حرفية، ومراكب نيلية تزينت وتراقصت في عرض البحر تهللا بوفود الزائرين، انغام شعبية واغان فلكلورية ارتبطت بها العقول والقلوب، معايدات وتهاني واطباق كعك وبسكويت تتناقل من بيت الي بيت مرسال محبة وود لا يفرق بين مسلم ومسيحي، بيوت تلمع بعد مهمة شاقة مع التنظيف، أب أخذ اهبة الاستعداد وراح يعد مبتسما هم العيديات وام استعدت لرحلة حب مع الطبح من بعد صلاة العيد، اجواء بسيطة لأناس أبسط استطاعوا أن يحتفوا بعيد فطر كريم أتي بعد معاناة مع الصوم دامت لثلاثين يومًا، انهم ابطال العشوائيات كما يلقبها البعض والاماكن التي ملأت الارض طيبا بعبق العادات والاعراف التي يغلب التنازل عنها مهما تأزمت الأحوال. هكذا كان الوضع وطريقة الاحتفالات بالمناطق الشعبية التي لم تنم ليلتها استعدادًا للعيد، وانطلق الاطفال فيها من الفجر نحو المساجد مهللين مكبرين لله في الصلوات ثم للمتنزهات والشوارع، صواريخ بصوت الزغاريد تتحدي صواريخ وبارود الارهاب ، بالونات بلون الامل والاستبشار تتراقص في يد من هم اقل من الخامسة، ملابس جديدة وان بدت زهيدة الثمن لكنها وفت بالغرض، فتيات وصبيان في عمر المراهقة توافدوا علي محطات المترو قاصدين الحدائق العامة، زحام أمام دور العرض والشاشات، صفوف علي محال العصير ومطاعم الكشري ذلك الخل الوفي والصديق الصدوق في ايام العيد. وفي مشهد مغاير تماما ظهرت الاحتفالات في الأحياء الراقية، حيث خيّم الهدوء والصمت علي معظم الأماكن، وكأن سكانه علي رؤوسهم الطير، لا وجود لأطفال في الطرقات لا دراجات لا صوت لمفرقعات، أبواب ونوافذ مغلقة وجراجات خاوية من السيارات، فالبعض اتخذ قراره بالسفر للخارج وربما لأحدي المناطق الساحلية او الشواطئ والقري السياحية، أما عن الأطفال فربما ذهبوا للأندية والمول التجارية والأماكن الأكثر ترفا. هدوء ملحوظ واستقرار نسبي في حركة السير والمرور، عطلة رسمية لجميع ماعدا بعض الفئات المناضلة التي اعتبرت أيام العيد "موسم" للرزق لا يجب التفريط فيه، فئات من البساطة بمكان خرجن للعمل من أجل لقيمات يقيموا بها أجساد ذويهم، هكذا كان نبض الشارع المصري المتباين في التفاصيل والمتشابه في الهدف، فرحة وابتسامة وتحدٍ وإصرار على ضرب اليأس في مقتل ودحر نار الفتن والتعصب والسياسة التي أرهقت الجميع على مدار العام.