رغم أن المذهبين «السنى والشيعى» اتفقا فى كثير من الأمور التى تتعلق بليلة القدر، كفضلها وسبب تسميتها الذى يرجع إلى أن الله يقدر فى مصائر العباد للعام التالى، أو لقدرها ومنزلتها، واتفقوا فى احتمالية أن تكون ليلة «21 أو 23»، إلا أن الاختلاف طالها فى كثير من الأمور، كالأعمال المفضلة فيها وسبل إحيائها، فضلًا عن احتمالاتها الأخرى فيما عدا يومى 21 و23، والترجيح عند كل منهما. يعتقد أهل السنة أن ليلة القدر فى العشر الأواخر، تحديدًا فى الليالى الوترية منه «21-23-25-27-29»، ويرجحون كونها فى ليلة السابع والعشرين، وهى الليلة ذاتها التى لا تدخل ضمن حسابات الشيعة لليلة القدر، فهم يلتمسونها فى إحدى الليالى الثلاث «19-21-23» والمرجح عندهم 23، وذلك نسبة إلى أحاديث منسوبة لأهل البيت منها ما روى عن حسان بن أبى على قال: سألت الإمام الصادق عن ليلة القدر، قال: (اطلبها فى تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين). وقول الإمام الباقر عن ليلة القدر، هى فى ليلتين، ليلة ثلاث وعشرين وإحدى وعشرين، فقال السائل: افرد لى إحداهما؟ فقال: (وما عليك أن تعمل فى ليلتين هى إحداهما). ويعتبر الشيعة أن حكمة عدم تحديد ليلة القدر، طبقًا لموقع حوزة الهدى للدراسات، كى لا يستهان بها بارتكاب المعاصى، وليجتهد الناس فى العبادة، ويحيوا جميع ليالى شهر رمضان - شهر الطاعة - طمعًا فى إدراكها، كما أخفى الله تعالى الصلاة الوسطى فى الصلوات الخمس، وساعة الإجابة فى ساعات الجمعة وغيرهما. أما جوهر الاختلاف بين المذهبين السنى والشيعى فى شعائر إحياء ليلة القدر، فبينما يقضيها السنة فى صلاة التراويح والتهجد وقراءة القرآن، وجد الشيعة لنفسهم طقوسا أخرى غير صلاة قيام الليل فى جماعة التى يرون أنها «بدعة» ابتدعها عمر بن الخطاب، فلا تسرى عليهم، ولا يصلونها سواء فى أول رمضان أو آخره. وحجة الشيعة فى رفض التراويح أن الرسول لم يسنها، وإنما دعا إلى قيام رمضان كل فى بيته، وأن يفعل عمر غير ذلك فإنما هى بدعة وكل بدعة ضلالة قد تستوجب غضب الله. ويقول أحد المرجعيات الشيعية يدعى الشيخ حسين أنصاريان، عن سبب تحريمهم صلاة التراويح : إنّ الله تعالى فرض على عباده الفرائض، وأوحى بها إلى رسوله لتبليغ ذلك إلى أمته، فكُلّ صلاة وصيام وحج وزكاة وغيرها من الفرائض كانت عن الله تعالى وهكذا، فإن أى عبادة تسمى توقيفية، أى تتوقف مشروعيتها على استئذان الشارع واعتباره إياها، وما عدا ذلك من صلاة بما أنها لم تكن من قبل النبى مشرّعة فإنها بدعة، والبدعة هى إدخال ما ليس فى الدين فى الدين. وعندها فإن العبادة التى لم يشرعها الشارع تعد غير مشروعة وغير معتبرة، ومن يدرى فلعل ما نفعله دون إذن الشارع من العبادة التى هى التقرب إلى الله تعالى سيكون مبعدًا عن الله تعالى، بل سننال سخطه تعالى وغضبه. والمثير للتساؤلات أنه فى الوقت الذى يرفض فيه الشيعة صلاة «التراويح» لأنها لم تشرع على ذلك الوجه وقت الرسول، يأتون أنفسهم بطقوس غريبة لم ينقل أى أثر أنها وقعت فى عهد الرسول، ليحيوا بها ليلة القدر، فيما يسمى دعاء «رفع المصحف». نقلت القنوات الشيعية بثا حيا لشعائر الشيعة فى ليلة 19 رمضان، حيث صلوا العشاء، ثم قاموا بجماعتهم تلك فى صفوف منتظمة كأنهم يتهيأون للصلاة، فتحوا المصاحف ووضعوها فوق رؤوسهم كأنها حجاب، ورفعوا أيديهم للدعاء يؤمّنون على أدعية الإمام. سألنا سالم الصباغ، القيادى الشيعى، عن ذلك التقليد الشيعى فقال إن تلك طقوس دعاء ورثوه عن أهل البيت، يفتح فيه الشخص المصحف على أى صفحة كانت، ويضعها على رأسه، ثم يردد الدعاء، مشيرًا إلى أن ذلك الطقس ليس فى الصلاة وإنما بعدها، مشيرًا إلى أن ذلك الدعاء الخاص الذى يرددونه موجود فى أى كتاب أدعية لأهل البيت، وعنوان الباب فى كتاب مفاتيح الجنان فى أعمال ليلة التاسع عشر من شهر رمضان. وفيما يتعلق بتوقيت ترديدهم ذلك الدعاء، قال القيادى الشيعى إنهم يرددونه فى العشر الأواخر خاصة فى الليالى التى يعتقدون فيها ليلة القدر وهى «19 - 21- 23»، يرددونه من عقب صلاة العشاء إلى صلاة الفجر. ويسمى الدعاء الذى يلقاه الشيعة بذلك الطقس «الدشن الكبير» ويقولون عنه: هذا الدعاء يحتوى على مائة فصل وكل فصل يحتوى على عشرة أسماء مِن أسماء الله تعالى، وتقول فى آخر كل فصل «سبحانَكَ يا لا إلهَ إلا أنت، الْغَوثَ الْغَوث خَلِّصنا منَ النار يارب»، وقال فى «كتاب البلد الأمين»، ابتدئ كل فصل بالبسملة واختمه بقول: سبحانَكَ يا لا إلهَ إلا أنت، الغوث الغوث، صل على محمد وَآلِهِ، خلصنا من النار يا رب يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين. ويقولون فى ذلك الدعاء بعد وضع المصحف على الرأس: اللهم بحق هذا القرآن، وبحق من أرسلته به، وبحق كل مؤمن مدحته فيه، وبحقك عليهم، فلا أحد أعرف بحقك منك. ثم يقولون عشر مرات «بك يا الله» وعشر مرات «بمحمد» وعَشر مرات «بعلى»، وعَشر مرات «بفاطمة»، وعشر مرات «بالحسن» وعشر مرات «بالحسين»، وعشر مرات ب«على بن الحسين»، وعشر مرات ب«محمد بن على»، وعشر مرات ب «بجعفر بن محمد» وعشر مرات ب«موسى بن جعفر»، وعشر مرات ب«على بن موسى»، وعشر مرات بِ«محمد بن على» وعشر مرات ب«على بن محمد»، وعشر ب «الحسن بن على»، وعشر مرات الحجة، ثم تسأل حاجتك. فيما اعتبر عماد الديب، القيادى الشيعى، أن رفع المصحف فوق الرأس بتلك الهيئة على سبيل التبجيل، قائلاً: هو نوع من التبجيل والتقديس على اعتبار أن الشيعة يتميزون عن غيرهم بتمسكهم بالقرآن، فمثلًا القرآن يقول بمسح الرجل، والإشهاد فى الطلاق، ويتساوى ميراث البنت من الذكر فى حال ترك المورث ابنا أو بنتا الاثنان يحجبان الميراث، الصيام إلى الليل وهو الإمساك حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، الجمع فى الصلاة، وغيرها مما يتمسك به الشيعة ولا يتمسك به السنة على حد قوله. وفيما يتعلق بالتقويم الذى يتبعونه فى تحديد ليلة القدر لاسيما أنه يختلف فى مصر عنه فى إيران لاختلاف بداية رمضان فى كل منهما، قال «الديب»، فى تصريح ل«البوابة» إنهم يصومون طبقًا لرؤية الهلال فى الدولة التى يعيشون فيها، وبالتالى يحيون ليلة القدر طبقًا لتقويمها. ومن الطقوس الأخرى التى يحيى بها الشيعة ليلة القدر الصلاة على هيئة خاصة بهم، حيث يصلون ركعتين يقرأون فى كل ركعة بعد الحمد التوحيد سبع مرّات ويقولون بعد الفراغ سبعين مرة «أستغفر الله وأتُوب إليه»، كما يوصون بقراءة صورة العنكبوت والروم والدخان، وقراءة سورة القدر 1000 مرة.