جمعية رجال الأعمال تطالب بحوافز حكومية عاجلة لتوسيع استخدامات الذكاء الاصطناعي في الزراعة    سعر كرتونه البيض الأبيض والأحمر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025 فى أسواق المنيا    مدبولي: الحكومة تضع دعم البحث العلمي والابتكار على رأس أولوياتها    وزير الخارجية السوري: تبني مجلس النواب الأمريكي إلغاء قانون قيصر إنجاز تاريخي    حماس تطالب بتحرك عاجل والضغط المباشر على حكومة الاحتلال لإدخال مواد الإيواء إلى غزة    "تايمز أوف إسرائيل": تصريحات ترامب بشأن الإعلان عن أعضاء مجلس السلام بغزة في أوائل 2026 تدل علي المماطلة    بالصور.. منتخب مصر يخوض تدريبًا صباحيًا بمركز المنتخبات الوطنية    وزارة البيئة تنجح فى الإمساك بتمساح مصرف قرية الزوامل بمحافظة الشرقية    الصحة: مصر تحافظ على خلوها الكامل من الحصبة والحصبة الألمانية للعام الثالث على التوالي    الوطنية للانتخابات: تلقينا 19 شكوى وتم التعامل معها    الجامعة البريطانية توقع بروتوكول تعاون مع ولفرهامبتون البريطانية    ترامب: الولايات المتحدة مدعوة إلى اجتماع في أوروبا    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية وسكرتير عام الأمم المتحدة    اليوم.. الكنيسة القبطية تحتفي بيوم الصحافة والإعلام في المقر البابوي بالعباسية    عقب أزمة ليفربول، هل بدأت مفاوضات الأندية السعودية مع محمد صلاح؟    شوبير: الأهلي ينجز صفقة يزن النعيمات ويقترب من تجديد عقد حسين الشحات    سباليتي: الأمور تبدو أفضل مع تحقيق الفوز.. وتعرضنا لمواقف محرجة أمام بافوس    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة «قرة إنرجي» بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيسها    ضبط 71 حالة تعاطى مخدرات بين السائقين و109 آلاف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    هشام عبية عن "الست": يرسخ تأثير السينما المصرية وتقديم الملاحم بمواصفات عالمية    التراث العربي: إدراج الكشري في قائمة اليونسكو خطوة مبهجة تعزز الهوية الثقافية المصرية    تسليم 1146 بطاقة خدمات متكاملة لذوي الإعاقة بالشرقية    إغلاق مطار بغداد موقتًا أمام الرحلات الجوية بسبب كثافة الضباب    وصول 60 ألف طن قمح روسى لميناء دمياط    رئيس نادي الخلود: صلاح لا يناسب الدوري السعودي.. واختيار فينيسيوس أفضل    الليلة.. حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    «أسامة ربيع»: نستهدف تحقيق طفرة في جهود توطين الصناعة البحرية    صحة الجيزة ترفع جاهزية الفرق الوقائية استعدادًا لحملة التطعيم ضد مرض الحصبة    يوسف القعيد: نجيب محفوظ كان منظمًا بشكل صارم وصاحب رسالة وتفانٍ في إيصالها    ضبط أكثر من 109 آلاف مخالفة مرورية فى يوم واحد    قرارات النيابة في واقعة اتهام فرد أمن بالتحرش بأطفال بمدرسة شهيرة بالتجمع    قافلة طبية لجامعة بنها بمدرسة برقطا توقع الكشف على 237 حالة    النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    إعتماد تعديل المخطط التفصيلي ل 6 مدن بمحافظتي الشرقية والقليوبية    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    تقييم مرموش أمام ريال مدريد من الصحف الإنجليزية    بتكلفة 68 مليون جنيه، رئيس جامعة القاهرة يفتتح مشروعات تطوير قصر العيني    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    طرق الوقاية من الحوداث أثناء سقوط الأمطار    تحريات لكشف تفاصيل مصرع طفلة وإصابة والدتها وشقيقها بعد تناول بسكويت بأكتوبر    منخفض جوي يفاقم الكارثة الإنسانية بغزة    قوات الدفاع الجوى الروسية تدمر 287 طائرة مسيرة أوكرانية ليلا فوق مناطق عدة    حالة الطقس في السعودية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    أسعار اللحوم في محافظة أسوان اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    سلوى عثمان: أخذت من والدتي التضحية ومن والدي فنيًا الالتزام    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    وزارة الصحة تطمئن المواطنين: لا وجود لفيروس «ماربورج» في مصر    التحقيق مع شخص يوزع بطاقات دعائية على الناخبين بالطالبية    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    مراكز الإصلاح والتأهيل فلسفة إصلاحية جديدة.. الإنسان أولًا    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    أستاذ علوم سياسية: المواطن استعاد ثقته في أن صوته سيصل لمن يختاره    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوجاع عليّ بن أبي طالب "1"
نشر في البوابة يوم 23 - 06 - 2016

هوّن عليك يا أبا الحسن، فسوف يأتى بعدك بسبعين عامًا من لا يستوعب درسك فيحاول ما حاولت، ويقضى بأسرع مما قضيت، سوف يأتى عمر بن عبدالعزيز، ولن يستمر أكثر من سنتين وثلاثة أشهر، وسوف يموت دون الأربعين، مسمومًا فى أرجح الأقوال، مخليًا مكانه ليزيد بن عبدالملك، شاعر المغانى والقيان، عاشق سلامة وحبابة، وأول شهداء العشق والغرام فى تاريخ الخلفاء.
وسوف يأتى بعد عمر بن عبدالعزيز بقرن ونصف، خليفة عباسى اسمه المهتدى بالله يحاول أن يحتذى حذوه فيأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويزهد فى الدنيا، ويقرب العلماء، ويرفع من منازل الفقهاء، ويتهجد فى الليل، ويطيل الصلاة، ويلبس جبة من شعر وسوف يكون مصيره كما ذكر المسعودى: (فثقلت وطأته على العامة والخاصة بحمله إياهم على الطريقة الواضحة فاستطالوا خلافته وسئموا أيامه وعملوا الحيلة حتى قتلوه، ولما قبضوا عليه قالوا له أتريد أن تحمل الناس على سيرة عظيمة لم يعرفوها؟، فقال: أريد أن أحملهم على سيرة الرسول وأهل بيته والخلفاء الراشدين، فقيل له: إن الرسول كان مع قوم قد زهدوا فى الدنيا ورغبوا فى الآخرة كأبى بكر وعمر وعثمان وعلى وغيرهم، وأنت إنما رجالك تركى وخزرى ومغربى، وغير ذلك من أنواع الأعاجم، لا يعلمون ما يجب عليهم فى أمر آخرتهم وإنما غرضهم ما استعجلوه من هذه الدنيا، فكيف تحملهم على ما ذكرت من الواضحة؟).
وقد قتل المهتدى بعد أقل من أحد عشر شهرًا من خلافته، واختلف فى قتله، فذكر البعض أنه قتل بالخناجر، وشرب القتلة من دمه حتى رووا منه، (ومنهم من رأى أنه عصرت مذاكيره حتى مات، ومنه من رأى أنه جعل بين لوحين عظيمين وشد بالحبال إلى أن مات، وقتل خنقاً؛ كبس عليه بالبسط والوسائد حتى مات)، لا تحزن يا أبا الحسن ولا تغضب، فزمانك لا شك أعظم من زمن من يليك، وحسبك أن عهدك كان فيصلًا أو معبرًا إلى زمان جديد، لا ترتبط فيه الخلافة بالإسلام إلا بالاسم، ولا نتلمس فيها هذه الصلة بين الإسلام والخلافة، إلا كالبرق الخاطف، يومض عامين فى عهد عمر بن عبدالعزيز، وأحد عشر شهرًا فى عهد المهتدى، وخلا ذلك دنيا وسلطان، وملك وطغيان، وأفانين من الخروج على العقيدة لن تخطر لك على بال، وربما لم تخطر للقارئ على بال، ما نقلوه إليه كان ابتسارًا للحقيقة، وإهدارًا للحقائق، وانتقاصًا من الحق، وإذا كان الشيء بالشىء يذكر يا أبا الحسن، فدعنا نقص على القراء ما راعك وما سيروّعهم، وما أفزعك وما سيفزعهم، وسوف ننقله إليهم موثقًا بالرسائل، تلك التى تداولتها أنت وابن عمك وأقرب الناس إليك، عبدالله بن عباس، حبر الأمة وبحرها، وأحد أكثر من نقلت عنهم أحاديث الرسول، وواليك على البصرة، أعظم الأمصار وأجلها خطرًا، ولعلك يا أبا الحسن كنت تتوقع أن تسمع عن عبدالله بن عباس أى شىء إلا ما سمعت، حين أتتك من صاحب بيت المال فى البصرة (أبو الأسود الدؤلى) رسالة ينبئك فيها أن (عاملك وابن عمك قد أكل ما تحت يده بغير علمك).
ولعلك يا أبا الحسن لم تصدق، ولعله لم يكن أمامك إلا أن ترسل لعبدالله بن عباس مستفسرًا، متمنيًا أن يحصحص الحق فيسفر عن بياض صفحته، وهو خطابك إليه مختصرًا: «أما بعد، فقد بلغنى عنك أمر، إن كنت فعلته فقد أسخطت ربك، وأخربت أمانتك، وعصيت إمامك، وخنت المسلمين: بلغنى أنك جردت الأرض وأكلت ما تحت يديك، فارفع إلىّ حسابك، واعلم أن حساب الله أشد من حساب الناس».
ويأتيك يا أبا الحسن «أما بعد، فإن الذى بلغك باطل، وأنا لما تحت يدى أضبط وأحفظ، فلا تصدق علىّ الأظناء، رحمك الله، والسلام».
ردٌّ كأنه إحدى رسائل التلكس فى أيامنا الحاضرة، وهو رد لا يغنى من جوع، ولا يسمن من شبع، فعلى قد طلب حساب بيت المال، فلم يظفر من ابن عباس إلا بنفى التهمة وبالسلام، وما عليه إلا أن يعاود الكرة، موضحًا ما يطلبه، مؤكدًا عليه، محاولا استثارة النخوة الدينية لديه، ولنقرأ خطاب علي:
«أما بعد، فإنه لا يسعنى تركك حتى تعلمنى ما أخذت من الجزية، ومن أين أخذته، وفيما وضعت ما أنفقت منه، فاتق الله فيما ائتمنتك عليه واسترعيتك حفظه، فإن المتاع بما أنت رازئ منه قليل، وتبعة ذلك شديدة، والسلام».
لم يعد الأمر اتهامًا ينفيه ابن عباس، بل طلبًا واضحًا ومحددًا، ومطلوب من ابن عباس أن يجيبه، وهو أن يكتب له (كشف حساب) يوضح فى جانب منه موارده من الجزية، وفى الجانب الآخر أوجه الإنفاق.
والحقيقة أن ابن عباس قد أجاب، وهو فى إجابته لم يذكر شيئًا عن موارده وإنفاقه، وإنما تقدم بالخصومة بينه وبين علىٍّ خطوة واسعة، ورد عليه اتهامًا باتهام، فعلىٌّ يتهمه باغتصاب المال، وهو يتهم عليًا بسفك دماء الأمة من أجل الملك والإمارة، وهكذا جريمة بجريمة، بل إن جريمة علىٍّ (هكذا قال وهكذا أفتى) أعظم عند الله من جريمته التى لم ينفها أو يعتذر عنها، ولنقرأ معًا رسالة عبدالله بن عباس إلى علىٍّ (أما بعد، فقد فهمت تعظيمك علىّ مرزئة ما بلغك أنى رزأته أهل هذه البلاد، والله لأن ألقى الله بما فى بطن هذه الأرض من عقيانها ولجينها، وبطلاع ما على ظهرها، أحب إلىّ من أن ألقاه وقد سفكت دماء الأمة لأنال بذلك الملك والإمارة. فابعث إلى عملك من أحببت».
تعيد «البوابة» نشر مقالات للمفكر الراحل فرج فودة علها تكون نفعًا لنا فى مثل هذه الأيام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.