هل يعقل أن يكون لدينا مسلسلان لمحمد منير ولطيفة، وكلاهما من أجمل الأصوات التى أطربت آذاننا وقلوبنا لأكثر من ثلاثين عاما، ويمران مرور الكرام وسط زحام مولد رمضان؟ من هو العبقري الذى تصور أن وجود اسم لطيفة على مسلسل «كلمة سر» أو منير على مسلسل «المغني» سيكفى هذا المسلسل أو ذاك لسحب البساط من المسلسلات الأخرى، كما فعلت حية موسى فى أفاعي سحرة فرعون؟ إن أبسط قواعد احترام النجم الذى يلعب بطولة العمل الفني ويحمل مسئوليته فوق كتفيه هو أن يقوم على إخراجه وتصويره ومونتاجه ويشارك في تمثيله كفاءات ومواهب ترفع العمل لا تهبط به، وكل ذلك غير ممكن بدون نص متميز ومناسب، وللأسف لم يتحقق شيء من ذلك في المسلسلين.. اللذين تحولا إلى قصاصات مصورة من الحكايات العاطفية تذكرني بالحكايات المصورة في مجلتي «سمر» و«سحر» اللتين كانتا تصدران في بيروت في سبعينيات القرن الماضي. هل يعقل أن يكون لدينا عادل إمام ومحمود عبدالعزيز، النجمان اللذان قدما عشرات الأفلام الناجحة في السينما، وصاحبا أكثر المسلسلات نجاحا في تاريخ الدراما، «رأفت الهجان» و«دموع في عيون وقحة»، ويمر مسلسلاهما «مأمون وشركاه» و«رأس الغول» مرور البخلاء وسط «عيال» موسم رمضان؟ إذا كان النجم الكبير نفسه لا يهتم باسمه ونفسه، ولا يفكر سوى في الملايين التي يتقاضاها مقابل نزوله إلى المولد والرقص فيه مثل الجميع، فلماذا يغضب حين ننتقد هذه الأعمال، وهو أول من يعرف ويعترف أنها مجرد «أكل عيش وكباب وجمبري وسيمون فيميه»؟ هل يعقل أن يتسابق كل هذا الكم من المسلسلات في شهر واحد، ويتركون بقية السُنة، وهل يعقل أن يتجمع معظم الفنانين الكبار والشباب في هذه المساحة الزمنية الضيقة، مثل العائلة التي تركت البيت الفسيح وسكنت كلها في غرفة واحدة منه، في «الإيفيه» الشهير من مسرحية عادل إمام «شاهد ما شافش حاجة»؟ فى الزحام يتساوى الجميع ولو فاز أحد سيكون غالبًا الأعلى صوتًا والأكثر صخبًا وعنفًا وبكاءً، ومثلما نجد فى الحياة اليومية، كذلك نجد في الصراع الدائر لاحتلال الشاشة، وفى القصص التي تدور على الشاشة، أن الأعلى صوتًا والأكثر صخبًا وغلظة يكسب. ولا عجب أن يتصدر محمد رمضان غلاف مجلة «الإذاعة والتليفزيون» نفسها بعنوان يقول «أنا الزعيم الجديد».. ولا عزاء لبقية الزعماء. راجع عناوين أفلام ومسلسلات ومسرحيات محمد رمضان لتعرف نوع اللغة والبارانويا التي تجتاح البلد منذ أن رفع غطاء بلاعة مبارك عنها: «عبده موتة»، «قلب الأسد»، «رئيس جمهورية نفسي»، «الأسطورة».. وبالمناسبة رأيت منذ فترة إعلانات دروسًا خصوصية على جدران الشوارع تصف المدرس بلقب «الأسطورة» وأخرى تصف المدرس ب«الامبراطور».. وإذا كان هذا حال معلمي الأجيال فماذا تتعجبون من ألقاب الزعيم عادل إمام والأسطورة محمد رمضان، والكينج محمد منير والساحر محمود عبدالعزيز؟ وحده يحيى الفخراني لم يجدوا له سوى لقب «النجم الكبير».. يبدو أنه مؤدب أكثر من اللازم!