رفض حزب التحالف الشعبي مشروع موازنة 2016/2017، معتبرا أن البيان جاء متناقضاً متضارباً وغير دقيق ولا يتسم بأي قدر من الشفافية. وقال الحزب في بيان له اليوم، إنه في الوقت الذي يعاني فيه المصريين من الإرتفاع الجنوني في أسعار السلع والخدمات ومعدلات التضخم والبطالة والفقر، ونقص الدواء وإنقطاع مياه الشرب والري عن مناطق كاملة، قدمت حكومة "إسماعيل" بيان الموازنة للعام المالي2016-2017 لمجلس النواب وهو الذي يعكس بوضوح تام سياسة الحكومة وإنحيازاتها الإجتماعية ضد الفقراء، ومحدودية رؤيتها لدور الدولة التي لا تراها سوي دولة مُنسحِبَة لا من الإنتاج فحسب بل من السوق و تنظيمه لصالح الفقراء. واضاف الحزب أن الموازنة الجديدة تُعد علي ذات النسق منذ أيام "مبارك" إستخداماً لنفس أدواته لكن بمستوي أكثر بؤساً وأشد سؤاً حيث مازال الإقتراض هو السبيل الوحيد لسد عجز الموزانة، مازال التقشف وضغط الإنفاق يأتي أولاً علي حساب ذوي الدخل المحدود والمعدوم الذين إزداد عددهم بشكل مقلق وبما ينذر بكوارث إجتماعية بالغة الخطورة، و ما زالت أبواب الفساد مشرعة لمزيد من النهب. واعتبر الحزب أن بيان الموازنة للعام المالي2016-2017 جاء معيباً من الناحية الدستورية بشكل يهدرها و يفرغها من كل مضامينها و أهدافها بسبب مخالفة ما جاء بها لنص المادتين 18 و19 من الدستور بشأن كل من الصحة والتعليم، إذ بلغ حجم الإنفاق علي الصحة نسبة 1.5% (أي 49 مليار جنيه) من الناتج المحلي بينما ما يتوجب إنفاقه هو 3% (أي 96 مليار جنيه)، وبلغ حجم الإنفاق علي التعليم نسبة 3.2% (أي 104 مليار جنيه) من الناتج المحلي بينما ما يتوجب إنفاقه هو 6% (أي 194 مليار جنيه). وأكد أنه يمثل مخالفة دستورية شديدة الوضوح، فقد جاء بيان الموازنة متناقضاً متضارباً وغير دقيق ولا يتسم بأي قدر من الشفافية إذ وَرَدَ في مقدمته أن الحكومة "تهدف إلي تحقيق الإستقرار المالي والاقتصادي من خلال السيطرة علي معدلات عجز الموازنة والدين العام وعلي معدلات التضخم ووضعها في مسار نزولي". وقد أشارت الحكومة في مقدمة بيانها أيضاً إلي أنها تسعي ألا يتعدي الدين العام 97% من الناتج المحلي كما جاء بالمقدمة، كذلك أن الاحتياطي النقدي بالعملات الأجنبية يغطي واردات من 3-4 شهور. إن ما أعلنته الحكومة في بيان الموازنة لا يتفق أبداً مع ما تقوم به علي أرض الواقع فهي تسعي حثيثاً لمزيد من الإقتراض دون دراسة البدائل منخفضة التكلفة الإقتصادية كقرض تمويل مفاعل الضبعة، مما يزيد كلاً من عجز الموازنة و الدين العام لمستويات لم يشهدها تاريخ الإقتصاد المصري الحديث، كما أن نسب التضخم تزداد يومياً وهو أمر يُتوقع إستمرار حدوثه إن إستمرت تلك السياسات، فضلاً أن الإحتياطي "الحقيقي/القابل للإستخدام " لا يكفي بالكاد إلا لإستيراد شهر ونصف الشهر فقط لأن رقم الإحتياطي المعلن من الحكومة و هو 17 مليار دولار يتضمن قيمة ذهب وحقوق سحب خاصة تقدر بنحو 4.2 مليار دولار لا يمكن تسييلها وتحويلها إلي نقد و قروض واجبة السداد خلال سنة وتقدر بنحو 5.5 مليار دولار وبالتالي فإن مبلغ الإحتياطي الحقيقي النقدي للعملات الأجنبية هو 7.3 مليار جنيه وهو يكفي لتغطية المتطلبات الإستيرادية لشهر ونصف الشهر علي أقصي تقدير وهو الأمر الذي كان ينبغي علي الحكومة في بيانها أن تظهره بشفافية للشعب المصري. قامت الحكومة بما يلي في موازنة العام المالي 2016-2017بالمقارنة مع العام المالي 2015-2016: قدرت الحكومة تحقيق عجز بنحو 319.5 مليار جنيه بنسبة 9.8% من الناتج المحلي مقارنة بعجز يبلغ 318.2 بنسبة 11.5% من الناتج المحلي للعام الماضي وهي نسبة مضللة في إحتسابها حيث جري إحتساب نسبة العجز بناءاً علي رقم مبالغ فيه لدرجة كبيرة من الناتج المحلي لإظهار جهودها لخفض تلك النسب.. خفضت الحكومة دعم المواد البترولية من 61.7 مليار جنيه إلي 35 مليار جنيه من خلال زيادات متتالية في أسعار المحروقات للمواطنين فاقت مثيلاتها بالعالم في الوقت الذي ظلت فيه المصانع الخاصة كثيفة الإستهلاك للطاقة تتمتع بهذا الدعم، بينما هي تبيع منتجاتها بالأسعار العالمية لتحقق هوامش ربحية خيالية لا شبيه لها في أي صناعة بالعالم بنسبة خفض قدرها 43.3%. خفضت الحكومة دعم شركات المياه من 1.5 مليار جنيه إلي 1 مليار جنيه بنسبة خفض قدرها 33.3%. خفضت الحكومة المنح والمساعدات من 8 مليارات جنيه إلي 4 مليارات جنيه بنسبة خفض قدرها 50%. خفضت الحكومة دعم برنامج الإسكان الإجتماعي من 2 مليار جنيه الي 1.5 مليار جنيه بنسبة خفض قدرها 25%. علي الرغم من أن الحكومة قد زادت الأجور من 212 مليار جنيه الي 228 مليار جنيه أي بنحو 16 مليار جنيه إلا أن تلك الزيادة قابلتها من الناحية الأخري زيادة في ضريبة المرتبات و ما في حكمها من 29 مليار جنيه إلي 33 مليار جنيه أي بزيادة قدرها 4 مليار جنيه في الوقت الذي زادت فيه الضرائب علي المبيعات من 122 مليار جنيه إلي 172 مليار جنيه أي بزيادة قدرها 25 مليار جنيه. و علي هذا الاساس فإن أي مُحلل موضوعي للأرقام سيدرك أن الزيادة التي أجرتها الحكومة في الأجور سيتم تمويلها من الضرائب علي ذات الأجور وكذا من ضريبة المبيعات التي يدفعها الأغنياء والفقراء بنفس القدر وبغض النظر عن تفاوت مستويات الدخول. وإذا ما أخذنا الإرتفاع الجنوني في أسعار السلع و الخدمات بالإعتبار دونما أدني تدخل من الدولة لضبط الأسعار و تنظيم الاسواق فسيتضح أن ما سيتم اتخاذه من إجراءات لزيادة الاجور ستلتهمه الضرائب وإرتفاع الاسعار فوراً و بلا أي فائدة يجنيها الفقراء بل سيصب ذلك في مصلحة التجار ومافيا الإستيراد. زادت الحكومة قيمة الفوائد المدفوعة عن الديون من 244 مليار جنيه إلي 292 مليار جنيه بنسبة زيادة قدرها 19.6%، كما قدرت الحكومة أن إجمالي الدين العام سييبلغ 3.1 تريليون جنيه في نهاية يونيو 2017، ويري حزبنا أن الحكومة تنتهج نهجاً بالغ الخطورة في مسألة الديون باستمرارها في الإقتراض خاصة من مؤسسات الإقراض الدولية كالبنك وصندوق النقد الدوليين والبنك الأوروبي التي تفرض شروطاً جائرة ستؤدي إلي إستعمار إقتصادي تتحكم فيه تلك المؤسسات التي تمثل الذراع الإقتصادي لقوي الإستغلال و نهب ثروات الشعوب التي تطرق أبوابنا الآن في محاولة لإغراق البلاد في فخ الديون. أن هذه الشروط تتمثل في الضغط لأجل خفض الإنفاق العام في مجالات الصحة و التعليم و البحث العلمي والزراعة، وتحرير الأسعار ليقع المواطن فريسة لمزيد من إتفاع الأسعار من خلال ترك تحديدها لآليات العرض و الطلب دون تدخل، و تحرير سعر العملة المحلية دون تدخل من السلطات النقدية و هو الأمر الذي مارسه البنك المركزي منذ فترة بالفعل حين قام بخفض دراماتيكي لسعر الجنيه المصري بنسبة 14% دفعة واحدة، بالإضافة إلي الخصخصة البغيضة التي عادت لتطل بوجهها القبيح و بما يخالف المادة 33 من الدستور التي نصت صراحة علي "تحمي الدولة الملكية بأنواعها الثلاث، الملكية العامة، و الملكية الخاصة، و الملكية التعاونية"، لتعيد الخصخصة مرة أخري و بوسيلة جديدة تتمثل في طرح زيادات لرؤوس أموال شركات و بنوك عامة للتداول في البورصة أو بالبيع المباشر لها من خلال تقييمها ثم تحديد ما أُطلق عليه حصر الأصول غير المُستغلة للتصرف فيها كما جاء بخطة حكومة "إسماعيل" التي قُدمت منذ فترة لمجلس النواب و نالت للأسف الشديد موافقته. من المتوقع أن يشهد الدين العام مزيداً من الإرتفاع في ظل ما تخطط الحكومة لإقتراضه و بالأخص القرض الروسي لتمويل مشروع الضبعة مما سيؤدي إلي زيادة متوسط نصيب الفرد من الدين العام ليصل إلي نحو 37 ألف جنيه و ربما يزداد ليصل إلي 40 ألف جنيه إذا ما أفلحت محاولات مؤسسات الإقراض الدولية في الضغط لمنح مزيد من الديون. لم تقدم الحكومة أي برنامج واضح لا في خطتها و لا في الموازنة لخفض معدلات البطالة و الفقر سوي ما أسموه ببرنامج "كرامة و تكافل" و هو ما يمثل خطوة بائسة و محدودة في سبيل إلغاء الدعم العيني و إستبداله بدعم نقدي سيتآكل مع إرتفاع معدلات التضخم و إنهيار العملة المحلية. لم تقدم الحكومة أي برنامج واضح لا في خطتها و لا في الموازنة لعلاج الإختلالات الهيكلية بميزان المدفوعات و ضبط الإستيراد السفيه الذي يأكل اليابس و الأخضر و يودي إلي تحويل فائض القيمة (إن وجد) إلي الخارج. لم تقدم الحكومة أي برنامج واضح لا في خطتها و لا في الموازنة لفرض الضرائب التصاعدية التي نص الدستور في المادة 38 منه علي وجوب فرضها علي دخول الأفراد. لم تقدم الحكومة أي برنامج واضح لا في خطتها و لا في الموازنة لتحصيل الأموال التي هربها نظام "مبارك" للخارج و لا لتحصيل فروق أسعار أراضي الدولة المنهوبة التي أشار المتحدث الرسمي بإسم اللجنة "الحكومية" لإسترداد أراضي الدولة في حديثٍ صحفي منذ أيام إلي أنها قد بلغت 358 مليار جنيه. إن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي ليتقدم للشعب المصري بالحلول الآتية و يطالب كل مصري بالإصرار عليها لما فيها من تحقيق لمصالحه و لوقف الهدر في أموال الشعب و تلافي المخالفات الدستورية الواضحة: 1. ضم الصناديق الخاصة بالكامل لموازنة الدولة و التي قدررت الحكومة ضم 10% فقط من مواردها بمبلغ 5 مليار جنيه للموازنة . 2. ضغط نفقات مجلس النواب التي إعتمد المجلس بالفعل في تصرف مشين زيادتها لتصل الي نحو المليار جنيه . 3. إلغاء بند الإحتياطيات العامة الذي قدرته الحكومة بمبلغ 17 مليار جنيه. 4. إلغاء دعم المُصدرين البالغ قيمته 2.6 مليار جنيه. 5. إلغاء دعم الطاقة الذي تتمتع به المصانع الخاصة كثيفة الإستهلاك للطاقة و التي تبيع منتجاتها بالأسعار العالمية مع توجيه الفائض المقدر بنحو 15 مليار جنيه لزيادة دعم المحروقات و السلع الإستهلاكية للفقراء فقط . 6. وقف برنامج الخصخصة تماماً سواء بشكلها المباشر من خلال البيع أو بشكلها غير المباشر من خلال زيادة رؤوس اموال بعض البنوك و الشركات العامة و طرحها للتداول بسوق المال . 7. وقف برنامج الإقتراض لسد عجز الموازنة تماما و قصر الإقتراض علي ما يصب في مشروعات تنموية حقيقية تلعب فيها الدولة من خلال القطاع العام دور المنتج و التاجر المرجح و تطرح قيمة مضافة بالمجتمع و لا تؤدي الي تسرب فائض القيمة (إن وجد) للخارج، مع وضع جدول زمني لوقف إستيراد بعض السلع التي لها بديل محلي لمدة معينة و ذلك للحفاظ علي إحتياطي العملات الأجنبية المتدهور، بالإضافة إلي الدخول في مفاوضات مع المقرضين الحاليين لأجل إعادة جدولة الديون لحين تعافي الإقتصاد . 8. فرض الضرائب التصاعدية التي نص الدستور عليها و قطع الطريق علي المزيد من التهرب الضريبي. 9. ضغط المصروفات الحكومية مع الإلتزام الصارم بالنسب المنصوص عليها دستورياً فيما يتعلق بالإنفاق علي الصحة و التعليم و البحث العلمي . 10. تحصيل فروق أسعار أراضي الدولة المنهوبة التي أشار المتحدث الرسمي بإسم اللجنة "الحكومية" لإسترداد أراضي الدولة في حديثٍ صحفي منذ عشر أيام إلي أنها قد بلغت 358 مليار جنيه و هي القيمة الكفيلة بسد عجز الموازنة الذي قدرته الحكومة بمبلغ 319 مليار جنيه. 11. التخطيط لتغيير نمط الإقتصاد المصري و تحويله من ريعي-إستهلاكي إلي إنتاجي-تنموي مع و وقف الإعتماد الكامل علي الخارج إلا فيما تقتضيه الضرورة لضمان تنمية متمحورة علي الذات تكفل إستقلالاً وطنياً حقيقياً خلال فترة تتراوح ما بين 5 إلي 8 سنوات من خلال بناء عملية تصنيع كبري و تطوير الزراعة بما يحقق إكتفاءاً ذاتياً من الغذاء السلع و البضائع دون إهمال الإنفاق علي الصحة و التعليم و البحث العلمي و الإسكان بخلاف ما تقتضيه التنمية من مشروعات للطاقة النووية و الشمسية و تطوير العشوائيات و الإسكان. 12. رصد 300 مليار جنيه لتطوير الصناعة يتم توفيرها من التمويل من البنوك المحلية علي فترة تتراوح ما بين 3 إلي 5 سنوات بما ما من شأنه أن يوفر ما لا يقل عن 8 مليار تمثل نصف ما يتم إستيراده من سلع غير بترولية و غير زراعية . 13. رصد 40 مليار جنيه سنوياً للإنفاق علي تطوير الزراعة من خلال ما يتم توفيره من جراء تغيير فلسفة إعداد الموازنه حسبما سبق ذكره و سيؤدي هذا التوسع في برامج تطوير الزراعة و تنمية الثروة الحيوانية و رفع مستوي الإكتفاء الذاتي من الحبوب كالقمح و الذرة و الأرز و مضاعفة الإنتاج للحوم و منتجات الألبان و مضاعفة الإنتاج السمكي غير الملوث بما يحقق إكتفاءاً ذاتياً من الغذاء خلال فترة تتراوح ما بين 5 إلي 8 سنوات بما يوفر نحو 5 مليار دولار تمثل قيمة المواد الغذائية المستورة بالإضافة إلي نحو 5 مليار دولار أخري تمثل قيمة الحبوب المستوردة. 14. رصد 4 مليار دولار من تمويلات البنك الدولي للإنفاق علي إنشاء معمل تكرير للبترول بسعة قدرها 100 الف برميل يوميا بما يكفل تحقيق إكتفاءاً ذاتيا بمقدار 50٪ من المواد البترولية المستوردة و هو ما يوفر نحو 8 مليار دولار سنوياً. إن حزب التحالف الشعبي الإشتراكي إذ يرفض موازنة العام المالي 2016-2017 و يطالب مجلس النواب بردها لوزارة المالية لتعديلها بما ورد أعلاه من مقترحات، ليؤكد علي ضرورة إدراك أن مفهوم الدولة "المُنسحبة/الحارسة" التي تكتفي بالإنفاق علي الامن الداخلي و الدفاع و القضاء هو مفهوم عفي عليه الزمن و إختفي تماماً من قواميس السياسة، و عليه فلابد للدولة من أن تلعب دوراً أكثر فعالية في التدخل في الإنتاج بالإضافة إلي ضبط الاسواق و لا يقتصر دورها علي مجرد التوجه بالطلب للتجار أن يترفقوا بالمواطنين و لا يرفعوا الأسعار.