كأنها تقر ببعدها عن الدين؛ تستهدف المصلين وتقتل منهم ما يقرب من المائتين، خلال شهر رمضان، ثم تزعم تنفيذها للحادث بحجة السعي لتأسيس دولة الخلافة. الأمر رغم كل ما يحمله من تناقض يبدو لجماعة "بوكو حرام" النيجيرية وأنصارها، أكثر منطقية. الجماعة النيجيرية التي ترفع شعارات الخلافة والسعى لإعادتها، مثلها مثل باقي الجماعات الإرهابية، أقدمت على تصفية مصليين خلال شهر رمضان الماضي، لا شيء يمكن أن يفسر لك ذلك إلا أن رمضان الماضي كان الأول الذي يمر على "بوكو حرام" منذ إعلان بيعتها ل"داعش" ما يعني إن الأولى كانت تسعى إلى إثبات تقربها للتنظيم الإرهابي من خلال العمليات الشديدة الوحشية. وشنت جماعة "بوكو حرام" هجمات على شمال شرق نيجيريا، أسفرت عن قتل 200 شخص في أعمال وصفها الرئيس النيجيري، محمد بخاري، ب"لا إنسانية وهمجية". وتمت العمليات التي استهدفت المصلين في المساجد وسيدات في منازلهم، رمضان الماضي، على مدى 36 ساعة، حيث وقعت هجمات في البداية استهدفت مسجد في منطقة بورنو، وبعدها بيومين وقعت عمليات أسفرت عن مقتل 29 شخصًا. في نفس الوقت، قتلت فتاة انتحارية 12 شخصًا حين فجرت نفسها داخل مسجد في بورنو، في هجوم لم تتبنه أي جهة، لكن تتجه المؤشرات إلى تورط "بوكو حرام" لاستعانة الجماعة بالفتيات في هجمات انتحارية سابقة. وفي ظل الدموية التي مارستها الجماعة خلال رمضان الماضي، تتزايد الاحتمالات حول تكرار هذه العمليات، خاصة وأن تنظيم "داعش" الذي بايعته "بوكو حرام"، وتعهدت بالسمع والطاعة له"، قبل أكثر من عام، قد استبق رمضان بدعوات لأنصاره بتحويل شهر رمضان لشهر الانتصارات، واستهداف الغرب. ودعا التنظيم في آخر إصدار له، كان يحمل عنوان "ملة الكفر واحدة"، دعوات صريحة بمحاربة العالم كله، باعتبار إن العالم يحارب "دولة داعش". وفي تقرير نشر على موقع "إدراك" المعنى بالأبحاث السياسية في الشرق الأوسط، رصد التحركات المتوقعة؛ لتنظيم "داعش" خلال شهر رمضان، الذي قال الموقع: إن "داعش" سيستغله لتعزيز نفوذه وإعادة سيطرته إلى المناطق التي فدها. وبخصوص أفريقيا، لفت إلى أن التنظيم سيسعى من خلال عناصره في القارة إلى استهداف السياح الغربيين، علاوة على منافسته لتنظيم "القاعدة" الذي يعتبر وجوده في أفريقيا الأقوى. وتعتبر "بوكو حرام" هي الإضافة الأكبر ل"داعش" حال ما قارنتها بباقي الحركات المبايعة لزعيم "داعش"، إذ اتاحت بيعة "بوكو حرام" لوضع قدم كبيرة ل"داعش" في أفريقيا، لدرجة أن البعض أطلق على "بوكو" حرام لقب "دولة البغدادي في أفريقيا". وتتبنى "بوكو حرام" فكر قريب جدًا من فكر "داعش"، حيث تصنف الحركة كمنظمة جهادية تستهدف المدنيين بحجة الكفر وإقامة شرع الله، لكن الفرق بينها وبين "داعش" في محليتها، حيث كان اقتصر نشاطها على نيجيريا وحدودها مع جاراتها، إلى أن جاء البيعة لتتحول إلى ولاية ضمن ولايات "داعش". ويجدر بنا أن نذكر أن "بوكو حرام"، قبل بيعتها، استطاعت أن تجبر دول كبرى مثل فرنسا على عقد قمم دولية بمشركة رؤساء دول أفريقيا، لبحث سبل التصدي لها. وأقيمت أول قمة دولية لمواجهة "بوكو حرام" في أبريل 2014، بمشاركة دول غربية وأفريقيا، وبعد ذلك بعام في مارس 2015، أعلن التنظيم بيعته ل"داعش"، مما وضع مناطق عمل بوكو حرام في الدول المحيطة ببحيرة تشاد في بؤرة الاهتمام العالمي ومتابعته القلقة لتمدد تنظيم الدولة إلى خارج حدود الوطن العربي. كما خلقت هجمات بوكو حرام في المنطقة ذاتها حركة نزوح سكاني، إلى جانب استعانة الكاميرون بجيش تشاد لطرد بوكو حرام التي تمددت في أراضيها وأراضي النيجر. ومع حلول صيف عام 2015 كان جيش تشاد وعاصمتها محور الهجمات الانتحارية وغير الانتحارية لهذه الحركة. ويقدر عدد ضحايا "بوكو حرام" منذ الإعلان عنها في 2009، وحتى قبل بيعة "داعش" ب13692شخصا. وفي الوقت الحاضر، لا تحتل "بوكو حرام" أجزاء واسعة من نيجيريا، خاصة إنها تحولت إلى مجموعة من العصابات المنظمة، وقد غيرت نجاحات الجيش تهديد بوكو حرام ولكنها لم تقض عليه. ومع تعرض مقاتلي الجماعة للقتل مرارًا على أيدي القوات المسلحة، فإن بوكو حرام لجأت إلى الخطف الشامل والابتزاز لتعويض الخسائر في صفوفها. وقررت نيجيرياوالنيجروتشادوالكاميرون وبنين في يونيو إنشاء قوة مشتركة متعددة الجنسيات قوامها 8700 رجل، على أن تنتشر ابتداء من 30 يوليو لقتال المتطرفين. وستتخذ من "نجامينا" عاصمة تشاد، مقرًا لها على أن يقودها ضابط نيجيري مع مساعد من الكاميرون، طوال مهمة تستمر 12 شهرًا.