قبل بدء شهر رمضان الكريم، يتأهب المصريون لاستقباله استقبالًا خاصًا، ولا سيما أنه يحظى بمكانه خاصة عندهم من مظاهر واحتفالات، يملأها بالبهجة، فهو شهر مميز عند المسلمين عن باقي شهور العام. كان لقدوم شهر رمضان زمان فرحة خاصة لدى الجميع، وهذا نظرًا لعدم وجود وسائل إعلام في هذا الوقت، وربما كان يوجد الراديو لدى بعض المدن، فبواسطته كان يتم إبلاغ المدن والقرى بدخول هذا الشهر الكريم، وبهذا، تبدأ المدافع طلقاتها. كانت المساجد تهيأ بالغسيل وتنظيف الفرش، وتعليق الزينة، وزيادة الفوانيس، الأمر الذي كان له فرحة خاصة لدى الأطفال، وكل مصري، فالفانوس يعد لكل أسرة زمن البهجة والفرحة، كما كان الإفطار غالبًا يكون جماعيًا، حيث كان يتجمع الأهل والأقارب أول أيام الشهر الكريم لتناول الإفطار. وبعد ذلك يفترقون لأداء صلاة العشاء والتراويح، ثم يتم التجمع مرة أخرى مع الجيران والبدء في تلاوة القرآن الكريم، وقضاء الليلة في العبادة. كل هذا عكس هذه الأيام، حيث أصبح رمضان اليوم للمطبخ، وإعداد أصناف المأكولات، وأصبح شهر تتعب فيه المرأة في المطبخ، ويتعب فيه الرجل، نظرًا لغلاء أسعار الياميش، والسلع بشكل عام، وغابت روح "لمة العيلة"، ولا يلتقي الجيران كثيرًا، بل أصبح همّ الناس متابعة المسلسلات والبرامج فقط. فالآن أصبح رمضان هو موسم العرض التليفزيوني، الذي يتسابق فيه المنتجون والممثلون، على أي مسلسل سينجح هذا العام؟، ويتسابق فيه الناس على عدد المسلسلات التي يتابعونها، وبهذا صار همّ الناس ألا تفوتهم حلقة اليوم من المسلسل الفلاني، وأصبحت المسلسلات والبرامج الهزلية، شيئًا من أساسيات شهر رمضان، فالآن يوجد مسلسلات لا تتناسب عرضها إطلاقًا، مع تعليم الشهر الفضيل، حيث يوجد بها المناظر المخلّة والألفاظ غير اللائقة، كما أصبحت البرامج ما هي إلا للمقالب السخيفة التي يفعلها مقدم البرنامج مع ضيفه. لم يبق أي شيء من الماضي الجميل، حيث أصبحت الأمور في الحاضر أقرب من المظهر، أكثر من الجوهر، حيث كان الناس قديمًا، يؤمنون بالجوهر، ويتقربون إلى الله سرًا. أما الآن أصبحت العبادة مفخرة عند أكثر الناس، وتبدل الحال عن الماضي، حيث أصبح الناس يخرجون إلى الأسواق دون ملل بعد تناولهم الإفطار، حتى وقت السحور، وأصبح لا وقت للعبادة بل يسعى الناس وراء ملذات الدنيا، فبذلك أصبحت الحياة مختلفة عن السابق تمامًا.