فى كتاب «إحياء ذاكرة المصريين» للدكتور جودة عبد الخالق الصادر مؤخرا عن دار «العين» يحاول المؤلف تذكير القارئ بالعديد من المقالات التى سبق له نشرها فى بعض الدوريات والصحف، خلال الفترة من 1998م حتى 2015م، وتحدث فيها عن الكثير من المشكلات التى تواجه الوطن. ورغم أن هذه المقالات قد مرّت عليها فترة طويلة، إلا أن القارئ لها سيشعر بأنها ما زالت طازجة تتحدث عن نفس المشكلات التى تمر بها مصر، ففى مقاله المهم «الدعم والخطوط الحمراء» يتحدث جودة عبد الخالق عن مشكلة الدعم التى لا تنتهى، فيقول: «كثر اللغط وتعددت التصريحات من جانب الحكومة ووزرائها حول ما يسمونه ترشيد الدعم وضمان وصوله إلى مستحقيه»، وهو نفس الكلام المحفوظ الذى لم يختلف من حكومة لأخرى، لذلك حينما نقرأ فى مقال عبد الخالق قوله: «الفقراء يئنون تحت وطأة الفقر والبطالة والغلاء، وصار المواطن الفقير يتعرض للمهانة والإهانة وتعطيل المصالح للحصول على رغيف العيش الذى أصبح مصدر غذائه الوحيد، أقول إننا حينما سنقرأ هذا الحديث لا يمكن أن يتوارد إلى أذهاننا أنه مقال كتبه فى عام 2005م؛ ومر عليه كل هذا الوقت؛ لأن نفس المعاناة ما زال يعانيها الشعب المصرى يوميا. يتحدث عبد الخالق عن سعر صرف الجنيه المصرى مقابل سعر الدولار، ويؤكد أن سياسات البنك المركزى المصرى فى تحريك سعر الصرف، من أجل القضاء على السوق الموازية هو مجرد تهديد للعدالة الاجتماعية وزيادة الفقراء فقرا، فيقول: «الملاحظ إن البنك المركزى المصرى يركز كل اهتمامه على تحقيق ما يُسمى السعر التوازنى للجنيه إزاء الدولار، وهو هنا يجرى وراء سراب. والآن بلغ احتياطى النقد الأجنبى مستوى حرجا يُعادل بالكاد قيمة واردات ثلاثة شهور فقط»، إنها نفس المشكلة التى ما زال يعانى منها الاقتصاد المصرى الذى ينهار يوما بعد يوم، لذلك يُطالب عبد الخالق بأن تستخدم مصر حقها كعضو فى منظمة التجارة العالمية، بالبدء فى اتخاذ تدابير لتقليل الواردات طبقا لما تسمح به المادة 18 من اتفاقية الجات. إذا انتبهنا إلى أن هذا المقال كتبه عبد الخالق فى 2015م وكان سعر الصرف حينها فى البنك 7.75 مقابل الدولار، وأن سعر الجنيه اليوم 8.88 فى البنوك بينما فى السوق الموازية بلغ 11 جنيها مصريا؛ فهو يدل على أن ما ذهب إليه عبد الخالق فى مقاله ما زال طازجا وواقعيا وحقيقيا بأن الدولة تستخدم سياسات اقتصادية تؤدى إلى تدمير الاقتصاد المصرى.