ثبتت وكالة "فيتش" تصنيفات مصر الخاصة بالقدرة على الوفاء بالالتزامات المالية "IDRs" طويلة الأجل بالعملة المحلية والأجنبية عند مستوى "B"، مع منحها نظرة مستقبلية مستقرة، وتثبيت تصنيف السندات الممتازة غير المضمونة المقومة بالعملة الاجنبية والمحلية عند مستوى "B". وأكدت الوكالة، في بيان لها، اليوم الأربعاء، تقييم مصر عند مستوى"B"، ومنحت مصر درجة تصنيف "B" من حيث قدرتها على سداد ديونها قصيرة الأجل بالعملة الأجنبية. وتعكس تلك التصنيفات التوازن بين ارتفاع نسبة كل من عجز الموازنة والدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالي، وانخفاض الاحتياطي من النقد الاجنبي لتغطية الواردات، وعدم استقرار الأوضاع السياسية– من جانب –وبين انخفاض حجم الدين الخارجي والتقدم التدريجي نحو تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي – على الجانب الآخر. وفقا لتقديرات فيتش، من المتوقع أن يبلغ العجز في قطاع الموازنة العامة للدولة 11.6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك للسنة المالية 2016 التي تنتهي في يونيو،هذا الرقم وإن كان يمثل تقريبا نفس الرقم المحقق في السنة المالية 2015، إلا أنه يظل أعلى من المستوى المستهدف لعجز الموازنة. ويعزى ارتفاع العجز عن المستوى المستهدف إلى عدة أسباب، من بينها عدم تطبيق ضريبة القيمة المضافة كما كان مقررا (والتي كان من المتوقع أن ترفع حجم الايرادات بنسبة 1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي)، بجانب خفض قيمة العملة في مارس وارتفاع مدفوعات الفائدة. وأشارت الوكالة إلى أن من أهم الأسباب وراء عدم فرض ضريبة القيمة المضافة هو إجراء الانتخابات البرلمانية في الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر 2015، والقرار بالانتظار لحين مباشرة البرلمان لأعماله. كما نوهت الوكالة إلى أن هناك بعض القيود التي فرضتها الحكومة على الانفاق، وبصفة خاصة فيما يتعلق بالأجور. ويستهدف مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2017 – والذي لا يزال ينتظر موافقة البرلمان – خفض العجز في الموازنة إلى 9.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مدعوما بتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وإجراء المزيد من الإصلاحات فيما يخص أسعار السلع المدعمة من الوقود والكهرباء. ورغم أن وكالة التصنيف الائتماني تتوقع أن يظل عجز الموازنة أعلى من المستوى المستهدف – نتيجة ضعف توقعاتها بشأن النمو ومخاطر التنفيذ–إلا أنها تتوقع أيضا أن ينخفض هذا العجز ليصل إلى 11 % من الناتج المحلي الإجمالي. ووفقا لوكالة فتيش، ارتفع حجم الدين العام للحكومة ليصل إلى نحو 90.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2016، وهو أعلى بكثير من متوسط ديون نظائرها. ومقارنة بالدين العام، يعتبر الدين الخارجي للحكومة منخفض نسبيا، رغم أن خفض قيمة الجنيه المصري في مارس كان له تأثير صعودي على إجمالي الدين الخارجي. تتوقع فيتش ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 90.5 بالمائة في السنة المالية 2017، نظرا للانخفاض المحدود في حجم العجز وتوقع مزيد من الانخفاض في سعر الصرف. وفي ضوء ذلك، تتوقع الوكالة أن يؤدي انخفاض العجز وارتفاع معدل النمو الاسمي للناتج المحلي الإجمالي إلى خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. من ناحية أخرى، لا يزال حجم احتياطيات النقد الاجنبي منخفض، حيث يغطي فقط نحو ثلاثة اشهر من المدفوعات الخارجية الجارية، وقد وجهت الحوادث الأمنية ضربة قوية لتدفقات السياحة إلى مصر في 2015-2016،وتزامن ذلك مع بعض الصعوبات التي واجهتها بعض البنود الأخرى في الحساب الجاري. هذا، وقد ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2015، ومن المرجح أن يرتفع هذا العام أيضا، حيث سيتوفر المزيد من الدعم سواء من جهات متعددة الاطراف أو من خلال دول مجلس التعاون الخليجي. وأمام الضغوط التي يواجها ميزان المدفوعات، قام البنك المركزي المصري في منتصف مارس بتخفيض قيمة العملة المصرية أمام الدولار الأمريكي بنسبة 14 في المائة، ومن المتوقع أن يشهد سعر الصرف مزيد من التخفيض. ورغم من ارتفاع إجمالي الدين الخارجي في مصر كنتيجة أساسية للدعم المقدم من دول مجلس التعاون الخليجي في صورة ديون ميسرة، إلا أنه لا يزال أقل من حجم الدين في الدول النظيرة. وتتوقع فيتش ارتفاع إجمالي الدين ليصل إلى نحو 18 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2016، بينما يظل صافي الدين الخارجي أقل بصورة طفيفة من 7 بالمائة مقارنة بمتوسط الدين الخارجي لدى الدول المصنفة B والبالغ 26.3 بالمائة. يأتي معظم الدين الخارجي في صورة قروض ميسرة، وعلى الرغم من تدهور نسبة السيولة الخارجية لمصر إلا أنها لا تزال أقوى من نسبة السيولة في الدول النظيرة.