أكدت الدكتورة ريما خلف وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة (الإسكوا) اليوم الأحد على أن الاستدامة تقتضي تحرير فلسطين من الاحتلال واسترداد الحقوق الوطنية الفلسطينية كاملة وإنهاء الحروب والنزاعات والاقتتالات الداخلية على اختلاف أنواعها ومسبباتها. وقالت خلف - في كلمتها أمام الجلسة الافتتاحية للمنتدى العربي للتنمية المستدامة للعام 2016 الذي انطلقت أعماله صباح اليوم - إن الاستدامة تتطلب إيجاد السبل لترسيخ مسارات التطوّر السياسي السلمي ومعالجة عوامل التفكك القيمي والمجتمعي والوطني والمؤسسي وسد القصور المعرفي في الأنظمة التعليمية وفي البحث العلمي والمهارات وتطوير المنظومة الثقافية بما في ذلك منظومة الإعلام..داعية إلى ضرورة إصلاح منظومات الحوكمة وتطوير المؤسسات والآليات التي تضمن المشاركة على أساس المواطنة الحقيقية. وأضافت "أننا نرى في خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ومبادئها وما تتضمنه من أهداف وغايات ووسائل للتنفيذ، فرصة تاريخية لتجديد الفكر التنموي وللتخطيط الرشيد والمستدام، وتحقيق العدالة والرفاه والدفع بالتكامل بين البلدان العربية نحو مشروع نهضوي يحقق طموحات الشعوب إلى عالم أفضل يسوده السلام والأمن والعدالة ويعيش فيه الإنسان في وئام مع الإنسان ومحيطه في ظل مؤسسات تحمي الإنسان والكوكب وتوفر شروط الاستدامة". وأفادت بأن خطة التنمية المستدامة لعام 2030 تتكون من عناصر أربعة متراصة لا يمكن فصل أحدها عن الآخر وهي: الإعلان السياسي بمبادئه التوجيهية، والإطار البرامجي بأهدافه السبعة عشر، ووسائل التنفيذ، والاستعراض والمراجعة..معتبرة الاستدامة ليست مجرد امتداد في الزمن بل تحوّل في عالم اليوم تتوفر فيه شروط الحياة الكريمة لأجيال الحاضر وحياة آمنة لأجيال الغد. وشددت خلف على ضرورة استئصال الآفات التي تهدد العالم وعلى رأسها الفقر والحرمان والتدهور البيئي والتغيّر المناخي لإنقاذ الحياة على هذا الكوكب، قائلة "إن تحويل عالمنا ليس بالمهمة السهلة بل هو مسئولية وضرورة ملحة وواجب إنساني وأخلاقي للنهوض به من واقع مرير إلى غد أفضل"..مضيفة "أن الانطلاق الثابت والمتدرج على مسار التنمية المستدامة في العالم العربي يعني التصدي لتحديات مزمنة وطارئة تهدد بلداننا ومجتمعاتنا ليس أقلها الاحتلالات الأجنبية والنزاعات المسلحة". وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني المهندس عماد نجيب الفاخوري إن الإقرار بأهداف التنمية المستدامة 2030 يتطلب في هذه المرحلة وضع خارطة طريق لعملية التنفيذ تستند إلى الإطار الإستراتيجي العربي للتنمية المستدامة والأولويات والتحديات الإقليمية والوطنية لكل بلد من بلداننا وفرص التعاون فيما بيننا، وتأخذ على عاتقها العديد من الجوانب الرئيسية على رأسها الإيمان المطلق بمبادئ المشاركة الفاعلة ما بين الحكومات فيما بينها والقطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني في كل دولة من دولنا. وشدد فاخوري على ضرورة إيلاء موضوع الرصد والتقييم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 الأهمية القصوى، لتحديد مسار التقدم في الإنجاز ولتصحيح المسار في حال وجود انحراف عن الأهداف..قائلا "إننا نقف اليوم جنبا إلى جنب لنعلن تضامننا وتكاتفنا وتآزرنا جميعا لمواجهة الأخطار والتحديات الناشئة التي باتت تهدد التنمية المستدامة في منطقتنا والعالم". ونبه إلى أن الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملموسة التي يمر بها الشرق الأوسط حاليا والتي أدت إلى إنتاج عدد متتابع ومتراكم من الأزمات الإنسانية زاد بشكل دراماتيكي المعاناة والهشاشة الإنسانية، حيث ستستغرق هذه الأزمات وقتا لحلها وسيستمر أثرها السلبي في التأثير في برامج التنمية المستدامة للإقليم للعقد القادم على الأقل. وأوضح أن توفير التمويل من أجل التنمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 يشكل تحديا كبيرا أمام المجتمع الدولي، مؤكدا في هذا الصدد على أهمية استمرار المساعدات التنموية الرسمية بل وزيادتها للمستويات المتفق عليها دوليا في مؤتمرات التمويل الدولية السابقة من ناحية وزيادة سقف هذا التمويل ليصل إلى 1% من الدخل القومي الإجمالي بحلول العام 2020 لكل من الدول الأقل نموا وللدول ذات الدخل المتوسط على حد سواء إضافة إلى استكشاف موارد إضافية أخرى يمكن أن تسهم في نموذج جديد لتمويل التنمية يوفر كل الموارد المالية المطلوبة لتحقيق الوعود الطموحة للأجندة العالمية. وحث فاخوري المنظمات الدولية والدول المانحة على تحسين معايير التأهيل للدول متوسطة الدخل التي تتأثر بشدة بالأزمات الإقليمية (مثل الأردن) للوصول إلى أدوات تمويل مبتكرة وسهلة ليست متوفرة في الوقت الحاضر للدول التي تقع ضمن هذه الفئة لكي تحافظ على مرونتها ولا تخاطر بمكاسبها التنموية والتوقعات المتوسطة المدى. وقال إن المشاركة العربية الكبيرة في هذا المنتدى تؤكد الالتزام العربي في إنجاح تحول المنطقة من الأهداف الإنمائية للألفية إلى الأهداف العالمية للتنمية المستدامة وتؤكد الالتزام بالمساهمة في تحقيقها ووسائل تنفيذها بما في ذلك تمويلها وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا ومراجعة ومتابعة تقدم التنمية المستدامة في المنطقة العربية والخطوات المستقبلية. وأكد فاخوري على دعم الأردن لجهود التنمية والتكامل العربي والعمل العربي المشترك ودور الأردن كشريك عالمي وبما يتمتع به من نعمة الأمن والأمان والاستقرار في المنطقة، والتعايش الديني والانفتاح وشريك إستراتيجي في محاربة التطرف والإرهاب.