عرف المصريون الأسواق منذ آلاف السنين، لسد احتياجاتهم الاستهلاكية، وحين اتسعت رقعة العمران، وباتت الأسواق الصغيرة لا تفى بحاجة المجتمعات المزدحمة بالسكان ظهرت أسواق اليوم الواحد، تحديدا في أواخر القرن الماضى، وجاءت كبديل لحل مشكلة الباعة الجائلين، وتتسم هذه الأسواق بوجود كل السلع فيها «من الإبرة إلى الصاروخ»، كما يغلب عليها غياب الرقابة، ما جعلها عرضة لسيطرة البلطجية، ومن ثم باتت خطرا يهدد المواطن. لمن لا يعرف فإن للبلطجية قوانين خاصة بهم، يتقاسمون السوق الواحدة فيما بينهم، فلكل بلطجى منطقته التي يفرض عليها نفوذه بمعاونة بعض الصبية الذين يحددون المساحات بينهم، فإذا كنت واحدا من التجار أو البائعين فلا بد أن تدفع قيمة «الأرضية» فلكل مكان سعره حسب موقعه في السوق وحسب نوع بضاعة التاجر، حيث تبدأ الفردة من 50 جنيها وتصل إلى 400 جنيه. البلطجية ينظرون إلى حجم البضاعة التي يملكها البائع وموقعه ويفرضون عليه دفع المقابل لهم بخلاف باقى الخارجين على القانون والعواطلية ممن يتخذون من الأسواق الشعبية وسيلة للتربح السهل، فهؤلاء يمرون يوميا على الأسواق لأخذ نصيبهم من البائع مثل محتكرى «الفردة» على السوق. مؤخرا شهدت سوق الخميس بحى المطرية حادثة مروعة، عندما أراد أحد البلطجية، تحصيل «الفردة» مضاعفة من أحد بائعى الاسماك، فحدثت مشادة، أخرج على أثرها البلطجى «فرد روسى» وأطلق رصاصة، استقرت في عين بائع آخر. التقت «البوابة» بأحد البائعين رفض ذكر اسمه وقال: «يعانى كل سوق من البلطجية فأدفع أكثر من 120 جنيها، أدفع 60 جنيها أرضية ل أم عمرو التي تتحكم في الجزء الأمامى من السوق وتفرض على كل واحد أرضية حسب بضاعته تأخذ منى ومن غيرى في هذه المنطقة بخلاف باقى العيال «الصيع» اللى ييجى يأخذ 5 جنيهات و10 جنيهات» وعندما سألنا عن دور الحكومة في حمايتهم رد قائلا «الحامى هو الله»، أما في الجزء الخلفى من السوق وعلى أطرافها فهذه منطقة أبوعبير لو كنت ممن سولت له نفسه لكى تعمل مشروعا وتصبح من البائعين فعليك أن تغور وسط هؤلاء البلطجية وتأكل عيش عشان الدنيا صعبة، هكذا نصحنى أحد البائعين عندما قلت له إنى شاب لا أجد عملا وأفكر أن أبيع وأبحث عن مكان لأبيع فيه فقال لى لا بد أن تعرف أولا قانون السوق، لكل واحد مكانه ولا بد أن تستأذن من أبوعبير في هذه المنطقة وتذهب له في الصباح الباكر من يوم الخميس في الحارة لكى يعطى لك مكان وطبلية ويأخذ منك الأرضية وهى 30 أو 50 جنيه أو اكتر حسب البضاعة اللى معاك ومكانك ودفع الأرضية مش بس في سوق بل في كل الأسواق «التلات» بالمرج وسوق «الجمعة بالسيدة» عائشة و«الأحد» بشبين الكوم. والأمر لم يختلف كثيرا ففى سوق التلات يدفع البائع في الناحية الشرقية من 20 إلى 30 جنيها أما في الشارع الغربى وشارع البترول فيدفع البائع 30 إلى 50 أو أكتر كلها تذهب إلى البلطجية، ويقول سعيد (أحد البائعين): «إحنا لازم ندفع الأرضية وبياخدها على أحد البلطجية هما كتير جدا هنا بياخدوا من كل البياعين ويقسموها على بعضهم». والبلطجة والخارجون على القانون لم يتوقفوا على أماكن محددة فهم منتشرون في كل الأسواق ففى أشهر الأسواق وأقدمها سوق الجمعة بالسيدة عائشة التي تتميز بموقعها من قلب القاهرة وأهم المناطق التاريخية، وفي شارع الإمام الشافعى بين القبور نجد الأمر أكثر بلطجة وخروجا على القانون، ففى حوارى هذه السوق تجد كل الممنوعات فلعب القمار في وسط الشارع بخلاف فرض الأرضيات على البائعين. وتقول أم مصطفى (بائعة): «أنا ست متعلمة وجئت لهذا السوق عشان اعلم أولادى احسن تعليم فربنا كرمنى بولدين أدهم ومصطفى ابنى الأكبر ادخلته مدرسة خاصة وأرغمتنى الظروف على أن اتعامل في هذا المكان ولا اخاف من هؤلاء البلطجية لأن حماى وحماتى هم من يحمونى منهم ولكن ادفع كغيرى من البائعين فانا ادفع 50 جنيه». ويصرخ أحد البائعين قائلا «يا عيال يا صيع» وعندما سألته مالك قال لى مش عارفين نكسب ولا نشتغل كل شوية ييجى البلطجية ويأخذون مننا فلوسنا ولاحد يقدر يتكلم معهم». سوق الجمعة مولد.. صاحبه بلطجى اشتهرت سوق الجمعة ببيع جميع الحيوانات الأليفة والشرسة، فربما تظن نفسك في محمية طبيعية فكل أنواع الطيور من حمام وعصافير من جميع الأصناف والكلاب والقطط والثعابين والتماسيح والحرباء والخفاش والسلحفاء فلا نادر ولا ممنوع فكل شيء مباح إلا التصوير. لفت نظرنا لافتة، يعلقها أحد بائعى الثعابين السامة والحرباء، مكتوب عليها ممنوع الاقتراب والتصوير وظننت في بداية الأمر أن هذا مقتصر على هذا البائع ولكن عندما حاولت أخذ صور من مكان بعيد لاحظتنى سيدة كبيرة وقالت السوق ده ممنوع فيه التصوير، وخلى بالك من البلطجية وفى محاولة لأخذ صورة لهذه الثعابين اقنعت أحد البائعين انى احب الثعابين ولكن لا اريد أن اشتريها فسمح لى باخذ مجموعة من الصور مقابل 10 جنيه، ورغم أن هناك اختراقا لقانون البلطجية وتصوير ما يحدث داخل السوق وعرضه على وسائل الإعلام ومناشدة المسئولين كثيرا نجد التعامل مختلفا. الحكومة تمنع الكلاب.. وتترك الثعابين والتماسيح أثناء جولتنا في سوق الجمعة ومحاولة التعرف على الخارجين على القانون والوقوف على أرض الواقع وجدنا مجموعة من أمناء الشرطة يقومون بطرد باعة الكلاب من السوق، ولأن معظم الباعة من المنطقة كان هناك عملية كر وفر فكانوا بعد أن يولى رجال الشرطة يعودون بسرعة كبيرة، ويقول محمود أحد المترددين على السوق إن: «الشرطة قامت بنقل بائعى الكلاب من بداية السوق إلى آخره في منطقة المقابر إلا أنهم عادوا مرة تانية هذا الأسبوع»، موضحا أن السبب الحقيقى وراء هذا هو كثرة أعداد بائعى الكلاب وإغلاقهم التام للطريق أمام المارة وأنه اشتكى الكثير من أهالي المنطقة من بائعى الكلاب، أما المتعارف عليه من زمان أن كل حاجة متوفرة وللبيع في سوق الجمعة. خبراء اقتصاد: الحل سياسي.. والاقتصاد يتأثر بالسلب قال مجدى العشماوى خبير اقتصادى ومصرفى، إن كلمة سوق تعنى جمع البائع مع المشترى في مكان واحد، وإذا أردنا الحديث عن إنشاء سوق لحل أزمة الباعة الجائلين المتناثرين في الشوارع أو الأسواق العشوائية لا بد أن تكون المنظومة متكاملة، لا بد أولا من معرفة السلع التي يبيعها البائع الجائل فهى سلع ليست نادرة ومتوفرة في كل الأماكن فمن غير المعقول أن يتم نقل هؤلاء البائعين في أماكن بعيدة لأنها متوفرة في أماكن قريبة. وأشار العشماوى إلى أنه ضد فكرة سوق اليوم الواحد بالطريقة التي أثير بها فلا يجب أن يخرج مكان هذه الأسواق من الأماكن المزدحمة بالمواطنين، ومن الممكن أن تتطلب من كل رئيس حى أن يقوم بتخصيص مكان كساحات الانتظار أو تحت الكبارى أو استغلال الأماكن واستئجارها من أصحابها وعمل معارض دائمة، ويجب عمل دراسات علمية حول السوق الواحدة والتجربة التركية للسوق الواحدة غير صالحة للتطبيق في مصر. واقترح أن يكون هناك نمرا ثابتة تخصص بعرض متر للباعة الجائلين داخل محطات المترو ويكون بشكل مقنن ومراقب ويتم دفع رسوم تكون عائدا للدولة وتساعد على النهوض بالاقتصاد. وتابع العشماوى: «لابد أن ننظر إلى المشكلة من جذورها فبداية هذا الانتشار هو إهمال الدولة ونجاح عائلات من الصعيد في السيطرة على أماكن مثل العتبة ووسط البلد التي كانت في الأساس ملك لخواجات اشتروها، وأن الهجرة الداخلية مشكلة كبيرة نشعر بها الآن وعلى الدولة والمحليات توفير فرص عمل في كل القرى والمحافظات وفتح سوق عمل ومصانع واستصلاح أراض زراعية للشباب كفرصة بديلة». وأكد أن الدولة إذا قننت هذه الأسواق وقامت بعمل حملات دورية للقضاء على البلطجية الذين يفرضون الإتاوات والأرضيات على البائعين، سيكون العائد كبيرا في خزانة الدولة يدفعه الناس برضا نفس يساعد في رفع الاقتصاد المصرى. سوق الخميس تعوق سيارات الإسعاف لم يتوقف الأمر على البلطجية الذين يفرضون الإتاوات أو البائعين الذين يعرضون الثعابين السامة والتماسيح فهذا نوع آخر من البلطجة غير المقصودة التي تشترك فيها الدولة فلا مكان بديل لهذه الأسواق حتى الآن، ففى سوق الخميس بحى المطرية وفى الشارع الذي تقام به السوق يوجد المعهد القومى للكلى والمسالك البولية، ومستشفى المطرية الجامعى وتعوق السوق دخول سيارات الإسعاف إلى المستشفى.. رصدت «البوابة» سيارة إسعاف تحاول الدخول إلى المعهد القومى للكلى ولكن لا حياة لمن تنادى فإن الزحام الكبير في هذه السوق التي تعتبر واحدة من أهم وأكبر الأسواق المصرية، وأمام مستشفى المطرية الجامعى امرأة كبيرة في السن تقف بجوار كشك صغير تقول بطيبة وصدق، كلمات بسيطة امتزجت بحزن من قلبها على وضع السوق قائلة «زى ما انت شايف عربية الإسعاف مش بتعرف توصل المستشفى ولا تقدر توصل إلى المعهد وغالبا بيكون في حالات صعبة وحصل أن ناس كتير زاد المرض بتاعهم وناس ماتت قبل ما توصل المستشفى وفى ناس كتير قبل كده جت للسوق وصورت ومفيش حاجة تغيرت وسمعنا أكثر من مرة أنه سيتم نقل السوق ولكن كله كان مجرد كلام» بينما يقول حسن أحد بائعى العصير: «حرام عليكم انتو عايزين تقفلوا السوق ليه وتشردونا ليه عشان المستشفى احنا لما يكون فيه عربية إسعاف بنفتح الطريق بس الناس عشان كتير بتتأخر في الدخول وكل الشباب والبياعين أكل عيشهم وحياة أسرهم من هذا السوق ومفيش بديل الشباب مش لاقى شغل يعمل إيه وفروا لنا بديل ومكان كويس وسيبونا ناكل عيش». في هذا السياق جرى التأكيد أكثر من مرة من قبل المسئولين بمحافظة القاهرة على قرب الانتهاء من سوق المسلة، ودخولها حيز العمل لنقل بائعى سوق الخميس إليها، هذه التأكيدات وردت في تصريح صحفى لمحافظ القاهرة جلال السعيد بتاريخ 16 سبتمبر 2014، أكد خلاله على استكمال إنشاء سوق المسلة الجديدة المقامة على مساحة 17 ألف م2 تقريبا، وتتسع لاحتواء من 7 إلى 8 آلاف بائع، وكان من المقرر نقل وتسكين الباعة إلى السوق الجديدة لحل مشكلة التكدس المرورى بالمنطقة وتسهيل حركة المشاة والسيارات بالشوارع المؤدية لميدان المطرية، إلا أن الموضوع توقف وما زالت مشكلة التكدس قائمة لأن سوق الخميس ما زالت في مكانها. وربما يموت المريض أو تزداد حالته مرضا قبل الوصول إلى المستشفى في حى المطرية بسبب مكان السوق، أما في سوق الجمعة بالسيدة عائشة المقامة وسط القبور وبين المدافن فإذا أردت الوصول إلى المدافن صباح الجمعة إلى عصر نفس اليوم يكاد يكون الأمر شبه مستحيل، وسوق الجمعة لا بديل لها حتى الآن. وفى محاولة للوقوف على ما تم في هذا الأمر أكد خالد مصطفى المتحدث الرسمى باسم محافظة القاهرة ل «البوابة» أنه سيتم استكمال سوق المسلة الجديدة وأنه تم التوقف فيه لفترة لمشكلة بين وزارة الأوقاف والمقاول وأنه تبقى فيها بعض التشطيبات جار الانتهاء منها وسيتم افتتاحها قريبا، بمجرد أن يتم استلامها من وزارة الأوقاف. وأوضح أن هناك مشكلة في المرور في هذه المنطقة ويصعب وصول المريض إلى مستشفى المطرية الجامعى أو المعهد القومى للكلى والمسالك البولية وهو أمر بالغ الصعوبة لذا نعمل بقدر الإمكان ونكثف الآن من شرطة المرافق في الشوارع الرئيسية. بقايا حلويات الأغنياء.. سم الفقراء الأسواق العشوائية وخاصة الأسبوعية عرفت برخص الأسعار وأنه لا يوجد شيء غير موجود، فكل حاجة متوفرة كما يقال في المثل الشعبى «من الإبرة إلى الصارخ» من أدوات منزلية وستائر ومفروشات وملابس مستعملة وجديدة لم تنس هذه الأسواق توفير أطعمة للفقراء فكانت أطعمة فاسدة ورديئة ومجهولة المصدر تتصدر المشهد في هذه الأسواق. فبقايا الفنادق والمحال وكسر المصانع ومنتجات أوشكت على انتهاء الصلاحية وأغلبها منتهية الصلاحية متوفرة في هذه الأسواق بأسعار رخيصة ويقبل عليها المواطنون لأنهم لا يقدرون على شراء الجيد منها، فهم لا يبحثون عن صحة جيدة بل إنهم يعملون للحصول على لقمة تسد رمقهم أو قطعة حلوى فاسدة يفرحون بها أطفالهم فانتشرت الأطعمة الفاسدة بكثرة في هذه الأسواق فلا رقابة. الباعة يؤكدون أنهم يمارسون نشاط البيع لهذه الأطعمة منذ 10 سنوات وكلها كسر وبواقى مصانع، هذا هو الحال أمام بائع الحلويات في سوق التلات، فقطع الشيكولاتة الفاخرة والمغلفة غير موجودة وإنما هناك وضع آخر فالشيكولاتة قطع مكسرة وشرائح البطاطس «الشيبسى» في أشولة والكاكاو في الكراتين. تقول إحدى المشتريات: «نحن لا نقدر على شراء الحلويات وأطفالنا يطلبون مننا وأقوم بشراء هذا الشيكولاتة والشيبسى بسعر رخيص وعارفة إنها فاسدة بس بناكلها ونفرح أولادنا واحسن من مفيش والحمد لله راضين وربنا يحفظنا». أما في سوق الجمعة بالسيدة عائشة فبائع الطعام ينادى أي سندويتش بجنيه كبده سجق كفتة كله بجنيه ومخللات يتم تصنيعها بطريقة سيئة ويقدم المواطنون على شرائها غير مبالين وجاهلين بأضرارها. 1650 طن سلع فاسدة حول هذه الظاهرة الخطيرة على الصحة والاقتصاد معا، صرح محمود دياب المتحدث الرسمى بوزارة التموين ل «البوابة»: إننا في عام 2015 فقط ضبطنا من الأسواق العشوائية نحو 1650 طن سلع فاسدة وغير صالحة للاستهلاك الآدمى، تم الضبط بمعرفة مفتشى التموين وتم تحرير محاضر وتحويل المتهمين إلى النيابة العامة لإعمال القانون نحو تلك الجرائم. وأشار إلى أن هناك حملات يومية تقوم بها الوزارة لضبط السلع المغشوشة والمقلدة ومجهولة المصدر وغير الآمنة والمنتهية الصلاحية وتشمل جميع السلع الغذائية من لحوم واسماك وجبن ومشتقاتها إلى جانب الحلويات. طلبك عندنا سوق التلات أو سوق الفقراء كما يطلقون على سوق المرج القديمة، بجانبيها الشرقى والغربى في الجانب الشرقى يكثر بيع الحمام والطيور والخضروات، أما الجانب الغربى فتجد فيه كل شيء يباع بأرخص الأسعار، لذا يقبل عليه الفقراء ومتوسطو الحال فالملابس المستعملة تباع بسرعة فائقة وبكميات كبيرة جدا، والإقبال عليها يزداد من الفقراء لأنهم الأكثر انتشارا في المناطق المحيطة بهذه السوق، ومن شدة الزحام ربما لا تجد ممرا للتحرك رغم أن السوق كبيرة جدا. افرح.. الفستان ب100 والبدلة ب20 وكاملة ب 35، تسمع هذه الأصوات الصاخبة على أطراف سوق المرج، حيث أماكن تجمع الباعة مزدحمة بالبنات المقبلة على الزواج وأمهاتهن فهن يردن أن يفرحن ولكنهن لا يشترين الفساتين على آخر موديل ولا ينظرن إلى الموضة فهن يشترين فساتين بعضها جيد والكثير منها متهالك من كثرة الاستعمال، إحدى البنات وقفت تبتسم، قائلة: «لأختها إيه رأيك؟ حلو الفستان ده»، هذا هو حال كثير من بنات الفقراء. وإذا نظرت على اليمين قليلا ستجد زحاما شديدا متجمهرا حول البائع، لا أسمع إلا صوته وهو يقول بخمسة جنيه أي حتة بخمسة، سألت أمير بالو، هذا اسمه في سوق الملابس المستعملة، ماذا أفعل أذا أردت أن أكون من أحد البائعين في هذا المكان؟ رد قائلا: «إذا كنت تريد أن تعمل فمن الممكن أن أقوم بالبيع لك بأسعار رخيصة جدا سأعطى لك التوكة ب 75 قرش وانت تبعيها ب جنيه ونص والبنطلون ب4 جنيه وتبيعه ب10 جنيه يعنى ب220 تقدر تشترى بضاعة كويسة وتكسب منها وتدفع 30 جنيه أرضية زى ما كل الناس بتدفع». علم النفس.. لا بد من الرقابة المجتمعية ويرى الدكتور أحمد ثابت أستاذ علم النفس، أن هذه سلوك غير مألوف في المجتمع المصرى والغرض منه التربح بشتى الطرق مع الضرب بكل الأعراف والمثل والأخلاقيات الموجودة في مجتمعنا ومنها بيع الحلويات والأطعمة الفاسدة للفقراء وبيع الثعابين والتماسيح للهواة وذلك من شأنه بث روح العنف والعدوان والكراهية لدى المتعاملين بها. وعلى سبيل المثال سنجد أن الكثير من الأطفال ألقاهم آباؤهم بتلك التجارة المربحة ومشاهدة الحيوانات المفترسة ومن ثم يتخذونها وسيلة لتخويف الناس منهم ولفرض السيطرة على الآخرين والتباهى بتلك التجارة ويسخر من الآخرين ويفتخر بنفسه دون الأخذ في الاعتبار الحالة النفسية التي يسببها للآخرين، حيث قد يموت أحد الأشخاص في حالة ألقيت عليه قردا أو ثعبانا أو سلحفاة أو تمساحا. وأكد ثابت أن السماح ببيع هذه الحيوانات ينمى سلوكا جديدا من الانحراف وكما هو معروف أن بعض اللصوص يقومون بتدريب القرود في عزبة الصفيح وغيرها من الأماكن، فهذا يساعد على انتشار السلوك الإجرامى في المجتمع. يواصل ثابت: «أما الأسباب التي تقف وراء هذه الظواهر فهى كثيرة ومتعددة، ولا بد أن تكون هناك رقابة مجتمعية ولا تترك الرقابة فقط للدولة فالبداية تكون في الاسرة وهى التي من شانها بناء المجتمع، وأيضا لابد أن تكون الرقابة على الأسواق مشددة من الجهات المسئولة على حماية المجتمع، والرقابة لا بد أن تكون دورية ولا تكتفى بالأمن فقط بل يكون هناك أطباء بيطريون للرقابة على الحيوانات وسلامتها ومعرفة مصدرها»، كما شدد على أهمية الرقابة وقال إن خطر الحيوانات المفترسة يفوق المخدرات ويجب التعامل معها بحسم لأنها تؤدى للوفاة. بينما ترى الدكتورة منال زكريا أستاذ علم الاجتماع أن المجتمع لا يتأثر بالظواهر المحدودة فسوق الجمعة أو غيرها لا تؤثر بشكل كبير على المجتمع إلا إذا كان انتشار الحيوانات المفترسة أو الثعابين أو التماسيح فذلك لا يؤثر على الأفراد إلا الذين يبيعونها. أما بالنسبة للذين يقتنون هذه الأنواع فلهم مبرر لشرائها مثل إجراء الأبحاث على الحيوانات، أما الباقى فغالبا ما يكتفون بالنظر فقط. وأوضحت أن الرقابة على الأسواق صعبة وكما نقول بالمثل الشعبى «إحنا قاعدين في سوق» والتي تعنى الفوضى وعدم النظام ولا أعتقد أن الرقابة قاصرة على التموين والصحة فقط. مشيرة في هذا السياق، إلى أنها لا تعتقد أن مشاهدة الثعابين والتماسيح تؤثر على الأطفال والأفراد بل يكفى ما يشاهدونه في الأفلام والشارع، بل تدعو إلى مشاهدة الحيوانات المفترسة والثعابين وأن نشرح لهم أن عنف الحيوانات مبرر بخلاف عنف البشر.