الكساد هو أكبر سمة في السوق المصرية هذا العام. معظم الأسواق راكدة، ومبيعات الشركات الكبرى تراجعت إلا في قطاع الصناعات الغذائية الذي ينمو بشكل مطرد مع ارتفاع عدد السكان، وكثير من المصانع خفضت إنتاجها توفيرا للنفقات. الكساد هو النتيجة الأولى لأى أزمة اقتصادية، خاصة أن تراجع القدرات الشرائية للمواطنين يدفعهم إلى ضغط مشترياتهم، ووقف كثير من عادات الشراء الخاصة بسلع غير أساسية. الاقتصاديون ورجال الأعمال يرون أن الحاجة ماسة وضرورية لتفعيل مبادرات وأفكار جديدة لإنقاذ السوق وتنشيطها بشكل عملى، الأفكار عديدة، ومُبتكرة، وبعضها تمت تجربتها في دول أخرى وكانت ردود الأفعال طيبة، وهو ما يدفعنا لعرض بعضها. الفكرة الأولى طرحتها نقابة المستثمرين الصناعيين تحت اسم «افرش بيتك»، وقدمت أوراق عمل لها إلى وزارتى التجارة والصناعة، والتموين والتجارة الداخلية لتنشيط السوق وفك حالة الكساد. وطبقا للأوراق التي شارك في إعدادها عدد من المستثمرين ورجال الأعمال الذين اجتمعوا لدى النقابة لصياغة الفكرة، فإن السوق المصرية تتعرض منذ شهور لأعنف موجات كساد بسبب الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار وتراجع متوسطات الدخول في القطاع الخاص. ويشير محمد جنيدى، نقيب المستثمرين الصناعيين، إلى أن المبادرة تستهدف بيع أجهزة منزلية ومفروشات وأثاث للمتزوجين حديثا بالتقسيط بمشاركة بنوك عامة. وتتمثل المبادرة في تقديم 4 عروض لتأثيث المنازل بالكامل من خلال أربعة مستويات، الأول اقتصادى بمبلغ 28 ألف جنيه، والثانى فوق الاقتصادى ب39 ألف جنيه، والثالث متميز ب53 ألف جنيه والرابع فاخر ب69 ألف جنيه. وتعتمد المبادرة على تقديم الشركات المشاركة أسعارا لا تحقق أي أرباح، حيث يتم بيع ثلاث غرف نوم وسفرة وصالون ب15 ألف جنيه للمستوى الاقتصادى وب30 ألف جنيه للمستوى الفاخر. أما الأجهزة الكهربائية فيتم عمل أربعة مستويات أقلها الاقتصادى ب5500 جنيه، وأعلاها الفاخر 13 ألف جنيه. كما تتضمن أربعة مستويات من الأدوات المنزلية والمفروشات. وتتمثل آلية التنفيذ في تكوين فريق عمل من وزارة التموين والتجارة الداخلية والقطاع الخاص وممثلين للبنوك، لوضع برامج تقسيط مناسبة للمتزوجين حديثا. أما الفكرة الثانية، فيطرحها الدكتور محمود سليمان، رئيس لجنة الاستثمار في اتحاد الصناعات، وتتمثل في طرح مبادرة لشراء السلع الصناعية المصرية بشرط إعلان الشركات المنتجة لتخفيضات جديدة، بما يعنى تنفيذ أوكازيون استثنائى، وفى نظره فإن عمل حملة لتشجيع الإنتاج المحلى يستلزم توفير التمويل اللازم لجمهور المستهلكين لشراء السلع بالتقسيط تحت شعار «فك عقدة الخواجة». ويشير إلى أنه تم تنفيذ حملة مماثلة عام 2002، وحققت نتائج طيبة في القطاع الصناعى. ويقول «سليمان» إنه من الضرورى أن تتبنى منظمات الأعمال الرئيسية مثل اتحاد الصناعات أو اتحاد الغرف التجارية مثل هذه المبادرة. ثالث تلك الأفكار يطرحها جمال محرم، رئيس بنك بيريوس الأسبق والخبير المصرفى، الذي يرى ضرورة توجه الحكومة المصرية إلى اقتراض مبلغ 10 مليارات دولار، وتوجيهها كلها لمشروعات صغيرة يقوم بتنفيذها الشباب. وتعتمد فكرة «محرم» على إنشاء صندوق استثمارى ضخم مهمته تنفيذ مشروعات غرضها الربح تعمل على توظيف عدد كبير من الشباب. ويقترح أن يكون رأس المال الفعلى للصندوق 50 مليار دولار، وأن يتم جمعها من خلال الاقتراض من مؤسسات وبنوك عالمية ودولية. ويضيف أن اليونان خرجت من أزمتها الأخيرة باقتراض وصل إلى 180 مليار دولار، ومصر لن تخرج دون استثمارات جديدة ومتنوعة تديرها الدولة اعتمادا على صندوق جديد بشرط عدم استخدام أي من رأس مال الصندوق في سد عجز موازنة أو تغطية مصروفات حكومية، وتشكيل مجلس إدارة للصندوق مهمته استثمار أمواله بشكل جيد في مشروعات تنموية. ويرى «محرم» أن حجم الدين الخارجى في مصر في الوقت الحالى لا يشكل أي خطورة على الاقتصاد، لأنه ما زال في الحدود الآمنة، وأن هناك فرصا جيدة للاقتراض سواء من صندوق النقد أو غيرها من البنوك والمؤسسات العالمية بشرط حسن إدارة الصندوق، وتوجيهه للاستثمار بعيدا عن موازنة الدولة. ويضيف أن مَن يطلع على اقتصاد لبنان يفاجئ باتساع حجم الاقتراض من الخارج لتفعيل وتنفيذ مشروعات كبرى، وهو ما يسهم في إخراج الدول التي تعانى من أزمات من تلك الأزمات.