أقيمت بالمجلس الأعلى للثقافة احتفالية لتكريم الباحث والفنان سمير جابر، تحت عنوان "موسيقار الحركة"، تقديرًا لمشروعه الفني، بالتعاون مع المركز القومي للمسرح والموسيقى؛ وذلك بحضور العديد من الباحثين والمهتمين بتاريخ الفنون الشعبية والمسرحية. بدأت الاحتفالية بعرض فيلم تسجيلى عن الرقص الشعبي في أقاليم مصر المختلفة، وتلاه كلمة الدكتور مصطفى سليم، رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، والذي أكد أن تكريم المركز للفنان سمير جابر، الجامع الميداني الكبير والباحث، هو شرف كبير "لأنه صاحب أيادٍ بيضاء على الفن الشعبي في مصر". وأضاف "سليم" أن "جابر" عمل على جمع كل ما يخص الفلكلور المصري، من خلال إصدار أطلس الرقصات الشعبية المصرية من خلال المركز في عدة أجزاء، وذلك عبر منهج علمي حقيقي سيذكره التاريخ". وألقى الشاعر مسعود شومان قصيدة أهداها إلى جابر، مؤكدًا أن الأعمال ليست ببلوجرافيا توثقها الصور فقط "لأن أطلس الرقصات الشعبية المصرية الذي أصدره سمير جابر ليس مجرد كتاب من ثلاثة أجزاء حول هذا الموضوع الهام وإنما هو إصدار نادر لفنان يدرك أن دراسته سوف تكون نادرة في مجالها"، مشيرًا إلى أن سمير جابر "يتندر على بلادتنا واهتمام الأجانب بتراثنا الشعبي"، وأكد أن الجهود المبذولة من مصر متواضعة وليست على المستوى المطلوب، ولفت إلى أن تجربة البحث الميداني أهّلت جابر للوقوف على تفرد كل إقليم وما يقدمه من رقصات عن غيرها "فهناك الصهبة الاسكندراني، والضمة البورسعيدى، والحنة السويسي، والتحطيب، والبرجاس، والنوبة، ورقصة الرنجو، وغيرها، ولابد أن نقف احترامًا أمام مجهود رائع فشلت فيه مؤسسات بأكملها وقام به فنان يعرف دوره جيدًا". وقال الدكتور عماد سعيد رئيس البيت الفنى للفنون الشعبية السابق، إن سمير جابر "له فضل عليَّ، وقد اختبرني أثناء دخولي الفرقة القومية للفنون الشعبية وكان يمنحني طاقة إيجابية كبيرة وأنا اختبر"، مضيفًا "عندما توليت إدارة الفرقة القومية فيما بعد استعنت به لإعادة صياغة هوية الفرقة". وقالت الدكتورة لميس جابر: كان سمير يطلعني على أبحاثه أولاً بأول، وكنت آخذ منها بعض التفاصيل، ومنها ما استعملته في تقديم عدد من الحلقات الإذاعية للموالد"، وأضافت "لو اهتز إيماننا بتراثنا سننهار، وسوف اهتم بالتراث الحرفي في أقاليم مصر والحرف التراثية، وفوجئت بأن الفرنسيين اهتموا ببعض هذه الحرف من خلال إقامة بعض المعارض"، وأكدت أنه من الممكن أن يكون الاهتمام بالتراث بداية النهضة من القرية عبر عمل كل القرى كل في تخصصه "فليس من المعقول أن تعمل القرى الريفية في مجال التكنولوجيا مثلًا". وقال الدكتور محمد غنيم "ما شاهدته منذ دخولي إلى وزارة الثقافة، جعلني أتذكر عندما جاء ثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق بباحث روماني وقام بتوثيق جميع الموسيقى الشعبية، وقتها قلنا إننا نسير في الطريق السليم، فإحياء الثقافة لا يتم إلا عن طريق العلم والإبداع، وسمير جابر هو المؤهل للقيام بهذه المهمة؛ داعيًا إلى ضم أطلس الفنون الشعبية إلى المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية "بدلاً من هذا التشتت، على أن يكون هذا الفنان الكبير الذي يمثل ثروة قومية ليتولى هذه المهمة لنلزم فرق الفنون الشعبية بما يرد في دراسته". وقال الباحث الدكتور مصطفى جاد "لقد تعلمت من سمير جابر باعتباره الأخ والصديق والأستاذ عندما كنت جامعًا ميدانيًا صغيرًا، خاصة أن الأسماء في هذا المجال قليلة جدًا"، وأضاف "استطاع جابر أن يتخطى كل المعوقات التي قابلته في مشواره رغم ضعف التكنولوجيا في عهده بالمركز القومي للمسرح، لأنه كان دؤوبًا لا يكل ولا يمل، وكان يدون كل كبيرة وصغيرة في الحركات الخاصة بالرقصات"، وأشار إلى أن جابر "لم يقتصر دوره على توثيق كل ما يخص الفن الشعبي بل أضاف مصطلحات جديدة منها الرقص العقائدي مثل التنورة والذكر وغيرها". وقال سمير جابر في كلمته " أشكر الدكتور محمد أمين عبد الصمد الذي اتعبته في الجزء الأول من أطلس الرقصات الشعبية المصرية، واذا اتسعت التجربة ضاقت الكلمات" وأضاف "سأتحدث عن تجربتي عام 1963 عندما كنت رفيقًا لأحد أهم مصممي الرقصات الشعبية وكان فرنسيًا وعندما سافرت معه إلى النوبة لنشاهد النوبة على الطبيعة كنت حريصًا على أن اتعلم منه تقنية تصميم الرقصات"، مُشيرًا إلى أنها أول مرة يتم الاحتفاء به "فمنذ خمسين عامًا وأنا ملقى على الرصيف لم يشعر بي أحد"، وأشار إلى أنه لابد من تدعيم الفرق الشعبية بالمعلومات والفنون الشعبية "وأن تتحد كل الجهات المعنية بدلاً من العمل بنظام الجزر المنعزلة، فمصر هي البلد الذي هبط عليه طائر الفن". وفي ختام الاحتفالية دعا رئيس المركز القومي للمسرح أن يبدأ جابر في مشروع أطلس الألعاب الشعبية "وأن يعتبر المركز بيته الثاني، لأننا سنقوم بعدد من الورش الفنية المختلفة"، مؤكدًا أثناء إهداء جابر درع المركز أن هدف التكريم ليس مجرد احتفالية وتنتهي "وإنما هو بداية جديدة للفنانين والباحثين والمبدعين"، مضيفًا أن المركز قام بتكريم عدد من الرواد "منهم زوسر مرزوق الذي عاد إلى الظهور بعدما توارى عن الأنظار، ومديحة حمدي التي ستعود إلى المسرح من جديد عبر نص تقرأه الآن".