قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد بن أمين مدني، إن شعوب العالم الإسلامي تعلق آمالا عريضة على توصل القمة الإسلامية لنتائج تعزز من مسيرة التضامن الإسلامي في مواجهة تحديات المرحلة.. وتتطلع في هذا الصدد إلى اعتماد خطة عشرية إستراتيجية جديدة للفترة من 2015- 2025 تتضمن أولويات محددة وآليات للتنفيذ والقياس. وبين - في كلمته خلال الدورة 13 لمؤتمر القمة الإسلامي المنعقدة في إسطنبول، اليوم الخميس، نقلتها وكالة الأنباء السعودية (واس) - أن وضع هذه الخطة الإستراتيجية العشرية وبرامجها على أسس متينة يبث روح الأمل ويرسي الثقة في مستقبل واعد، وسيشكل مرجعية للمنظمة في جميع أوجه نشاطها، بالتنسيق التام مع الدول الأعضاء والأجهزة والمؤسسات التابعة للمنظمة. وأشار إلى أن القمة الاستثنائية الخامسة حول فلسطين التي انعقدت في العاصمة الإندونيسية جاكرتا مؤخرًا مكنت من إعادة القضية لواجهة الاهتمام الدولي؛ ومن مراجعة التطورت والمستجدات التي تشهدها القضية الفلسطينية، مؤكدا الالتزام بتنفيذ النتائج التي صدرت عن تلك القمة الاستثنائية وإيلاء كل المتابعة والاهتمام بها وتشجيع الأطراف الفاعلة على دعمها. وناشد أمين المنظمة الفرقاء الفلسطينيين بمختلف فصائلهم العمل على تجاوز الخلافات الضيقة، والتغاضي عن الاختلافات، وتقديم التنازلات لتحقيق حكومة توافق فلسطينية قادرة وحقيقية وصاحبة قرار بما يقوي الموقف التفاوضي الفلسطيني ويدعمه. وفي سياق آخر، قال مدني "شهدت فترة الثلاث أشهر الماضية تصاعدا ملحوظا في الأعمال الإرهابية التي وقعت على أراضي الدول الأعضاء في المنظمة، وقد بلغت 174 عملًا إرهابيًا راح ضحيتها نحو من ثلاثة آلاف قتيل وأربعة آلاف جريح؛ كما أن أعمالًا إرهابية أخرى وقعت خارج الدول الأعضاء ونسبت أو أدعت القيام بها تنظيمات تدعي أنها إسلامية، وبلغ عدد القتلى من جراء تلك الأعمال خلال سنة 2016 وحدها 122 قتيلًا، فيما تجاوز عدد الجرحى 520 جريحا". وأضاف "لذلك كان لزاما على المنظمة أن تضع مكافحة الإرهاب في صدارة اهتماماتها اتساقا مع مواد ميثاق المنظمة المتعلقة بالإرهاب والتطرف وتعزيز الوسطية وصكوكها القانونية ذات الصلة، ولا سيما مدونة قواعد السلوك حول مكافحة الإرهاب الدولي التي تم إقرارها في عام 1994؛ ومعاهدة منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي التي أقرت عام 1999، والبرنامج العشري والقرارت الصادرة عن القمة والمجلس الوزاري، وأن تتمسك بموقفها المبدئي ضد الإرهاب بجميع أشكاله وتجلياته، مهما كان من أقترفه وحيثما وقع، وتجدد التأكيد على رفضها القاطع لجميع محاولات ربط الإرهاب بأي بلد أو جنس أو دين أو ثقافة أو جنسية. وأشار مدني إلى أن التصدي للإرهاب لا يمكن أن يتحقق بالوسائل الأمنية والعسكرية وحدها، لافتا إلى ضرورة فهم وتحليل وتقصي ومواجهة الأبعاد المتعددة لهذة الظاهرة، وفي مقدمتها السياقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي توفر الظروف المواتية للإرهاب. أوضح أن الأمانة العامة للمنظمة بدأت في إنشاء وحدة للسلم والأمن كخطوة في سد الفراغ الأمني الذي نتج من غياب تنظيم جماعي داخل المنظمة يعمل على فض النزاعات والحفاظ على الأمن والاستقرار فيها. ودعى الدول الأعضاء إلى استكمال المصادقة على النظام الأساسي لمحكمة العدل الإسلامية، الذي مضى على إقراره 35 عاما ولم تصادق عليه سوى 13 دولة. وجدد مدني مطالبة المنظمة بضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية؛ تطبيقا لبيان جنيف1 لسنة 2012، وضرورة التزام كافّة أطراف الصراع في سوريا بتطبيق مقتضيات قرار مجلس الأمن الدّولي رقم 2254 الصادر بتاريخ 18 ديسمبر 2015، والقرار رقم 2268 الصادر بتاريخ 26 فبراير2016. وفى الشأن العراقي، قال مدني "نعمل بالتنسيق مع الحكومة العراقية على عقد مؤتمر مكة 2 في إطار تحقيق المصالحة الوطنية بين جميع مكونات الشعب العراقي". وفى اليمن، أكد تواصل دعم جهود الحكومة الشرعية وقوات التحالف في تحقيق الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي؛ ودعم جهود استئناف الحل السياسي التي ترعاها الأممالمتحدة. وعلى صعيد الأوضاع في ليبيا، رحب مدني باتفاق الأطراف الليبية بتشكيل حكومة وحدة وطنية برعاية الأممالمتحدة في بلدة الصخيرات في المملكة المغربية.. معربا عن امله في التزام الأطراف ببنود هذه الاتفاق. وفيما يتعلق بالأوضاع في مالي، قال مدني إن منظمة التعاون الإسلامي، باعتبارها ضامنا لاتفاق الجزائر للسلام بين حكومة مالي والمعارضة، ملتزمة بمواصلة الجهود لتحقيق السلام الشامل في البلاد، والمساعدة في جهود إعمار المناطق الشمالية التي تفتقر للتنمية. وفى أفغانستان، أشار إلى تواصل جهود منظمة التعاون الإسلامي مع الحكومة الأفغانية لعقد مؤتمر العلماء كوسيلة لتعزيز السلام والأمن والمصالحة الوطنية في أفغانستان، في إطار متابعة تنفيذ قرارات مجلس وزراء الخارجية في هذا الصدد.. لافتا إلى أنه قد تم الاتفاق مع الحكومة الأفغانية على خطة عمل لعقد هذا المؤتمر بالتنسيق مع كل أصحاب المصلحة. وأبرز الأمين العام دور المنظمة كفاعل حقيقي في جهود تحقيق الأمن والاستقرار في أفريقيا الوسطى، ملمحا إلى أنه حظي بتقدير كبير من قبل الشركاء الدوليين.. ومشيرا إلى المشاركة في مراقبة الانتخابات البرلمانية والرئاسية، والمساهمة في تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاع. وعلى الصعيد الصومالي، ناشد مدني الدول الأعضاء تفعيل الصندوق الاستئماني للصومال، الذي أنشأته الدورة 38 لمجلس وزراء الخارجية.. مؤكدا على التزام المنظمة بمواصلة دعم الصومال، في إطار تنفيذ خطة الركائز الست للحكومة الصومالية، والعمل في هذا الصدد على تحويل مكتب المنظمة إلى مكتب للتنمية للمساعدة في جهود إعادة البناء والتعمير. وفي سياق شبيه، رحب الأمين العام بالحوار الداخلي الذي شهده السودان، كخطوة لتوحيد الرأي وتحقيق المصالحة بين جميع فرقائه، مجددا الدعوة إلى رفع العقوبات الأحادية الجانب المفروضة من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي تعد انتهاكًا لميثاق الأممالمتحدة، ولإعلان حقوق الإنسان والقانون الدولي.. مشددا على استكمال الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات بين السودان وأوغندا، بما يوجد مجالا للتعاون وأفقا لتجاوز أي توترات سابقة. واختتم مدني كلمته بذكر بقية مناطق الأزمات والصراعات ذات الصلة بالدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.. قائلا إن "أهل جامو وكشمير ما زالوا محرومين من حقهم المشروع في تقرير المصير وفقا لقرارات الشرعية الدولية.. كما أن الاحتلال الأرمني لإقليم ناجورنو قرة باغ ما زال يراوح مكانه وندعو إلى حل النزاع وفقًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".