يعتبر المخرج أمير رمسيس نفسه محظوظًا بعمله كمساعد ليوسف شاهين بدايةً من فيلم «سكوت هنصور» حتى فيلم إسكندرية نيويورك، 2006، فالمراهق الذى كان يعشق فللينى اختاره الحظ ليكون مع شاهين، هذا العمل الذى أثر فيه إنسانيا كما يقول رمسيس نفسه وفتح له باب التحول من مساعد مخرج إلى مخرج أفلام طويلة مع فيلمه الأول «آخر الدنيا» أول أفلامه الروائية الطويلة مرورًا بأفلام «ورقة شفرة وكشف حساب وبتوقيت القاهرة». لرمسيس تجاربه المهمة مع السينما التسجيلية المستقلة أبرزها تجربة عن يهود مصر ومؤخرًا فيلمى «الطريق إلى رابعة وسِفر التمكين» وكلها تجارب أثارت جدلا كبيرا حولها، فى حوارنا معه سألنا رمسيس: ■ ما مفهومك عن السينما المستقلة؟ - فى الحقيقة أننى أعتبر السنيما المستقلة بدأت فى مصر مع تجارب المخرج إبراهيم البطوطى فى فيلمى ايثاكى وعين شمس، وأحمد عبدالله فى فيلم هليوبوليس، هذه الأفلام صنعت فى إطار فنى خارج تماما عن إطار السوق، سواء على مستوى الشكل أو الإنتاج، لكن المفهوم بدأ يتعرض للخلل لأن كلمة «فيلم مستقل» تطلق الآن على أفلام مصنوعة بميزانيات تتخطى أحيانا ميزانيات السوق. ■ المخرج على بدرخان رأيه أنه ليس هناك شيء اسمه فيلم مستقل، لأن كل الأفلام فى النهاية مرتبطة بالمنظومة التجارية.. ما رأيك؟ - رأى المخرج على بدرخان قد ينطبق على الفترة التى ينتمى إليها والتى انتهت مع آخر فيلم صنعه فى التسعينيات، لكن فكرة الفيلم المستقل كانت موجودة فى أمريكا مثلا ومع بداية الألفينات وفرت الكاميرات الديجيتال تكلفة رخيصة لصناعة فيلم فبدأنا نرى أفلاما بميزانيات 30000 أو 40000 جنيه خارج نمط السوق تمامًا لا تعتمد على فكرة العرض التجارى تركيزها الأساسى على الجودة. ■ أى فيلم مستقل بالضرورة لا يكون تجاريًا؟ - ربط الفيلم المستقل بغير التجارى موجود فى مصر فقط، لكن فى العالم كله هناك مخرجون كثيرون صنعوا أفلاما مستقلة لكن تجارية جدًا مثلا عندك فيلم The Blair Witch Project فيلم رعب معمول بميزانية قليلة جدا وحقق ملايين الدولارات. ■ هل تعتبر نفسك مخرجا مستقلا؟ - لا أعتبر نفسى مخرجا مستقلا، عندى تجارب مستقلة مثل «عن يهود مصر» لكن أفلامى بتنتمى لشركات إنتاج. ■ بالنسبة ل«عن يهود مصر» قيل إنه تعرض للتضييق الرقابى.. هل هذا صحيح؟ - لم تواجهنى مشكلات فى الأفلام الصغيرة التى صنعتها من قبل مثل نوح الحمام وعمر الخيام بسبب انتمائهما للصناعة، لكن فى تجربة عن يهود مصر قررت الخروج عن شركات الإنتاج وصناعته بتمويل شخصى للابتعاد عن الشبهات، فى البداية لم نتعرض للتضييق من خلال الرقابة على السيناريو أظن أن الأجهزة الأمنية وقتها فكرت أنه فيلم تسجيلى سيراه 5 أو 6 مشاهدين على الأكثر، لكن بعد عرضه والنجاح الذى حققه لدرجة نزوله السينمات بدأت تمارس ضغوط علينا واضطر وزير الثقافة وقتها لمشاهدته بنفسه حتى يقنع الأمن بتمريره. ■ هذا يدفعنا لسؤالك بما تراه من حدود السياسة بالسينما هل هى الرقابة والعكس أم تتخطى إلى دور سياسى؟ - السينما متداخلة مع السياسة، كصناع سينما السياسة جزء من حياتنا اليومية خاصة فى السنين الأخيرة، أو بمعنى آخر هى أطروحة موجودة داخل وعى المخرج وصناع الفيلم لا نستطيع إلغاءها، لكن ليست وظيفة السينما التغيير السياسى لأن هذا يحيلها إلى دور تعليمى، وهذا يتنافى مع كونها سينما جيدة. السنيما لا تلعب دورا توعويًا لكن ممكن أن تكون لاعبا سياسيا من خلال التحليل والتشابك مع الواقع الذى يقوم به الفيلم التسجيلى مثلا. ■ فى فيلميك «سفر التمكين» و«الطريق إلى رابعة» اتهمك البعض بالدفاع عن السلطة؟ - تجربة فيلم «الطريق إلى رابعة» بدأت بعد 30 يونيو واحتشاد الملايين، فى الوقت الذى احتشد فيه الآلاف فى ميدان «رابعة» يطالبون بدولة إسلامية، فكان همى صناعة فيلم لتحليل خطاب منصة رابعة، وكيف يستطيع الوصول للطبقات المختلفة الموجودة فى الميدان وعمل غسيل مخ لهم، عقلية فكر الإسلام السياسى فى هذه اللحظة بالذات فى الشارع، لكن مع بداية صناعة الفيلم الموقف أصبح ملتبسا علينا كصناع الفيلم، فهناك إخوان وسلفيون وجهاديون، وكل منهم لديه موقف مختلف من 30 يونيو فكان همنا رسم شجرة عائلة للإسلام السياسى. أما الجدل الحاصل حول الفيلم فغير مستغرب خاصة أنه كان موجه للبعض الذين عرفوا بانتمائهم لليسار المصرى المعروف عن أغلبه تسطيحه للسياسة. ■ هل تلعب السلطة والنخبة السياسية دورًا فى صناعة السينما؟ - السلطة ما زالت تتعامل مع السينما باعتبارها وسيلة للترفيه وهذه ميزة علينا استغلالها، كل ما تنفقه الدولة على الصناعة ككل 3 أو 4 ملايين فى السنة كحد أقصى لكن على الناحية الأخرى لا توجد نخب سياسية فى مصر حتى يكون لها دور. ■ يقال إن الذى يدخل مدرسة يوسف شاهين من الصعب الخروج من عباءته؟ - هذا غير صحيح فمدرسة يوسف شاهين خرجت عددًا متنوعا جدا من المخرجين مثل داوود عبدالسيد، يسرى نصرالله، ذكى فطين عبدالوهاب، على بدرخان، رضوان الكاشف، عاطف الطيب، قليلون هم من حاولوا استنساخ تجربة يوسف شاهين لكنهم فشلوا. ■ سؤال تقليدى، ما الذى تعلمته من شاهين؟ - من الصعب جدًا أن أقول ما الذى استفدته، مع شاهين الفرد يصبح جزءا من المؤسسة مطالبا بإبداء رأيه فى كل التفاصيل التى تخص العمل من أول المزيكا حتى الإضاءة والممثلين، لكن شاهين يعتبر معلمًا إنسانياً أكثر منه معلمًا سينمائيًا، كان حريصا على نقل الحياة التى عاشها للناس المحيطين به حتى حبه للأكل.