رئيس جامعة أسيوط يدعو الطلاب إلى تبني قيم اللعب النظيف    مشاجرة مسلحة بعين شمس بسبب خلاف بين أطفال    وزير الزراعة: إضافة 3.8 ملايين فدان للرقعة الزراعية بحلول 2027    أحمد موسى يكشف عدد الشركات المشاركة في مشروع "مستقبل مصر"    الرئاسة السورية: الشرع تلقى اتصالا من رئيس المجلس الأوروبي    سفير أوكرانيا في القاهرة: اتفاق "المعادن النادرة" مع واشنطن إيجابي رغم اعتراض موسكو    بموافقة الشرع.. تفاصيل إعادة مقتنيات جاسوس إسرائيلي إلى تل أبيب    كرة اليد، الاتحاد الدولي يعلن رسميا مشاركة الأهلي والزمالك في المونديال    طقس ربيعي، الأرصاد تعلن درجات الحرارة المتوقعة غدا الخميس    كريم محمود عبد العزيز يكشف كواليس لقاء جمعه بأبيه وأحمد زكي (فيديو)    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل به شبهة ربا؟.. أمين الفتوى يحسم حكم البيع بالتقسيط وزيادة السعر (فيديو)    طريقة عمل كفتة اللحم بمكونات بسيطة ومذاق لا يقاوم    كواليس خروج مسمار 7 سم من رأس طفل بمعجزة جراحية بالفيوم -صور    الكويت ترحب بقرار الاتحاد الأوروبي القاضي برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا    «لا تلبي متطلبات العصر ».. «السجيني»: القوانين الاستثنائية القديمة تعيق حل الأزمة بين المالك والمستأجر    تذكرة ذهاب بلا عودة.. خطة إسرائيلية لإفراغ شمال غزة عبر مراكز توزيع المساعدات    الآن.. رابط نتيجة الصف الثاني الابتدائي 2025 في الجيزة (فور إعلانها)    "فسيولوجيا فيه مشكلة".. نجل شقيقه يكشف أسباب عدم زواج عبد الحليم حافظ    أول تعليق من ريال مدريد على إدانة خمسة أشخاص بجرائم عنصرية ضد فينيسيوس    المدن المتاحة في إعلان سكن لكل المصريين 7    مصرع طفل غرقا في ترعة الصافيه بكفر الشيخ    هيئة الدواء: تلقينا 12 ألف استفسار منذ تفعيل منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة    الزمالك يعلن في بيان رسمي توقيع اتفاقية لتسهيل تجديد العضويات    البورصة توافق على القيد المؤقت ل " فاليو "    بيع 6 قصور.. اتهامات متبادلة بين أحفاد نوال الدجوي بشأن الثروة    الشباب والتعليم تبحثان استراتيجية المدارس الرياضية الدولية    افتتاح وحدة تكافؤ الفرص بالجامعة التكنولوجية فى بني سويف -صور    مصر تدين إطلاق النار من قبل الجانب الإسرائيلي خلال زيارة لوفد دبلوماسي دولي إلى جنين    ضبط راكبين بأوتوبيس نقل جماعى تحت تاثير المخدرات.. فيديو    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025.. آخر تحديث    مصرع طفل غرقًا في مياه نهر النيل بكفر الشيخ    «غيّر اسمه 3 مرات».. حقيقة حساب أحمد السقا غير الموثق على «فيسبوك»    طولان: إلغاء الهبوط لم يكن بسبب الإسماعيلي.. بل لمصلحة ناد آخر    ماركو بونيتا: أسعى لتحسين تصنيف فراعنة الطائرة ولا أسمح بالتدخل فى اختيارات القائمة الدولية    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    استعداداً ل«الأضحى».. محافظ الفيوم يوجه برفع درجة الاستعداد القصوى    وزير الخارجية يلتقى مع نظيره الزامبى على هامش الاجتماع الأفريقى الأوروبى    فيتسلار الألماني يعلن تعاقده مع نجم اليد أحمد هشام سيسا    صحة الدقهلية: ختام الدورة التدريبية النصف سنوية للعاملين بالمبادرات الرئاسية    محافظ أسوان يشارك فى إحتفالية فرع الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية    قد يكون صيف عكس التوقعات.. جوارديولا يلمح بالرحيل عن مانشستر سيتي بسبب الصفقات    ولي عهد الفجيرة: مقتنيات دار الكتب المصرية ركيزة أساسية لفهم التطور التاريخي    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 20 فلسطينيا على الأقل من الضّفة الغربية    فيديو يكشف طريقة سرقة 300 مليون جنيه و15 كيلو ذهب من فيلا نوال الدجوي    مصادر طبية في غزة: 8 قتلى وأكثر من 60 إصابة نتيجة قصف إسرائيلي على جباليا وسط مدينة غزة    ضبط 7 أطنان دقيق مدعم قبل بيعه في السوق السوداء بالشرقية    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    تأثيرات التكنولوجيا الرقمية على الأطفال في مناقشات قصور الثقافة بالغربية    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    «التضامن الاجتماعي» تشارك في احتفالية «جهود الدولة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة» بالنيابة الإدارية    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    تحت ال50 .. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأربعاء 21 مايو 2025    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



داعش والعدمية الجديدة
نشر في البوابة يوم 15 - 03 - 2016

لا شك أن شخصًا يفجر نفسه داخل مسجد وبين المصلين إنما هو إرهابى قاتل للأبرياء. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو كيف حدث أن أصبح هذا الشخص إرهابيًا يقتل عن قصد وتدبير مسبق أبرياء يشاركهم اللغة والدين والأرض والسماء والوطن؟ ثمة، بلا شك، أجوبة عديدة على هذا السؤال. ومنها ما يتعلق بالجوانب النفسية، والاجتماعية، والسياسية لهؤلاء الأفراد والجماعات. ولكن الذي يعنينى بالدرجة الأولى هو التفسير القائل بأن بعض الأفكار تصبح أفكارًا قاتلة. أي أن ما نحمله من تصورات وأفكار حول أنفسنا وحول الآخرين وحول العالم هو الذي يحدد علاقتنا بذاتنا وبغيرنا، بحيث تكون هذه العلاقة في بعض الحالات علاقة قاتلة أو عدمية.
تفيد العدمية في أصلها اللغوى: اللاشيء. وإذا كانت الكلمة قديمة قدم اللغة السنسكريتية، وتشير إلى (اللاوجود). وعبرت عن بعض ملامحها أسطورة (سيزيف) اليونانية التي وصفها باقتدار الكاتب (ألبرت كاميه) في قصته المشهورة، فإنها تعنى أيضا انقطاع الحبل والعلاقة ليجد العدمى نفسه إما حرًا أو منحرفًا. وهذا يعنى، أن السمة الغالبة للعدمية إنما هي القطيعة مع العالم. ولقد اتصفت بعض الحركات الإسلامية، كما هو معلوم، ب(التكفير والهجرة)، وبالرفض المطلق لكل ما هو موجود. وحكمت على المجتمعات الإسلامية التي تنتمى إليها بالجاهلية.
وقبلها عرف التاريخ البشرى أشكالًا من العدمية بدءًا من العدمية اليونانية المتمثلة في الشك المطلق، انتهاء بالعدمية السياسية والأخلاقية التي عرفها العصر الحديث وأصبحت لها رموزها: النازية والفاشية في السياسة، ونيتشه وهيدغر وكاميه في الفلسفة، ودوستويفسكى وبلانشو في الأدب.
وتجلت أكثر في المجال السياسي، وعبرت عنها النزعة الفوضوية، التي مثلها باكونين الذي نقل العدمية من حالة النقد الجذرى للقيم إلى حالة الإرهاب العملى، معتمدًا في ذلك على قاعدة: «تدمير أكثر ما يمكن وبأسرع ما يمكن»، وبذلك تماثلت العدمية مع الفوضوية من حيث تحول التدمير والخراب إلى غاية في حد ذاتها.
وفى تقديرى، فإن كل المؤشرات تؤكد أن الجماعات الإسلامية الإرهابية، أمثال (القاعدة) و(داعش)، إنما تحركها هذه النظرة العدمية، معتمدة في ذلك على عملية تحويل الدين إلى أيديولوجية خلاصية تستبدل بالعالم القائم عالمًا آخر وهميًا، بحيث أصبح قتل الذات أو النفس شرطًا أوليًا لبناء الذات في عالم آخر، وتحول الموت عند هؤلاء الشباب، الذين يمثلون في كل الأحوال جيلًا بعينه له صوره المثالية وطوباويته الخاصة، ليس ذلك القدر الخارجى الحتمى الذي يصيب كل كائن حى، وإنما أصبح الموت وسيلة للتحول والتحقق. أي، أصبح طلب الموت من أجل عالم متخيل باسم (الجنة) أو (عالم كامل). وهو المعنى الجديد لهذه العدمية.
ففى الوقت الذي تنكر فيه العدمية النظرية سواء الفلسفية أو الجمالية، أي عالم متعالى، فإن العدمية الجديدة التي يعرفها العالم الإسلامى، تؤكد بمفارقة واضحة، عن ذلك العالم اللامرئى، وتجعل منه حقيقة أرضية مرئية. وكل ذلك بدافع تحقيق تصور طوباوى للدولة، أو بالأصح (دولة الخلافة)، أو (الدولة المستحيلة) كما سماها بعض الباحثين، ناشرة الفوضى واليأس حيثما حلت، وباحثة عن بطولة زائفة يعززها الإعلام المعولم والمؤدلج الذي لا يسمح بالتمييز بين الحقيقى والافتراضى، والواقعى والخيالى، وتقدير الأمور من حيث قوتها وضعفها.
على أن ما يجب التشديد عليه هو أن هذه العدمية الدينية إنما تشير إلى الأزمة العامة التي تعرفها المجتمعات الإسلامية الناتجة ليس فقط عن إخفاق الدولة الوطنية الحديثة في تحقيق أهدافها، وإنما عن إخفاق (الإسلام السياسي) الذي يهدف إلى بناء الدولة الإسلامية، وإلى حالة التقهقر التي لحقت بالمستويات المختلفة للمجتمعات العربية، خاصة ما تعلق بتراجع مستوى التعليم، وغياب الإصلاح الدينى والسياسي، وتردد النخب في الدفاع عن قيم التنمية والتقدم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.