بعد ما يقرب من أربعة عقود في السلطة، انجر العاهل الإسباني خوان كارلوس إلى فضيحة فساد تزلزل النظام الملكي في أسبانيا. واستجوب قاضي تحقيق يوم أمس السبت ايناكي اوردانجارين زوج ابنة الملك، كريستينا، حول مزاعم بشأن استخدامه لمعهد لا يهدف للربح تولى رئاسته ليحول ملايين اليورو من الأموال العامة إلى شركاته. وسلم دييجو توريس ، شريك اوردانجارين التجاري السابق والمشتبه به الرئيسي الآخر في القضية، إلى المحكمة رسائل بريد إلكتروني تورط الملك نفسه. ويزعم أن خوان كارلوس ساعد صهره أوردانجارين في العثور على رعاة لمشاريعه, بل أن توريس ادعى أن القصر كان على علم بكل ما يحدث، وأن القصر نصحه فقط ب“,”المحافظة على المظاهر“,”. ونفى أوردانجارين هذه المزاعم يوم أمس السبت. لكن ذلك لم يبدد الشكوك، فقد طالب الزعيم اليساري كايو لارا بخضوع الملك للمحاكمة إذا وجدت أدلة ضده. ويمنح الدستور الإسباني، مع ذلك، الملك حصانة من الملاحقة القضائية. لكن الحماية لا تمتد إلى أفراد أسرته أو الحاشية. واستجوب قاضي التحقيق السكرتير الملكي كارلوس جراسيا ريفينجا بعد اوردانجارين أمس السبت. وعبر متظاهرون خارج المحكمة عن غضبهم مطالبين بمثول ابنة الملك كريستينا كمشتبه فيها . وقال أستاذ العلوم السياسية بيدرو شافيز: “,”إذا تبين ان العائلة المالكة كانت متواطئة أو تربحت من تعاملات اوردانجارين التجارية، فإن وضع الملك سيصبح غير محتمل“,”. وأصبح الزعيم الاشتراكي الكاتالوني بير نافارو هذا الأسبوع أول سياسي رفيع المستوى يحث خوان كارلوس على التنازل عن العرش لصالح ولي العهد الأمير فيليب. ولعب الملك “,”75 عاما “,” دوراً مهماً في تحول إسبانيا إلى الديمقراطية بعد وفاة الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو في عام 1975، ولكن “,”تحديث“,” النظام الملكي يتطلب “,”شفافية“,”، وفقا لما قاله نافارو. وأثار التدهور في الحالة الصحية للملك ، الذي سيخضع لجراحة في العمود الفقري في شهر مارس المقبل ، تكهنات بأنه ربما يكون على وشك التنازل عن العرش. ونفى القصر الملكي أمس الأول الجمعة أن يكون لديه أي خطط من هذا القبيل. واعتلى خوان كارلوس العرش بعد وفاة فرانكو، بناء على طلب من الدكتاتور نفسه، وكان ينظر إليه في البداية على أنه من صنيعة فرانكو. وقام المتظاهرون في السنوات الأخيرة بحرق صور للملك والملكة صوفيا في إقليم كتالونيا بشمال شرق البلاد ، الذي يشهد حركة انفصالية متنامية. وفي العام الماضي، اضطر خوان كارلوس لإصدار اعتذار غير مسبوق إلى الإسبان بعد أن قام برحلة صيد فاخرة فيما كانت أسبانيا تئن تحت وطأة أزمة اقتصادية طاحنة. وفي الوقت نفسه، أزاح كتاب صدر حديثا النقاب عن الخيانات الزوجية المزعومة للملك - وهو موضوع محظور الخوض فيه حتى الآن في إسبانيا . وتتصدر فضيحة أوردانجارين سلسلة طويلة من فضائح الفساد السياسي، أحاطت واحدة منها بالحكومة الأسبانية نفسها. ويحقق القضاء حاليا في مزاعم بأن رئيس الوزراء ماريانو راخوي وغيره من قادة حزبه تلقوا رشاوي من شركات على مدى ما يقرب من عقدين. ويقول شافيز إن إسبانيا تواجه حاليا “,”أزمة مؤسسية غير مسبوقة“,” بعد ما نال الملكية من تشويه من مثل هذه الفضائح. ويعلق جيليرمو ، مهندس ، قائلا : “,”الملك أصبح عاراً على إسبانيا، مثل راخوي“,”. وتابع “,”حتى لو لم يرتكب جرائم، فقد سمح لنفسه أن يكون ألعوبة في يد أوردانجارين“,”. وطالب المتظاهرون خارج مبنى المحكمة بالتحول إلى الجمهورية. ويقول شافيز إن التأييد الشعبي للتحول من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري لا يزال غير كاف. وحتى وقت قريب،ولم يكن أحد يتوقع أن تقترب قضية فساد إلى هذا الحد من الملك. (د ب أ)