لبنان يعانى انقسامًا بين التصدى لنفوذ حزب الله وخسارة السعودية للأبد «جعجع» و«الحريري» يحمّلان «حزب الله» مسئولية وقف مساعدات سعودية للجيش متخذو القرار السعودي يحاولون انتزاع الدول العربية من براثن طهران بالقوة الناعمة تطورت الأزمة السعودية اللبنانية على نحو لافت، وأصدرت المملكة تحذيرًا لرعاياها من السفر إلى لبنان، وذلك بعد أن أوقفت من قبل منحة مساعدات عسكرية للجيش اللبنانى ب3 مليارات دولار، وأضحت السعودية تتعامل مع لبنان كمطية لإيران، وليست كدولة عربية ذات سيادة. واستغلت المملكة جيدًا موقف لبنان الأخير، من عدم إدانة الانتهاكات التى تعرضت لها سفارتها وقنصليتها بطهران، وإعلان التأييد لإيران فى مواجهة السعودية، بدافع من حزب الله، ونفوذه السياسى فى البلاد، لتبدأ التصعيد ضد لبنان. وعلى الرغم من إعلان السفير السعودى ببيروت، على عواض عسيري، فى حديث مع شبكة «العربية»، أن تحذير المواطنين من السفر إلى لبنان، جاء حرصًا على سلامتهم، وليس منعًا باتًا من السفر إلى بيروت، إلا أن هذا القرار يعكس الاستراتيجية الجديدة للمملكة، فى التعامل مع الواقع الجديد للمنطقة. تقسيم جديد للمنطقة وتنتهج الرياض سياسة خارجية مغايرة، منذ عام 2015، تتمحور حول تصفية وتنقية حلفائها، وتقسيم المنطقة بصورة جديدة، على أساس دول عربية ولاؤها الأول لعروبتها وقوميتها، ودول أخرى تخضع لنفوذ إيران، وتنفذ أجندتها بالمنطقة، وهو ما حدث من قبل فى اليمن والعراق، وكذلك مع السودان، التى استطاعت المملكة انتزاعها من براثن طهران. كانت السعودية أعلنت الجمعة الماضى، أنها أوقفت مساعداتها لتسليح الجيش اللبناني، وقوى الأمن الداخلى اللبناني، «نظرًا لمواقف بيروت التى لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين»، وذلك بعد امتناع لبنان عن التصويت على قرار وزراء الخارجية العرب، الذى طالب إيران ب«وقف دعم الميليشيات والأحزاب المسلحة داخل الدول العربية، واعتبار ذلك تهديدًا للأمن القومى العربي». وأكد مجلس الوزراء السعودي، الإثنين، أن «ما يسمى حزب الله اللبناني»، يصادر إرادة الدولة، وأن المملكة تقف إلى جانب الشعب اللبنانى بكافة طوائفه. أوراق الضغط السعودية ومن أبرز أدوات المملكة فى تنفيذ استراتيجيتها الجديدة، استخدام قوتها الناعمة للضغط على الدول الموالية لإيران، إما بورقة النفوذ السياسي، أو المساعدات المالية والعسكرية، وأحيانا بورقة العمالة المتواجدة على أراضيها، او استثماراتها الخارجية. وتعد المملكة من أكبر الداعمين اقتصاديًا وعسكريًا للبنان، إلا أن تصاعد نفوذ حزب الله بصورة كبيرة مؤخرًا، وتحويل البلاد إلى ولاية إيرانية، دفع المملكة لتغيير استراتيجيتها. ودعا السفير السعودي رجال الأعمال السعوديين، ممن تربطهم أعمال ببيروت، إلى إنابة من يقوم عنهم بالأعمال التجارية، والتقيد بالتنبيه الرسمي، الصادر عن الخارجية السعودية، والذى دعا الرعايا المقيمين فى لبنان إلى المغادرة، وعدم البقاء هناك، إلا للضرورة القصوى، مع توخى الحيطة والحذر، كما جاء فى نص البيان. كما أن المملكة تستضيف أكبر عدد من العمالة اللبنانية بالخارج، ويعمل بها حوالى 450 ألف لبناني، من مختلف الطوائف والتيارات والديانات أيضًا. انقسام لبناني وأمام الضربة السعودية، يعانى لبنان من انقسام حاد حاليًا، ما بين التصدى لنفوذ حزب الله، والانصياع له وخسارة السعودية إلى الأبد. ووفقًا لتقارير إعلامية لبنانية؛ عقد اجتماع طارئ، ضم أعضاء من الحكومة اللبنانية، وممثلين عن حزب الله، وفريق 14 آذار، الموالى للسعودية، برئاسة سعد الحريري، حاول من خلاله التوصل إلى بيان متفق عليه، بشأن علاقات لبنان مع المملكة العربية السعودية. وأصدرت الحكومة اللبنانية بيانًا تصالحيًا، جاء فيه: «لن ينسى أبدًا لبنان استضافة السعودية لمؤتمر الطائف، الذى وضع حدًا للحرب الأهلية اللبنانية، فضلًا عن مساهمة السعودية فى إعادة تأهيل لبنان، فى أعقاب الحرب، واستضافتها لمئات الآلاف من المدنيين اللبنانيين». من ناحية أخرى؛ أدان رئيس الوزراء اللبناني، تمام سلام، الهجوم على دبلوماسيين سعوديين فى إيران، معتبرًا إياه انتهاكًا للقانون الدولي. وقدم «الحريري» ميثاق تضامن، مع توافق عربي، يؤكد على العلاقات المهمة بين لبنان والسعودية، ويدعو المملكة لمواصلة مساعدة بيروت؛ داعيًا المواطنين اللبنانيين للتوقيع على الميثاق، فى محاولة لإظهار الدعم الشعبى اللبنانى للمملكة العربية السعودية. من جانبه؛ حث رئيس الوزراء اللبنانى السابق، سعد الحريري، السعوديةَ على مواصلة تقديم الدعم والمساعدات للبنان، وناشد ملك السعودية، سلمان بن عبد العزيز، «عدم التخلى عن لبنان والاستمرار فى دعمه واحتضانه». فيما حَمَّلَ رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، ورئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، «حزب الله» مسئولية وقف المساعدات السعودية للجيش اللبناني، داعين الحكومة إلى ردع الحزب عن الاستمرار فى التهجم على الرياض. وأعلن «جعجع»، فى مؤتمر صحفي، أمس، أن «حزب الله» هو جوهر الأزمة، مع السعودية والخليج ودول عربية أخرى، وأن بيان الحكومة اللبنانية لم يتخذ موقفًا حاسمًا تجاه حزب الله، مشددًا بأن على الحكومة مطالبة «حزب الله» بالانسحاب من كافة المواجهات العسكرية خارج لبنان. واعتبر «جعجع»، أنه «بين الإجماع العربى والوحدة الوطنية، يجب الأخذ فى عين الاعتبار مصلحة اللبنانيين، وتساءل: أين هى الوحدة الوطنية من قتال حزب الله فى سوريا؟، ومن خوضه مواجهات شاملة على مستوى المنطقة ككل؟، وأين هى الوحدة الوطنية من التهجم على السعودية؟». أكاذيب حزب الله وعلى الرغم من كل ما سبق؛ لم تقتنع السعودية بشكل كامل بكل هذه الإجراءات، خاصة أن «حزب الله» لا يزال على موقفه وسياسته المناهضة للسعودية، ويعمل ضدها ويروج إعلامُه الأكاذيب.