بعد معاناةً من الوحدة تحت وطأة الحياة، أسلم المهدي فاريا روحه لبارئها، بعدما عاش أيامه الأخيرة وهو في أرذل العمر دون سند أو عون، وهو الرجل الذي أحب المغرب كثيرا، لدرجة أنه فضلها على وطنه الأم البرازيل واعتنق ديانة الغالبية العظمى من أهله وأصبح مواطنا مغربيا يموت عشقا في هذا البلد. خطف فاريا الأضواء لسنوات طويلة، حتي رحل في صمت، فهو المدرب البرازيلي المغربي الذي قاد أسود الأطلسي للتأهل لكأس العالم عام 1986، والتي أقيمت بالمكسيك، ليتحول بعد ذلك الي أحد نجوم التدريب في الكرة المغربية والعالم العربي، بعد ان كان مجرد مدرب في الدوري المحلي للجيش الملكي. عاش المهدي فاريا سنوات من المجد والشهرة، منذ أن حط الرحال بالمغرب كمدرب لفريق الجيش الملكي، قبل أن يتم تعيينه وفي ظروف صعبة مدربا للمنتخب الوطني، ليخلف مواطنه البرازيلي “,”فلانتي“,”، الذي يتذكر الجميع كيف هرب في وقت كان يستعد فيه المنتخب الشقيق لخوض مباراة مصيرية أمام المنتخب النيجيري في تصفيات دورة الألعاب الأولمبية، التي احتضنتها آنذاك لوس أنجلوس عام 1984، وفي هذه الظروف الاستثنائية شمر فاريا عن ساعده وبدأ العمل، وفي وقت قصير تمكن من إعادة الروح للاعبين، ليقود المغرب للفوز علي نيجيريا بركلات الترجيح ويتأهل المنتخب الشقيق إلى الأولمبياد. وبعد أولمبياد لوس أنجلوس استضاف المغرب بطولة الألعاب العربية سنة 1985 التي تأهل أسود الأطلسي لمباراتها النهائية بمجموعة من اللاعبين المحليين لانشغال نجوم المغرب بخوض تصفيات كأس العالم وقتذاك، والتي نجح خلالها فاريا في قيادة الفريق للتأهل للمكسيك في مونديال 1986. وهناك في مكسيكو وباقي المدن المكسيكية كان للنجاح لون آخر، بعد أن أذهل المنتخب المغربي الجميع و استطاع بروح لاعبيه القتالية وخبرة الداهية فاريا، من التأهل إلى الدور الثاني للبطولة، ليكون أول منتخب عربي إفريقي يحقق هذا الإنجاز التاريخي. وبطبيعة الحال كان لهذه النجاحات ردود أفعال واسعة، سواء داخل المغرب أو خارجه حيث تم تكريم المنتخب الذي حظي باستقبال ملكي رائع بما يتناسب مع المستوى الكبير الذي ظهر به. قصة إسلامه بعد أن عاش أياما وليالي بين أهل المغرب أشهر جوزي فاريا إسلامه وقرر تغيير اسمه إلى المهدي فاريا، مقتنعا بسماحة ديننا الحنيف، وهي واحدة من الخطوات التي جعلت له مكانةً خاصة جدا لدى الجمهور المغربي، وذلك قبل أن تنتهي مهمته مع المنتخب الوطني بعد نهائيات كأس إفريقيا للأمم، التي أقيمت في المغرب سنة 1988. كان المهدي فاريا يتولى مهمة تدريب المنتخب المغربي، وفريق الجيش الملكي في الوقت نفسه، حيث فاز مع الجيش بالعديد من الألقاب الوطنية والقارية، وقدم للكرة المغربية العديد من النجوم، مثل صاحب الكرة الذهبية محمد التيمومي، والحارسين أحميد ولبرازي ، ثم دحان وشيشا وخيري ولغريسي، وغيرهم من النجوم ويرجع الفضل للمهدي فاريا في إنقاذ مجموعة من اللاعبين داخل الفريق العسكري، حيث دافع عنهم من أجل الحصول على الوظيفة، حتى لا يعانوا البطالة وتقلبات الزمن، الأمر نفسه ينطبق علي لاعبين أشرف على تدريبهم مع المنتخب الوطني، وساعدهم لخوض تجربة الاحتراف في أوروبا لتحسين أوضاعهم المادية والفنية.