حالة من الغضب والقلق سيطرت على الأوساط السياسية بالدولة العبرية، خلال الفترة الماضية، منذ تشكيل «نتنياهو» حكومته المكونة من مزيج من المتدينين واليمين المتطرف، حيث رأى المراقبون حينها أن هذه الحكومة ستذهب بإسرائيل نحو تعظيم قوى المتدينين داخل الدولة، وهو ما تحقق بالفعل، وبدا واضحًا، خاصة بعد سلسلة من التعيينات لشخصيات مهمة في مناصب رفيعة، وثُبت أنهم من خلفيات متدينة. التعيين المرتقب لأفيحاى مندلبليت، مستشارا قانونيا للحكومة، وهو الذي أظهر تدينه قبل فترة قليلة، وكذلك رونى الشيخ مفتشًا عامًا للشرطة، وهو خريج معهد حاخامى، ويورام كوهين رئيس الشاباك، وهو متدين وخريج معهد دينى، كذلك يوسى كوهين رئيس الموساد كان من طلاب الحاخام حاييم دروكمان، إضافة إلى قرب رئيس هيئة الأركان «غابى أيزنكوت»، ورئيس المحكمة العليا من المتدينين، فرأى المُحلل السياسي «أبيرما جولان» في مقالة له بجريدة «هآرتس»، أن وجود المتدينين في مناصب رفيعة يساعد في تنفيذ مطالب الحاخامات مهما بلغت. ومن جانبه، علق المُحلل السياسي «سيفر بلوتسكر» في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، أن الحكومة لا تريد تقليص دور المتدينين، حتى عندما يثُبت ارتكابهم لجرائم، فالمخابرات تكتفى بالكشف عن التنظيم السرى المتزمت، والنيابة العامة تكتفى بتقديم بضعة شباب إلى المحاكمة، والصهيونية الدينية تكتفى بحساب للنفس، والرأى العام يكتفى بتنديد صاخب فارغ، لكن قوة المتطرفين ستتعاظم، وهو السلوك الذي يؤكد خوف السياسيين منهم. وفى نفس السياق، علق الكاتب اليسارى «جدعون ليفى»، في مقاله بجريدة هآرتس، قائلا إن القومية المتطرفة أعلنت انتصارها بشكل ساحق، مضيفا أن الصراع الذي كان بين الليبراليين والمحافظين، أصبح الآن صراعا داخل الصهيونية الدينية، وهى النخبة الجديدة التي لا تعنيها الحلول الوسط. ومن جانبه، علق المحلل السياسي «إيتان هابر» في مقاله بجريدة يديعوت أحرونوت، أن كل حكومات إسرائيل سواء من اليمين أو اليسار، لم تستطع يومًا أن تعتقل حاخاما وتقدمه للمحاكمة، رغم أنها اعتقلت رؤساء وزارات، وتابع قائلا: «الحاخامات في إسرائيل هم من يحرضون المستوطنين ويقربوننا جميعا إلى شفا الهاوية». وفى نفس السياق تناول الكاتب «أورى مسغاف» سيطرة المتدينين على التعليم في إسرائيل في مقاله، حيث أكد أن وزير التربية والتعليم «نفتالى بينيت»، عقد صفقة بين الأحزاب المتدينة، وهي: البيت اليهودى، وشاس، ويهدوت هتوراة، تقوم من خلالها وزارة التربية والتعليم بإعطاء المؤسسات التعليمية الحريدية مليار شيكل مقابل تخصيص ملايين الشيكلات للاستيطان والسلطات المحلية في المناطق، وأضاف مسغاف أن القوى العليا في إسرائيل لم تعد الدولة ومؤسساتها، بل أصبح رجال دين والكتب المقدسة هي التي تحكم دولة اليهود.