هناك العديد من البدو كان يعملون كأدلة لقوات الصاعقة المصرية “,”مجاهدو سيناء“,” كانوا يسكنون الكهوف بأعالي الجبال الاستمرار في تهميش وإهمال أسر المجاهدين يعتبر موت آخر للمجاهدين أنفسهم ستظل ذكرى تحرير سيناء، إكليلًا يتوج به جبين كل عربي بصفة عامة، وكل مصري بصفة خاصة، وعلينا استلهام معانيها لنثبت للعالم أجمع أن ما حققناه في حرب أكتوبر المجيد، نستطيع وبنفس الكفاءة أن نحققه في كل ميادين الحياة، وبالتأكيد سيأتي يوم يظهر في الشوارع والحارات والميادين وبداخل المنازل عازف ناي أو شاعر ربابة مجهول يغني الملحمة والأساطير، ولكنه سيروي هذه المرة روايات حقيقية. سيغنون للأجيال قصص البطولة التي سمعوها وحفظوا أسماء ابطالها. التقى “,”البوابة نيوز“,” ببعض من كان لهم شرف المشاركة في تحقيق نصر أكتوبر، ليسترجع معهم ذكرياتهم عن هذا النصر فماذا قالوا؟. يحكي الشيخ إبراهيم سالم جبلي، شيخ مشايخ المزينة، وابن كبير مجاهدي سيناء الشيخ سالم جبلي، رحمة الله عليه: لم يقتصر دور بدو جنوبسيناء في مساعدة الجيش المصري في حرب أكتوبر 73 فقط، ولكن قاموا بتضحيات وبطولات منذ نكسة 67. فالبدو والمشايخ هم الذين قاموا بتوصيل الجيش المصري إلى الضفة الغربية لقناة السويس، وفي حرب الاستنزاف كنا همزة الوصل مع الأجهزة المصرية لتوصيل المؤن والمواد الغذائية من الغرب للشرق، والمعدات الحربية من الشرق للغرب فوق الجمال. فالمشايخ والرجال والشباب حتى السيدات كلهم وهبوا أرواحهم فداء لتراب مصر الحبيبة. وأضاف جبلي، كان هناك العديد من البدو يعملون كأدلة لقوات الصاعقة المصرية، ومنهم من قام بزرع الألغام لتدمير مركبات العدو في طريق شرم الشيخ، ومنهم من دمر أهدافا كان العدو يسيطر عليها في مطار طور سيناء، كما أن هناك العديد من البدو من تم أسره من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومنهم من حكم عليه بالسجن المؤبد المضاعف لمدة 75 عامًا. ويؤكد جبلي، على أن الادِّعاءات الباطلة التي تهمل دور البدو في 73 لا أساس لها من الصحة، والتاريخ شاهد عيان والقوات المسلحة هي الجهة الأكثر يقينا بما قام به البدو من تضحيات وشهادة الرئيس جمال عبد الناصر، والسادات، والرئيس المخلوع مبارك، ومنح أنواط الواجب الوطني من الطبقة الأولى لبدو سيناء لم يأتي من فراغ. وحث جبلي، الشباب على: ضرورة معرفة التاريخ، وكفاح جدودهم وآبائهم، والتحامهم مع القوات المسلحة، وإعادة سيناء الحبيبة ولا بد من تضافر الجهود لدفع عجلة التنمية، حتى لا يضيع ما ضحى من أججله أبطالنا وشهداؤنا هباءً، فتعمير الأرض هو أقل شيء يمكن أن نقدمه لهؤلاء. أما خضير عيد عواد، مدرس تاريخ، بسانت كاترين، وله أبحاث كثيرة في مجال المجاهدين يقول: رغم أنني بحثت كثيرا عن تاريخ المجاهدين، ولكن أشعر دائمًا بأنهم يخفون سرًا كبيرًا دفن معهم. حقًا إنهم عظماء، حبهم لمصر أكبر من أية مكافأة يحصلون عليها، إنهم مفتاح النصر، عادوا بسيناء الحبيبة إلى الوطن الأم، فعرفناهم بأنهم المجاهدين الأبطال، الذين سطروا واجهة التاريخ المشرف في حروب النصر. قاطعته في الحديث فقلت له حدثني عن بطولات أحدهم، فتبسم قائلًا: المجاهدون في سيناء، وقتها كانوا يسكنون الكهوف بأعالي الجبال، يجمعون الأسرار العسكرية، ويعملون كأدلاء في الطرق الوعرة، فهم الرادار المصري يوم العبور، فسألته ألم تذكر لنا أسماء بعضهم؟ فقال: هذا خط أحمر. حسين شلبي، من أبناء الإسماعيلية، ومقيم بطور سيناء، شاهد على التاريخ، لما سمعه من أجداده عن المعاناة التي عاشها هذا الوطن، يقول: لا يقدر ما بذله أهل البدو سوى القوات المسلحة، والبدو عانوا الكثير، وذلك لطبيعة المكان، الذي هو مجموعة من الأماكن الوعرة، وسهول وجبال تحت سيطرة الاحتلال في سيناء، وأخذوا على عاتقهم تحرير بلدهم الغالية، فكانوا يقومون بمجموعات فدائية، ومنها زرع الألغام والتسلل لجمع المعلومات، لإعطائها للقوات المسلحة، والشاهد على ذلك الجيش المصري وكل القادة القدامى. و يحكي عياد سالم عطوة (أولاد سعيد): حضرت الحرب وكنت وقتها أعمل في ورشة ميكانيكية بشرم الشيخ وتم ضربها، وكان عددنا 31 فردًا، ومكثنا مختبئين تحت الحجارة لمدة 24 ساعة، وبعد أن توقف الضرب، هربنا إلى كاترين، سيرًا على الأقدام، وتولى محمود حسين، صاحب محطة بنزين، حماية الفارين في جبل البنات، ب“,”كاترين“,” بجوار الشيخ عواد، ومكثنا بالجبل ما يقرب من 6 شهور، وبعدها انتقلنا إلى جبل المعصا، بالقرب من الطرفة التابعة لمدينة كاترين، وكان معنا صديق رحمة الله عليه اسمه عبد الرحمن، كان معه جهاز موتورولا، وقمنا بالاتصال بالسويس وتم إرسال لنش فيه سالم عطوة، رحمه الله، وعطية عطوة موسى، وتم توصيل قوات الجيش بالجمال ليلا. ويستطرد عياد، قائلا: كل ما فعلناه لأننا نحب أرضنا، ولا نقبل أن يحتلها أحد، ويكفيني مقابلة الرئيس وقادة الجيش وتقديرهم لما بذلناه. كما التقى “,”البوابة نيوز“,”، بحميد سعد جبلي، رئيس مجلس إدارة جمعية أسر مجاهدي سيناء، وابن المجاهد سعد جبلي، من المجاهدين الكبار الذي حصل على نوط الامتياز من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل السادات، كما حصل على نوط الواجب من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتم اعتقاله في إسرائيل لقيامه بأعمال وطنيه وأفرج عنه. انتقد حميد سعد جبلي، إهمال المسئولين لأسر المجاهدين، مؤكدًا على أن: هناك أكثر من 500 أسرة من أسر مجاهدي سيناء، على مستوى محافظة جنوبسيناء، يعانون الإهمال والتهميش. موضحًا أن أعدادًا كبيرة من أسر المجاهدين بلا وظائف وبلا أدنى رعاية صحية أو اجتماعية، ولم يحصلوا على أية معونات أو مساعدات من أية جهة حكومية أو غير حكومية، ولو أن هؤلاء المجاهدين في مكان آخر لكانوا وضعوا فوق الرؤوس تكريمًا وتقديرًا لما بذلوه. وأوضح أن: غالبية المجاهدين لقوا ربهم، ولم يبقَ إلا قليل جدًا منهم على قيد الحياة، وأغلبهم قعيد الفراش، ولكن يجب أن يكون الاهتمام الآن بأسر المجاهدين، لافتًا إلى أن الاستمرار في تهميش وإهمال أسر المجاهدين يعتبر موت آخر للمجاهدين أنفسهم، فضلا عن أنه سيؤثر سلبًا على أبنائهم.