نسمعهم عبر الأثير، ونحن نعلم أن هناك آلافا أو ربما مئات الآلاف يسمعونهم مثلنا، ونظن أنهم ولدوا ليتحدثوا ونكون نحن المستمعين، لكن فى الحقيقة أن المذيعين -وكل العاملين فى مجال الإعلام- لم يكونوا فى مشروعاتهم المستقبلية يمتهنون تلك المهنة، لكنهم حلموا وسعوا لذلك، لتتكفل الأقدار بالباقى، وتعد مهنة المذيع من المهن التى لا يمكن رسم خط واضح وصريح لكيفية العمل بها، كما أنها لا تعد وظيفة عادية يمكن التدرج فيها بالأقدمية أو بإضافة شهادة علمية أو دورة تدريبية إلى السجل الوظيفى، بل هى صنعة وحرفة تعتمد على الشغف والحماس والموهبة فى المقام الأول، وكثيرا ما تبرز تساؤلات حول الكيفية التى يمكن بها أن يصير الشخص مذيعًا، فحينما تنظر إلى نجوم الإذاعة الآن ستجد أنه كان لكل منهم قدر مختلف، ولكى نسهل الأمر على القراء وعلى الراغبين فى العمل بالإذاعة تواصلنا مع الأسماء المهمة على المستوى الإدارى والعملى ليرسموا خريطة الدخول إلى المهنة. فى البداية يقول «رامى محسن»، مدير إذاعة «نجوم إف إم»، إن أهم ما يبحث عنه مسئولو الإذاعة فى المذيع هو ماذا يريد أن يقدم للناس، فلا بد للمذيع أن يكون صاحب رسالة وقادرا على مناقشتها مع الناس والدفاع عنها، حتى ولو كانت الرسالة هى أن يُسمع الناس موسيقى مختلفة أو نوعا جديدا من الغناء، فإيمان المذيع برسالته سيجعله صادقا وسيصل صدفة إلى الناس، وأكد «رامى» ضرورة أن يتمسك المذيع بتقديم المحتوى الذى يعجبه لا ما يعجب الناس، لأنه إذا اتجه إلى ما يريده المستمع لن يقدم جديدا، أما الأداء وطريقة الإلقاء فيأتى بالتدريب المستمر ويمكن إتقانه فيما بعد. وبعد الانتهاء من التدريبات، على الشخص الذى يرغب فى أن يكون مذيعا أن يقوم بتجريب التسجيل مرات عديدة، حتى يشعر بالرضا عن المحتوى، لتأتى بعد ذلك مرحلة البحث عن منصة يعرض عليها المحتوى الخاص بها، ويرى «رامى محسن» أنها قد تكون «اليوتيوب» أو «الساوند كلاود» أو فى إحدى إذاعات الإنترنت، حتى تأتى فرصة الانضمام إلى إحدى إذاعات ال«FM». أما «وليد رمضان»، الرئيس السابق لشبكة «راديو النيل» والمدير الحالى لإذاعة «مكس إف إم» إحدى أكبر الإذاعات العاملة بالسعودية، فيرى أن الشخص الذى يرغب فى أن يكون مذيعا لا بد أن يكون موهوبا بالأساس، وأن تكون الإذاعة مهمة لديه ويرغب فى أن تكون أساسية فى حياته كالماء والهواء، ويسعى بكل الطرق المتاحة لإقناع الناس بموهبته، حتى يصل إلى شخص مسئول يؤمن بها وقادر على مساعدته. ويرى «خالد عليش» الذى يعمل ممثلًا ومذيعا لبرنامج «معاك فى السكة» على إذاعة «نجوم إف إم»، أن من يرغب فى أن يكون مذيعا عليه أن يعمل ليل نهار ويسجل لنفسه وينشر المحتوى الخاص به على «يوتيوب» و«ساوند كلاود»، أو يعمل فى إذاعات الإنترنت حتى يصير معروفا على وسائل التواصل الاجتماعى، وقتها سيقوم المسئولون عن الإذاعات بالاتصال به، وشدد «عليش» على ضروة البعد عن التقليد، وأن يبتكر لنفسه أسلوبا وطريقة خاصة، فالشخصية هامة جدا بالنسبة للمذيع، لأنه لن يصل إلى شىء لو كان مقلدًا، وأكد أن إمكانية تسجيل مقاطع الصوت الآن لا تحتاج إلى معدات ضخمة، لأنه يمكن بسهولة تسجيلها على الموبايل. وقال «أحمد يونس»، الإذاعى الشهير وصاحب برنامجى «ع القهوة» و«كلام معلمين»، إن على الراغبين فى العمل الإذاعى أن يعملوا فى إذاعات الإنترنت أولا، فهو يراها منافسا شرسا وقويا وحقيقيا لإذاعات ال«FM»، ويذهب «يونس» إلى أن المستقبل سيكون لها خصوصا فى حالة إتاحة تكنولوجيا راديو القمر الصناعى فى السيارات. وأكد يونس أن العمل فى إذاعات الإنترنت يصقل الموهبة، فمذيعو الإنترنت لا يتقاضون أموالا مقابل عملهم، وبالتالى فإنهم يحظون بمساحات أكبر تسمح لهم بصقل الخبرة والموهبة، كما يجعل عملية التدريب أكثر راحة، أما عن التدريبات الشخصية فعلى الراغبين أن يتحلوا بالإصرار والطموح، وأن يضعوا العمل بالإذاعة نصب أعينهم ولا يتخلوا عنه أبدا.