بعد إعلان ألمانيا اشتراكها بعملية عسكرية برية محتملة بتعداد 1200 جندي من القوات البرية، على الأراضي السورية الشقيقة، تأييدا لفرنسا، هل تنوي بلغاريا -الأقرب جغرافيا- ذلك أيضا، كونها بوابة بين الشرق المتوسط والغرب الأوربي؟ لغط كثير على مدى أسبوعين بالدوائر الرسمية الحكومية البلغارية قبل الإعلان الألماني، فوزير الخارجية دانييل ميتوف صرح فجأه منتصف الشهر الماضي في جلسات اجتماعات مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوربي باستعداد بلاده للمشاركة. وفجأة في نفس التوقيت يصرح وزير الدفاع البلغاري نيكولاي نانشيف في ذات الاتجاه، بل وبفرقة خاصة للحرب الكيماوية، وبعض من الخبراء العسكريين البلغار في مجال العمليات العسكرية البرية. يثور السؤال: لمن ولصالح من وضد من؟ الأدهى إعلان على الموقع الاليكتروني لصفحة وزارة الخارجية البلغارية بطلب عاجل لمترجمين من اللغة البلغارية إلى العربية والعكس، في مهمة خارجية، ثمة مؤامرة تحاك خيوطها بدأت من باريس وتمتد. المشهد يوحي بفرز صراعات بداخل التحالف الحكومي اليميني البلغاري، رئيس الوزراء بوريسوف لم يعلن عن النية الحكومية -بحكم بلغاريا جمهورية برلمانية- لكن وزراءه في الوزارات السيادية المنوطين قالوها صراحة، بجانب ذلك تعلن المستشارة الألمانية انجيلا ميركل تشكيل ما سمته تحالف اللاجئين المكون من 8 دول غربية أوربية -بعد يأسها من انصياع الدول الشرق الأوربيه بما فيها بلغاريا وصربيا ومقدونيا إلى خطتها المسماة ب"النقاط الساخنة" لتلقي واستيعاب وفرز أعداد اللاجئين والمهاجرين أمنيا، ومن ثم ترحيلهم للدول الأكثر طلبا للأيدي العاملة ومنها بالطبع ألمانيا. سوق العمل الألماني يحتاج سنويا إلى تعداد مليون عامل، وبشكل عام يحتاج سوق العمل الأوروبي إلى 12 مليونا، نظرا للفجوة السكانية في تعداد المواليد والوفيات، إضافة إلى زيادة أعداد المتقاعدين للمعاشات، لكن الصراع السياسي في دهاليز الحكم البلغاري بدأ يحتدم وظهرت بوادره الأسبوع الماضي في جلسة برلمانية ساخنة إزاء نظر مشروع اتفاقيه بلغارية بولندية لتحديث وترميم طائرات الميح 29 البلغارية المقاتلة - صنع روسي - والتي تسلح بها أساسا بلغاريا ضمن منظومة الدفاع الجوي برغم كونها عضوا بحلف الأطلسي منذ عام 2004. وبرغم اعتراض موسكو رسميا وتحذير وارسو من مغبة ذلك لبولندا التي لديها تصريحات بالترميم والتحديث خلال حدودها فقط وليس لطرف ثالث، لكن الإملاء الأمريكي واضح. الجلسة البرلمانية البلغارية للنظر في الاتفاق البلغاري البولندي تحولت إلى جلسة ما بين مؤيد لروسيا ومعارض لها، هنا يبدو التناغم الأمريكي البلغاري في الصراع الجيوبوليتيكي بالشرق الأوسط ومغازلة الأطراف التابعين ضمن سياسة العصا والجزرة، بلغاريا العضو بحلف الأطلسي منذ عام 2004، وقعت اتفاقية عام 2006 لمدة عشر سنوات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية تقضي باستخدام قواعدها البرية "نوفو سيلو"-القريبة من الحدود التركية في مدينة سفيلن جراد، وقاعدتها البحرية العسكرية "أيتوس" الواقعة على البحر الأسود بالقرب من مدينة فارنا الساحلية، وكذلك قاعدة "جراف ايجناتيفو"الجوية المجهزة وفق مواصفات حلف الناتو، فيما عرف بتدريبات مشتركة، في إطار استقبال دوري لتعداد 6 آلاف جندي أمريكي، وفق الاتفاقيه بتناوب دوري أمريكي بالقواعد المذكورة. ووفق المصادر، يتواجد بالقواعد المذكورة عدد من القوات والمعدات والقطع العسكرية الأمريكية، يأتي ذلك في تلازم مع حضور أمريكي عسكري مكثف بقاعدة "كنوستانتا "الجوية الرومانية، ويكتمل المشهد بإعلان وزراء خارجية الحلف في اجتماعهم ببروكسيل عن زيادة تعداد قوات الحلف وألياته العسكرية المتواجده بتركيا. وبالإبقاء على منظومة الدفاع الجوي "باتريوت" بعد قرار بسحبها في شهر أكتوبر الماضي، والعدول عنه بعد ضغوط من واشنطن على برلين وأمسترام المشتركة طواقمهم بها منذ عام 2013، وذلك فيما سماه الناتو تأمين المنطقة الجنوبية التركية المتاخمة للحدود السورية. الهدف واضح في الخطة الأمريكية بإعلان المنطقة الشمالية السورية ما سموه منطقة أمنة وعازلة لتنطلق منها قوات ما تسمى بالمعارضة السورية وعلي الأخص منها التركمانية في الوقوف بزحف الجيش السوري والغطاء الجوي الروسي الملازم له. مدريد انضمت وأعلنت بقاء طاقمها بوحدة الصواريخ المذكورة، المصادر أيضا تؤكد عزم واشنطن النية زيادة عدد طائراتها المقاتلة من طراز إف 16 بقاعدة "إنجرليك "التركية، التي تبعد 200 كم من الحدود السورية، بل وتؤكد سحب عدد من قواتها وعتادها العسكري ونقلهم الأسبوع الماضي إلى الأراضي الرومانية. وفي تحول سريع بنقل آخر من القواعد الألمانية لآليات وطواقم حتى أواخر الشهر الجاري لكل من بلغاريا ولاتفيا، ضمن الإطار العام لخطة "الناتو المعلنة "الحزم الأطلسي". نحن إذن أمام مسرح عمليات عسكرية أطلسيه أمريكية تهدف لمنع تحقيق تقدم ميداني مشترك في العمليات العسكرية السورية الروسية. الهدف واضح وكرسالة لموسكو في أنها وحدها لن تنعم كحليف استراتيجي للعرب وبعدم الاقتراب من المصالح الحيوية الأمريكية الأطلسية الممثلة في تحالف النيو ليبرالي، ويظل السؤال: هل بالامكان نقل العمليات العسكرية بين اللاعبين الكبار إلى بؤر ملتهبة بالشرق ومنها مصر في خضم الصراع الجائر للحفاظ على ماء الوجه؟.