برغم انحسار الطبقة المتوسطة في القارة الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى منذ فترة طويلة إلا إن القارة السمراء قد استطاعت تحقيق معدلات نمو تصل إلى 5% خلال العقد الماضى، وتضاعف نسبة الزيادة السكانية إلى 10% مما ينتج عنه نظريا ارتفاعا ملحوظا في أجور المواطنين لكن الحقيقة تتنافى تماما مع الواقع. وسلطت مجلة "سليت افريك" الفرنسية الضوء على هذا التناقض على ضوء الاحصائيات التي اجراها معهد "انتيلجنت يونت كانباك" للإحصاء والتي تفيد بان 90% من الأفارقة عاشوا باقل من 10 دولارات في اليوم الواحد خلال عام 2014 وهو الملبغ الذي يعتبر بداية الطبقة المتوسطة. وعلى النقيض، يوجد في جنوب أفريقيا طبقة متوسطة حقيقية، حيث قفزت نسبة السكان الذين يتقاضون ما بين 10 إلى 20 دولارا في اليوم من 4، 4% إلى 6، 2% في الفترة ما بين عامى 2004 و2014، وزادت بدورها نسبة الطبقة المتوسطة الأعلى من حيث العائد اليومى ( الذي يتراوح ما بين 20 إلى 50 دولارا ) في الفترة ذاتها من 1، 4% إلى 2، 3%.. ويعد أحد أسباب هذه الزيادة غير المتكافئة هو النمو الاقتصادى المقسم بصورة غير عادلة حيث ارتفع معدل عدم المساواة خلال الأعوام القليلة الماضية بصورة اسرع من النمو في العديد من الدول الأفريقية. وترجع عدم المساواة في القارة السمراء إلى توزيع الثروات بصورة غير عادلة ويقول أحد أعضاء الحكومة التنزانية السابقة أنه على المستوى الاقتصاديات الصغيرة، فنحن في تقدم مستمر لكن النمو لا يصل اثره إلى الشعب الذي يعانى من البطالة أو الذي يعيش تحت خط الفقر. ويرى المحلل الاقتصادى الفرنسى توماس بيكتى أن غياب الشفافية فيما يتعلق بالثروات أحد أسباب عدم المساواة نظرا لأن الذي يمتلكها يقوم بتطويرها بمرور الوقت وهذا ما يحدث في العالم اجمع وبالأخص في أفريقيا وفى جنوب أفريقيا. بيد أن هناك سببا آخر لتباطؤ ظهور الطبقة المتوسطة وهو الفقر المدقع الذي تعانى منه العديد من المناطق الأفريقية التي في حال تضاعف أجور ملايين الأشخاص من سكانها سيصبحون فقراء بينما كانوا يعانون من فقر مدقع. وعلى سبيل المثال في إثيوبيا، فان عدد الأشخاص الذي يتخطى عائدهم اليومي 10 دولارات ارتفع في الفترة ما بين عامى 2004 و2014 إلى الضعف لكن 2% فقط من الأثيوبيين يتقاضون هذا المبلغ أو أكثر في اليوم.