بعد إعلان نتائج الجولة الأولى من المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية، بدأت ملامح شكل البرلمان المقبل تتضح بعض الشيء أمام متابعى المشهد السياسى، على الرغم من الغموض الحالى الذى يشوب التحالفات تحت قبة البرلمان، فى ظل الخلافات الحزبية المشتعلة حول العديد من القضايا الشائكة، التى ستتم مناقشتها على مائدة المجلس فور انعقاده بعد تعطيل دام أكثر من عامين. وتستعرض «البوابة»، أبرز الملامح التى تلوح فى الأفق حول شكل البرلمان المقبل، من حيث علاقة الرئيس والبرلمان، وتمثيل فئات المرأة والشباب والأقباط والتحالفات البرلمانية تحت قبة البرلمان. «ائتلاف الدولة المصرية» وتشكيل الأغلبية تحت قبة البرلمان فى أعقاب اكتساح قائمة «فى حب مصر» فى القطاعات الأربعة المختلفة على مستوى الجمهورية، بدأ الحديث حول اتجاه قيادات القائمة لتأسيس ائتلاف «الدولة المصرية» تحت قبة البرلمان، يضم نواب القائمة سواء الحزبيين أو المستقلين، لتكون جبهة واحدة داخل مجلس النواب. وتفيد مصادر مطلعة داخل قائمة «فى حب مصر»، وجود اجتماع بين أعضاء اللجنة التنسيقية لقائمة «فى حب مصر» بعد أن حققت فوزًا كاسحًا فى القطاعات الأربعة على مستوى الجمهورية، وعدد من النواب المستقلين الفائزين بالمرحلة الأولى للاتفاق على الانضمام إلى ائتلاف «الدولة المصرية»، مضيفة أن عددا من النواب الجدد المجتمعين مع اللجنة التنسيقية للقائمة طالبوا اللواء سامح سيف اليزل المقرر العام للقائمة، زيادة عدد اللجان البرلمانية المتخصصة، طبقًا لمشروع اللائحة الجديدة للبرلمان، والتى أعدتها الأمانة العامة لمجلس النواب للاستحواذ على أكبر عدد من رئاسة اللجان المتخصصة داخل البرلمان. وأضافت المصادر ل«البوابة»، أنه تم الاتفاق على دعم اللواء سامح سيف اليزل، لرئاسة لجنة الأمن القومى، وأسامة هيكل، لرئاسة لجنة الإعلام والعلاقات العامة، والسفير محمد العرابى، وزير الخارجية السابق، لرئاسة لجنة الشئون الخارجية، وجبالى المراغى، لرئاسة لجنة القوى العاملة، وطاهر أبوزيد لرئاسة لجنة الشباب والرياضة، كما تم الاتفاق على ترشيح مارجريت عازر، لمنصب وكيل مجلس النواب، مع حسم الاسم الآخر المرشح لمنصب الوكيل خلال الأيام القليلة القادمة. وأوضحت المصادر، أن جميع الأحزاب المشاركة فى تشكيل القائمة، قد أعطت الضوء الأخضر لنوابها للانضمام لائتلاف «الدولة المصرية»، وحزب «المصريين الأحرار» الذى يسعى إلى تشكيل هيئة برلمانية مستقلة بذاته باعتباره أكثر الأحزاب حصدًا لمقاعد مجلس النواب المقبل. من جانبه أكد اللواء سامح سيف اليزل، المنسق العام لقائمة «فى حب مصر»، والفائز بمقعد القائمة بقطاع القاهرة، أن نواب القائمة البالغ عددهم 120 نائبًا سيجتمعون للاتفاق على الشخصيات التى من المقرر أن تتقدم رئاسة اللجان النوعية داخل البرلمان. وأضاف اليزل، أن القائمة قد أنهت إلى حد كبير مشاوراتها مع عدد كبير من المستقلين، الذين يخوضون جولة الإعادة فى المرحلة الثانية، للانضمام للائتلاف البرلمانى، الذى تشكله القائمة، مشيرًا إلى أنهم ينتظرون النتائج النهائية للانتخابات، لافتًا إلى أنهم يسعون إلى زيادة عدد نواب هذا الائتلاف إلى أكثر من 300. الأكثرية فى البرلمان ل«المستقلين» على الرغم من الأداء الجيد للأحزاب والقوى السياسية، فى انتخابات البرلمان بمرحلتيه الأولى والثانية وحصد عدد كبير من المقاعد، إلا أن العديد من السياسيين يرى أن الأغلبية داخل البرلمان ستكون للنواب المستقلين. ويقول الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن البرلمان المقبل سيسطر عليه المستقلون، وأن معظم الأحزاب والقوائم ستسعى لاستقطاب النواب المستقلين تحت قبة البرلمان، مضيفًا أن وجود عناصر جديدة من الشباب من بين النواب وهؤلاء سيمثلون رقما فى المعادلة السياسية مثل هيثم أبوالعز الحريرى. ولفت ربيع إلى أن ائتلاف «الدولة المصرية» بدأ فى ضم النواب المستقلين أو المنضمين للأحزاب مثل «مستقبل وطن» و«الأحرار الجمهورى» و«الوفد» و«المؤتمر»، ولكن العبرة ستكون فى علاقة الائتلاف والرئيس متوقعًا أن تكون علاقة توافقية. من جانبه قال يسرى العزباوى، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فى مصر، إن العلاقة بين الرئيس والبرلمان المقبل ستكون علاقة توافقية، لكن أزمة البرلمان المقبل فى حالة عدم توافقه على تشكيل حكومى جديد خلال 30 يوما، فسيتم حله وفقًا للدستور. أكبر نسبة لتمثيل «المرأة» فى تاريخ مصر العديد من المبادرات التى أطلقتها المنظمات المعنية بحقوق المرأة المصرية فى الآونة الأخيرة، بداعى الوصول إلى عدد مناسب لتمثيل النساء فى البرلمان المقبل، وذلك لأن المرأة تمثل 49٪ من القاعدة التصويتية فى الانتخابات، ويتضمن البرلمان المقبل 70 مقعدًا للمرأة منها «56» بالقوائم، و14 بالتعيين على الأقل، حيث إن قانون الانتخابات الجديد ألزم رئيس الجمهورية بأن يكون نصف التعيينات من النساء. وجاءت نتائج المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات البرلمانية، لتؤكد المنافسة القوية التى حققتها المرأة بدوائر مصر المختلفة، حيث أسفرت النتائج بالمرحلة الأولى من الانتخابات عن فوز 31 سيدة، 27 منهن على القوائم الانتخابية و4 على المقاعد الفردية. فيما حسمت 22 سيدة مقاعدهن فى البرلمان المقبل من ضمن قائمة «فى حب مصر» التى اكتسحت نتائج قطاعى شمال وشرق القاهرة، وشرق الدلتا، فضلًا عن دخول 18 سيدة جولة الإعادة بالمرحلة الثانية. من جانبها قالت داليا زيادة، مدير المركز المصرى للدراسات الديمقراطية الحرة، إن النساء قادمات فى البرلمان المقبل، فهناك 18 سيدة ينافسن فى مرحلة الإعادة بالمرحلة الثانية، وهو عدد أكبر من المرحلة الأولى التى نافست فيها 8 سيدات فقط، لافتة إلا أن النساء تحدين الرجال بالأداء العالى فى المقاعد الفردية، مشيرة إلى أن النساء إمكانياتهن المادية أقل بكثير من الرجال المرشحين، مشددة على أن هناك تحولًا فى أصوات النساء، حيث جاءت أغلبها للمرأة، فالمرأة المصرية تصدرت المشهد كمرشحة وناخبة، وأثبتت للجميع أنها المنقذ والمتحكم الأول فى نتائج الانتخابات البرلمانية. النسبة الأعلى للأقباط فى تاريخ البرلمان جاءت نتائج الجولة الأولى من المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية لترفع نسبة عدد مقاعد الأقباط فى البرلمان المقبل، إلى 28 مقعدًا بعد فوز 12 قبطيًا على قائمتى «فى حب مصر» بقطاعى «القاهرة وشرق الدلتا»، وبهذه النتائج تصبح نسبة النواب الأقباط فى برلمان 2015، هى الأعلى فى تاريخ المجالس النيابية المصرية، ففى عام 1995 ترشح 57 قبطيا ولم ينجح أحد منهم، وفى عام 2000 رشح الحزب الوطنى أربعة أقباط فى انتخابات مجلس الشعب فى دائرة «غبريال» بالإسكندرية والبحيرة ودائرة «المعهد الفنى بشبرا»، ونجح يوسف بطرس فى دائرة «المعهد الفنى بشبرا»، ورامى لكح كمستقل فى دائرة «الظاهر»، ومنير فخرى عبدالنور فى دائرة «الوايلى» على قائمة حزب «الوفد»، وفى عام 2011 حصل الأقباط على 11 مقعدا فى برلمان ما بعد ثورة 25 يناير ستة منها بالانتخاب وخمسة بالتعيين من بين 508 مقاعد، أى أن النسبة تصل إلى نحو 2٪ من إجمالى عدد النواب فقط. ويخوض جولة الإعادة، حسب نتائج الجولة الأولى للمرحلة الثانية من الانتخابات 19 مرشحاً قبطياً وهم يوسف نعيم، وماجد طلعت عن دائرة «الساحل»، ونجيب جبرائيل، وسعد ساويرس عن دائرة «الزاوية الحمراء والشرابية»، وأشرف بسادة عن دائرة «الزيتون والأميرية»، ورفيق رزق الله جرجس دحدوح عن دائرة «حدائق القبة»، وبشرى رمزى عن دائرة «المرج»، ونبيل بولس شنودة عن دائرة «باب الشعرية»، وجون طلعت وإيهاب الطماوى عن دائرة «شبرا»، وثروت بخيت ويسرى الأسيوطى عن دائرة «عين شمس»، وإيليا باسيلى ووائل حافظ عن دائرة «السلام والنهضة»، وفيفيان عدلى غبريال، وعادل صبرى إسحق، عن دائرة «أول شبرا الخيمة»، ومنى جاب الله عن «الجمالية ومنشأة ناصر»، وإيهاب الهرميل عن دائرة «مركز طنطا»، وعماد إسحق عن دائرة «بورفؤاد وحى الشرق وحى العرب» ببورسعيد، وعماد خاطر وسيلى جورجى عن دائرة «السويس». تمثيل ضعيف للشباب فى برلمان «30 يونيو» لعل غيابهم عن التصويت والمشاركة فى المشهد الانتخابى، هو ما تسبب فى الحصيلة الضعيفة التى حصدها النواب الشباب فى البرلمان المقبل، حيث حصل النواب الشباب على 24 مقعدا فى البرلمان بنظام المحاصصة على القوائم فقط، بالإضافة إلى الدكتور محمد فؤاد نائب الوفد عن دائرة العمرانية بالجيزة، وهيثم أبوالعز الحريرى عن دائرة سيدى جابر بالإسكندرية واللذين يمثلان أبرز العناصر الشابة فى المجلس المقبل. ويقول الدكتور ياسر كاسب، رئيس المركز الإقليمى للأبحاث والاستشارات البرلمانية، إن الشباب يعانون من حالة إحباط عام فى المجتمع المصرى بسبب الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد، ما يعد سببا رئيسيا فى عدم مشاركتهم فى الانتخابات البرلمانية. وأضاف كاسب ل«البوابة»، أن السبب الرئيسى لضعف نسبة تمثيل الشباب فى البرلمان المقبل هو عدم إعطاء الأحزاب والتكتلات السياسية فرصة فى أخذ حصة من التمثيل فى البرلمان بحجة أنهم سيشاركون فى انتخابات المحليات.