«المصرى اليوم» تحاور المكرمين باحتفالية «عيد العمال»: نصيحتنا للشباب «السعى يجلب النجاح»    عيار 21 الآن بعد الزيادة الكبيرة.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الإثنين 5 مايو 2025 بالصاغة    الأمم المتحدة ترفض خطة إسرائيلية بشأن المساعدات إلى غزة    عمرو دياب يتألق في حفله ب دبي وسط الآلاف من جمهوره (صور)    هل عملية إسرائيل الموسعة في غزة مرهونة بجولة ترامب في الشرق الأوسط؟    الأمم المتحدة ترفض خطة إسرائيل لتوزيع المساعدات في غزة.. ما السبب؟    العشق الممنوع وراء واقعة العثور على جثة فتاة مجهولة بالفيوم    الدولار ب50.68 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 5-5-2025    لا أستبعد الخيار العسكري.. ماذا قال ترامب عن ضم جزيرة جرينلاند؟    15 شهيدا و10 مصابين إثر استهداف إسرائيلى لثلاث شقق سكنية غربى مدينة غزة    أشرف نصار ل ستاد المحور: توقيع محمد فتحي للزمالك؟ إذا أراد الرحيل سنوافق    كواليس حضور زيزو لتدريبات الزمالك    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الاثنين 5 مايو    رويترز: ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومى    زوج شام الذهبي يتحدث عن علاقته بأصالة: «هي أمي التانية.. وبحبها من وأنا طفل»    عمرو دياب يُحيى حفلا ضخما فى دبى وسط الآلاف من الجمهور    زي الجاهز للتوفير في الميزانية، طريقة عمل صوص الشوكولاتة    تفاصيل اتفاق ممثل زيزو مع حسين لبيب بشأن العودة إلى الزمالك    قصور الثقافة تواصل عروض المهرجان الختامي لنوادي المسرح 32    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    ادعى الشك في سلوكها.. حبس المتهم بقتل شقيقته في أوسيم    وكيل صحة شمال سيناء يستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد تمهيدًا للتأمين الصحي الشامل    سعر الموز والبطيخ والخوخ بالأسواق اليوم الاثنين 5 مايو 2025    مبادرة «أطفالنا خط أحمر» تناشد «القومي للطفولة والأمومة» بالتنسيق والتعاون لإنقاذ الأطفال من هتك أعراضهم    التحريات تكشف ملابسات وفاة شاب إثر سقوطه من الطابق الرابع    مصرع شخص وإصابة 7 في مشاجرة طاحنة بقرية نزلة حسين بالمنيا    اعتقال مسئول حكومي بعد انفجار الميناء "المميت" في إيران    المعارضة الإسرائيلية: جماعات تشجع اليهود المتدينين على التهرب من الخدمة العسكرية    ردا على نتنياهو، الحوثيون: إخطار منظمة الطيران واتحاد النقل الجوي بقرار الحظر الجوي على إسرائيل    رئيس محلية النواب يستنكر فكرة تعويض المستأجرين بمساكن بديلة    لهذا السبب..ايداع الطفلة "شهد " في دار رعاية بالدقهلية    بعد تعرضه لوعكة مفاجئة.. تطورات الحالة الصحية للفنان صبري عبدالمنعم    وكيل إسكان النواب: ترقيم العقارات ينهي نزاعات الملكية ويُسهل التصدير    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    شوقي غريب يقود المريخ للفوز الثاني على التوالي بالدوري الموريتاني    صراع ثنائي بين ليفاندوفسكي ومبابي.. جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني    محمود ناجى حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلى فى الدورى    جودي.. اسم مؤقت لطفلة تبحث عن أسرتها في العاشر من رمضان    أول تعليق رسمي من جامعة الزقازيق بشأن وفاة الطالبة روان ناصر    محافظ الجيزة ووزير الشباب يشهدان حفل ختام مهرجان إبداع بجامعة القاهرة    العثور على جثمان شاب بترعة النعناعية في المنوفية    مجلس الشيوخ يناقش اقتراح برغبة بشأن تفعيل قانون المسنين    أمين الفتوى يوضح حكم الميت الذي كان يتعمد منع الزكاة وهل يجب على الورثة إخراجها    قداسة البابا يلتقي مفتي صربيا ويؤكد على الوحدة الوطنية وعلاقات المحبة بين الأديان    انتهاء الورشة التدريبية لمدربى كرة القدم فى الشرقية برعاية وزارة الرياضة    «مكافحة نواقل الأمراض»: عضة الفأر زي الكلب تحتاج إلى مصل السعار (فيديو)    قصر العيني: تنفيذ 52 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    ما هي محظورات الحج للنساء؟.. أمينة الفتوى تجيب    هل يجوز التعاقد على شراء كميات محددة من الأرز والذرة قبل الحصاد؟.. الأزهر للفتوى يجيب    فرع محو الأمية بالإسماعيلية يفتتح دورة لغة الإشارة بالتنسيق مع جامعة القناة    برج الميزان.. حظك اليوم الإثنين 5 مايو: قراراتك هي نجاحك    حالة الطقس المتوقعة اليوم الإثنين 5 مايو 2025 فى مصر    «في عيدهم».. نائب رئيس سموحة يُكرّم 100 عامل: «العمود الفقري وشركاء التنمية» (صور)    مساعد وزير الصحة ووكيل صحة سوهاج يتفقدان مستشفى ساقلته    مجلس جامعة الأزهر يوجّه توصيات مهمة بشأن الامتحانات    البابا تواضروس الثاني يلتقي أبناء الكنيسة القبطية في صربيا    جامعة القاهرة تصدر تقريرها الرابع للاستدامة حول جهودها في المجال الأكاديمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليو تولستوي.. نبيل الفلاحين
نشر في البوابة يوم 20 - 11 - 2015

يظل العملاق ليو تولستوي واحدًا من أبرز أدباء ومفكري القرن التاسع عشر، واستطاع أن يُخلّد اسمه في تاريخ الأدب العالمي عبر أفكاره وروائعه الأدبية التي يستلهم البعض منها الأعمال الدرامية والسينمائية حتى اليوم؛ وكان الرجل الذي ينحدر من أسرة نبيلة حكمت روسيا يومًا قد وضع نفسه في جانب فلاحي ضيعته، وعاش أواخر حياته بطريقتهم.
"الحزن المطلق مستحيل مثلما هو الفرح المطلق"..
النبيل:
ولد ليو تولستوي، واسمه الكامل ليف نيكولايافيتش تولستوي في 9 سبتمبر عام 1828 في مقاطعة تولا جنوب العاصمة موسكو. وكان ينتمي لأسرة من النبلاء، فوالده الكونت نيكولاس تولستوي، وأمه الأميرة ماريا فولكونسكي التي تنتمي لسلالة روريك، وهو أول حاكم ورد اسمه في التاريخ الروسي؛ وتوفيت بينما لا يزال عمره سنتين، وقامت إحدى قريباته بمساعدة والده في تربيته وإخوته، حتى توفي بدوره في صيف 1837، فتم وضع أطفاله تحت رعاية الكونتيسة الكسندرا أوستن.
"لا علاقة للنجاح بما تكسبه في الحياة أو تنجزه لنفسك، فالنجاح هو ما تفعله للآخرين"..
في عام 1844 التحق تولستوي بكلية اللغات الشرقية بجامعة كازان ليدرس اللغتين العربية والتركية، حتى يلتحق في النهاية بالسلك الدبلوماسي لأنّه أراد أن يصبح دبلوماسيًا في الشرق، وكان مهتمًا بآداب شعوبه، ورغم أنه كان شغوفا بالقراءة منذ طفولته، إلا أنه لم يستطع التركيز في دراسته عندما أصبح طالبًا، ومع ذلك فقد انغمس في الحياة الاجتماعية بالجامعة، وبعد أن فشل في امتحانات السنة الأولى، قرر أن يغير اتجاهه ويدرس القانون، إلا أنه عاد في عام 1847 ليترك الدراسة دون أن يحصل على شهادته الجامعية، بعد أن جاءته الأنباء بأن تقسيم أملاك الأسرة قد جعلته يرث إقطاعية ياسنايابوليانا، وهي إقطاعية كبيرة فيها أكثر من 330 عائلة من الفلاحين، فأحس أن واجبه يحتم عليه العودة إلى إقطاعيته لرعاية أموره هناك ولتحسين أحوال الفلاحين، وأعد مذكرات دقيقة عن خططه لتحقيق ذلك؛ ولكن مثاليته وشعوره بالمسئولية لم تثبتا أنهما الصفتان المناسبتان للتعامل مع الفلاحين، وبعد مرور صيفين توجه إلى موسكو، وبعد ذلك إلى سان بطرسبورج -ليننجراد- حيث عقد العزم على نيل شهادة جامعية لكنه انغمس في لعب القمار وغرق في الديون.
"لا يوجد إنسان ضعيف، بل يوجد إنسان يجهل موطن قوته"..
العسكري:
عندما عاد شقيقه نيكولاس الذي كان يخدم في الجيش الروسي بالقوقاز ليقضي إجازته، صحبه في رحلة العودة عام 1851، وبعد تسعة أشهر انضم إلى الفرقة الروسية القوقازية في القتال ضد قبائل السهول التتارية، وقد سجل جانبا كبيرا من انطباعاته التي كونها خلال تلك الفترة في روايته "الحرب والسلام"، وشارك في بعض المعارك ضد جيش المريدين بقيادة الإمام شامل، وفي تلك الفترة ألف ثلاثة كتب هي "الطفولة"، "الصبا"، و"الشباب"؛ واستمر في عمله كجندي حتى عام 1855، حيث اشترك في حرب القرم، وفي حياته هناك أحب بلاد القوقاز وأثر فيه شعبها، وكتب عن تجاربه تلك موضوعات نُشرت في الصحف، وألَّف عنها كتابه "الكوزاك" الذي يحتوي على عدة قصص.
"إن غاية الحياة هي الحصول على السعادة وقد أرادها الله لنا، فمن يطلبها يتمم إرادة الله"..
بعد تقاعده من الخدمة العسكرية سافر تولستوي إلى أوروبا الغربية، وأعجب بطرق التدريس هناك، حتى أنه عاد وفتح مدرسة خاصة لأبناء المزارعين. وأنشأ مجلة تربوية تدعى "ياسنايا بوليانا" شرح فيها أفكاره التربوية ونشرها بين الناس؛ وكذلك خالط المزارعين وتعلم أساليبهم في العمل، ودافع عنهم ضد المعاملة السيئة من جانب ملاك الأراضي، وبعد زيارته فرنسا وسويسرا لم يغادر إقطاعيته على الإطلاق وتزوج عام 1862، من الكونتيسة صوفيا أندريفيا برز التي تصغره بستة عشر عامًا، وأنجب منها 13 طفلا مات خمسة منهم في الصغر؛ وكانت خير عون له في كتابته، فقد نسخت مخطوط روايته "الحرب والسلام" سبع مرات، حتى كانت النسخة الأخيرة التي تم نشرها.
أعوامه الأخيرة:
"الحب الروحي يوحد البشر، والصداقة تهذبهم، أما اللهو فإنه مفسدة لهم"..
كانت الأعوام الثلاثين الأخيرة من حياة الروائي الكبير مليئة بالقلق المتزايد، وكان يبحث للعثور على إجابة عن مشاكل البشرية، وكان يريد مساعدة الفقير والضعيف، وأعلن الثورة على العنف والحرب، وعلى المُحيطين به، حتى قرر الهرب من مسكنه وأسرته، ما أثر على صحته التي كانت سيئة، رغم أنه كان متماسكا، وقوي الذاكرة في شيخوخته، وفي توجهه لزيارة شقيقته في ديرٍ كانت هي رئيسته، في 20 نوفمبر 1910 مات من الالتهاب الرئوي في محطة قطار قرية استابو، وكان قد بلغ من العمر اثنين وثمانين عامًا، ودفن في حديقة ضيعة ياسنايا بوليانا. ولم يتم دفنه وفق الطقوس الدينية الأرثوذكسية، لأنه رفض أن يُدفن حسب تعاليم الكنيسة أو أن يوضع صليب على قبره لأنه كان رافضًا لزيف رجال الدين والكنيسة وقتها بعدم مناصرتها للفقراء والوقوف مع القياصرة والظلم.
آراؤه:
"إننا نبحث عن السعادة غالبًا وهي قريبة منّا، كما نبحث في كثير من الأحيان عن النظارة وهي فوق عيوننا"..
كان تولستوي قد تعمق في القراءات الدينية، وقاوم الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا، ودعا للسلام وعدم الاستغلال، وعارض القوة والعنف في شتى صورهما؛ ولم تقبل الكنيسة وجهة نظره التي انتشرت في سرعة كبيرة، فأعلنت تكفيره وحرمانهُ من رعايتها، بينما اعتنق أفكار المقاومة السلمية النابذة للعنف، وتبلور ذلك في كتاب "مملكة الرب بداخلك"، وهو العمل الذي أثر على كثير من مناضلي القرن العشرين مثل المهاتما غاندي ومارتن لوثر كينج في جهادهما الذي اتسم بسياسة المقاومة السلمية النابذة للعنف.
"الشخص الذي لديه فكرة خاطئة عن الحياة ستكون لديه دومًا فكرة خاطئة عن الموت"..
كان العملاق الروسي كذلك مهمومًا بفكرة الموت، وكان دومًا يتساءل عن سبب الموت وخوف البشر منه، وكتب قصة باسم " ثلاث موتات " يقارن فيها بين موت سيدة ثرية وموت فلاح بسيط وموت شجرة، عبر خلالها عن رؤيته بأنه كلما زاد وعينا انفصلنا عن الطبيعة والمجموعة البشرية ونحن نتألم لهذا الوعي وهذا الانفصال عند الموت؛ وكذلك آمن بالوصايا العشر في الكتاب المقدس، لكنه رفض أي تنظيم أو منظمة دينية وبالتالي فقد رفض الكنيسة، وقال "يجب أن نحيا حياتنا بأقصى وأعمق ما نستطيع وأن نجعل الدنيا نعيمًا لأبناء البشر ونتحمل وحدنا المسئولية بدلًا من إلقاؤها على قوى القدر والغيب".
أدبه:
"أيسر على المرء أن يكتب في الفلسفة مجلدات عدة من أن يضع مبدأ واحدًا في حيز التطبيق"..
أضمر الروائي الروسي احترامًا خاصًا للأدب والثقافة العربية، خاصة الأدب الشعبي، ومنها حكاية "علاء الدين والمصباح السحري"، وقرأ "ألف ليلة وليلة"، وعرف "على بابا والأربعون حرامي"، و"قمر الزمان بين الملك شهرمان"، وذكرهما ضمن قائمة الحكايات التي تركت في نفسهِ بشدة قبل أن يصبح عمره أربعة عشر عامًا، وذكر أنّه أمضى إحدى الليالي في غرفة جدته، وأصغى إلى حكايات المحدث الأعمى ليف ستيبا نفتش، الذي كان يعرف حكاياتٍ عربيةً كثيرةً، ومنها حكاية "قمر الزمان بن الملك شهرمان"؛ ونشر في ملحق مجلته التربوية "يا سنايا بوليانا" بعض الحكايات العربية الشعبية، ويظهر تأثره بألف ليلة وليلة في روايته "لحن كريستر"، كما راسل الإمام محمد عبده، ولكن توفيَّ الاثنان بعد رسالتين فقط.
"ليس الكمال الأخلاقي الذي يبلغه المرء هو الذي يهمنا، بل الطريقة التي يبلغه بها"..
وتُعد رواية "الحرب والسلام" 1869من أشهر أعمال تولستوي، وتتناول مراحل الحياة المختلفة، ووصف فيها الحوادث السياسية والعسكرية التي حدثت في أوربا في الفترة ما بين 1805 و1820، وتناول فيها غزو نابليون لروسيا عام 1812؛ ومن أشهر أعماله أيضًا "آنا كارنينا"، الذي عالج فيه قضايا اجتماعية وأخلاقية وفلسفية في شكل مأساة غرامية كانت بطلتها النبيلة الروسية الجميلة؛ كذلك أوضح رؤيته الفنية في كتاب "ما الفن؟"، وأنه ينبغي أن يُوجِّه الناس أخلاقيًا، وأن يعمل على تحسين أوضاعهم، ولابد أن يكون بسيطًا يخاطب عامة الناس.
في أواخر حياته عاد تولستوي لكتابة القصص الخيالية فكتب "موت إيفان إيلييتش"، كما كتب بعض الأعمال المسرحية مثل "قوة الظلام"، وأشهر أعماله التي كتبها في أواخر حياته كانت "البعث" وتلتها قصص "الشيطان، كريوتزسوناتا، الحاج مراد، ووفاة إيفان ايليتش"؛ وكانت قصة " الأب سيرجي" التي نُشرت بعد وفاته توضح عمق معرفته بعلم النفس.
"الجميع يفكر في تغيير العالم ولكن لايفكر في تغيير نفسه"..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.