فى الفترة ما بين 2005 وحتى 2010 كانت سماء العلاقات المصرية الأمريكية ملبدة بالغيوم والسحب الكثيفة التى وصلت درجة برودتها إلى حد التجمد الرسمى بين الرئيس الأسبق مبارك ونظيره الأمريكى السابق بوش الابن، ومن ثم باقى القنوات الدبلوماسية. اختزلت واشنطن علاقتها الاستراتيجية الممتدة مع القاهرة منذ كامب ديفيد فى رجلها «سعد الدين إبراهيم» وعميلها «أيمن نور» اللذين كانا محبوسين بأحكام قضائية باتة. على خط موازٍ مارست واشنطن ضغوط أخرى لما سمّته تحرير الإعلام المصرى. استبدلت واشنطن الرسمى بالعرفى.. وواصلت اتصالاتها وعلاقتها بمجموعات من النشطاء والحقوقيين والإعلاميين بديلا عن المسئولين المصريين، مقدمة للبدء والتحضير فى تنفيذ استراتيجيتها الجديدة لتصنيع ما سمّته «الفوضى الخلاقة» وتقليص اتصالاتها ما دون الصفر مع النظام المصرى الحاكم فى إشارة لا تخطئها عين متابع أو مراقب لمستقبل المنطقة بأكملها وما تضمره لها واشنطن وحلفاؤها فى الغرب. اتفاق علني هل كانت أحداث 25 يناير مفاجأة؟!!.. الإجابة تأتى عبر واقعتين سبقتها بسنوات أعتبرهما مقدمة كاشفة للمخطط المنتظر للدولة المصرية. الأولى حين اختارت الولاياتالمتحدة المذيعة منى الشاذلى تحديدا بين كل إعلاميى الشرق الأوسط لإجراء حوار تليفزيونى مع الرئيس الأمريكى «جورج دبليو بوش» فى البيت الأبيض، بتنسيق تم بين السفارة الأمريكيةبالقاهرة و«منى الشاذلى» ورئيسة تحرير برنامجها «العاشرة مساء» حينها الكاتبة «نشوى الحوفى» وبعيدا عن أعين السلطات المصرية أو التنسيق معها وفى أصعب وأكثر أوقات الجفاء بين النظامين المصرى والأمريكى! الثانية حين حصل هشام قاسم علي جائزة الديمقراطية السنوية الخاصة بالوقف القومى من أجل الديمقراطية، وتسلمها من بوش فى عام 2007 لتكن ذريعة وتكئة ترتب عليها أن يستقبل الرئيس الأمريكى السابق «قاسم» ضمن وفد يضم 4 نشطاء من دول العالم فى حديقة البيت الأبيض لمدة ساعة ليتناقش معهم حول مستقبل الديمقراطية فى الشرق الأوسط، وفيه قال «قاسم» ل«بوش» إن مبارك يعمل على اغتيال مساحات الحرية والديمقراطية فى البلاد وإنه لن يحدث تقدم مادام مبارك على رأس السلطة، فى تحريض فاضح للأمريكان لإزاحة النظام، حيث كان بوش فى اللقاء مهتمًا بالسؤال عن وضع قوى الإسلام السياسى فى البلاد! العلاقة الحرام الرحلة من حلوان حيث كان محل إقامته سابقًا إلى جاردن سيتى حيث يقيم حاليا بجوار كعبته فى السفارة الأمريكية قصة تستحق أن تروى لهذا الحقوقى السكندرى الأصل والمولود فى 24/12/1959 والذى بدأ حياته من خلال مكتب خدمات إعلامية وترجمة ونشر مكتبي، وعمل مراسلًا لصحيفة الميدل إيست الأمريكية فى مصر، ثم أسس مجلة «كايرو تايمز» عام 1997 واستمرت حتى عام 2002. بالتوازى كان أن امتهن الملف الحقوقى واتجهت بوصلته حيث الدولار الأمريكى، ليصبح أحد أهم رجال أمريكا فى كلا الملفين السياسى والإعلامى، بدءا من لعبه دور الوسيط بين المحامين الأمريكان الذين كانوا يأتون لمصر لحضور جلسات محاكمة الإخوان منذ عام 1995 حين كان عضوا فى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان. الغريب أن «هشام قاسم» بدأ حياته شيوعيًا قبل أن يتحول إلى أقصى النقيض، مؤمنًا بالرأسمالية فى صورتها الأمريكية، حيث تم تعيينه فى منظمة الوقف الأمريكى للديمقراطية فى برنامج اسمه «حركة الديمقراطية فى العالم»، ودورها تمويل منظمات حقوقية وصحف مصرية خاصة. سريعا التحق «هشام قاسم» بحزب الغد كمشروع سياسى أمريكى حاول الأمريكان من خلاله فرض أيمن نور وطرحه كمشروع سياسى فى مواجهة النظام آنذاك، واتفق «قاسم» مع «نور» على تعيينه رئيسًا للجنة العلاقات الخارجية بحزب الغد ليكون وسيلة الاتصال بين الحزب والدول الأجنبية وتحديدا الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهو ما مكنه من لعب دور الوسيط والمدافع عن المزور أيمن نور، بعض تورطه فى جريمة تزوير وصدور حكم نهائى بات، والتى استخدمها قاسم لتحريض الولاياتالمتحدة على الدولة المصرية وممارسة ضغوط عليها، حتى إنه فى 2006 التقى عضو مجلس النواب الأمريكى «فلو كنارف» وكان بصحبته الهارب «أيمن نور» وتناقشوا فى أوضاع السجناء فى مصر. وفى عام 2004 التقى عضو الكونجرس الأمريكى «توم لانتوس» واتفق معه على إنشاء جمعية حقوقية اسمها مركز التقارب بين العرب والغرب وبعدها بعام اشترك فى برنامج تابع لهيئة المعونة الأمريكية فى مصر اسمه اللامركزية فى الحكومات الديمقراطية. فى نفس العام وتحديدا فى 16/3/ 2005 شارك فى برنامج أعده قسم العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، تحت اسم «منطلق جديد لاختيار الرئيس الجديد» وشاركه فيه الإخوانيان عبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان. لابد أن تضع علامات استفهام كثيرة حول شخصية هشام قاسم وقيمته السياسية والحقوقية والإعلامية، حتى يتم ترتيب لقاء منفرد له مع وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس بمقر السفارة بالقاهرة، التى وجهت له دعوة شخصية وتحديدا فى 20/6/2005 وبعدها بشهرين وتحديدا فى 13/7/ 2005 تم ترتيب لقاء مشابه له مع نائب وزير الخارجية الأمريكي ثم لقاء آخر مع كونداليزا رايس فى 22/2/ 2006 وصولًا للقائه مع الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر فى 16/4/2008 بفندق سميراميس، وتحدث معه فى فرص الإخوان فى الوصول للحكم. قاسم وضع له قدمًا فى حزب أيمن نور وأخرى فى منظمة ابن خلدون التى يترأس مجلس أمنائها سعد الدين إبراهيم، بعد أن انضم لمجلس أمنائها لتمر بين قدميه كل المصالح الأمريكية ضد الدولة المصرية، فأطلق فى 2005 مع منظمة هيومان رايتس ووتش، برنامج «نحو انطلاق طاقات المجتمع المدنى» وذلك من خلال توفير تمويل لها. ثم فى الفترة من 26-29/1/ 2006 أقام قاسم مع سعد الدين إبراهيم مؤتمرا فى فندق رمسيس هيلتون، بالتعاون مع معهد المجتمع المفتوح للعدالة الأمريكية عن أوضاع اللاجئين فى مصر، واتهم الدولة المصرية بمخالفة القوانين والمواثيق مطالبًا بتحرك دولى ضد الدولة المصرية وتنفيذ مدونة عقوبات ضدها. حتى إنه فى شهر إبريل 2006 أجرى قاسم حوارًا صحفيًا مع جريدة واشنطن بوست عبر شبكة الإنترنت، وتحدث فيها عن تزوير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية حينها مما يستوجب التدخل الدولى.. ويبدو أن مهمته التحريضية بهدف التدخل الدولى فى الشأن الداخلى المصرى، أصبحت تستهويه إلى حد أنه شارك بتاريخ 5/4/2006 فى ندوة منظمة حقوق الإنسان الأمريكية بفندق النيل هيلتون، ودعا خلالها للتدخل الدولى بذريعة انتهاك حقوق الإنسان فى مصر.. تتعدد الأسباب لديه ويبقى الهدف هو الضغط على الدولة والنظام والسعى لإزاحته ومن ثم إسقاط الدولة. «قاسم» كانت إحدى مهامه بمجرد تأسيس جريدة المصرى اليوم، تأسيس ما هو أبعد باستبدال الصحف الخاصة لتكون بديلًا عن المؤسسات الصحفية القومية وإزاحتها من المشهد عبر التشكيك فى كفاءتها المهنية وسياستها التحريرية ومشاكلها الهيكلية، واستقطاب الكوادر المميزة فيها حتى إغلاقها أو هكذا يتمنى، وهو الفخ الذى استسلمت له الصحف القومية والدولة نفسها على السواء حتى اللحظة فى الدفاع عن المؤسسات الوطنية وإعادة تأهيلها بما يتناسب مع دورها وأهميته.. فى سبيل ذلك التقى فى أغسطس 2006 بالقاهرة مسئولى هيئة المعونة الأمريكية لوضع تفاصيل برنامج تطوير وتمويل الإعلام والصحف الخاصة المصرية. وفى السياق ذاته عام 2007 شارك قاسم مع قناة الجزيرة القطرية فى فيلم وثائقى عن حرية الصحافة فى مصر، ونقل فيه صورة سلبية عن الصحافة المصرية وادعى أن هناك تضييقًا على الحريات فى مصر. ثم فى شهر يونيو 2008 تناول غداءه منفردًا مع السفير الأمريكى فى القاهرة بمطعم «شار وود» بشارع جامعة الدول العربية وتحدث معه عن دور النشطاء فى التغيير السلمى. الظهور الأخير فجأة أعاده صلاح دياب للمشهد مجددًا..طلب عودته تحت لافتة إعادة هيكلة المصرى اليوم وإنقاذ خسائرها، والحقيقة أنه جاء بهدف تشريد مزيد من زملاء صحفيين شاركوا فى صنع مجد الجريدة، وتأديب وتهذيب وتخفيض رواتب من تبقوا ليدخلوا حظيرته، وإعادة رسم الخط السياسى لها مجددا ليتماشى مع أهداف السياسة الأمريكية فى التوقيت الحالى. هو بنفسه أثناء توصيفه وتعريفه بمهنة الناشر، أضفى على نفسه مهام فوقية على رئيس التحرير وادعى كثيرًا عن دوره فى صناعتها تحريريًا، وغالبا هذا هو السبب الحقيقى للعودة المأسوفة والإطلالة المحفوفة بكثير من التحذيرات. ما تقدم غيض من فيض يكشف كيف نام هشام قاسم فى فراش البيت الأبيض؟ وكيف أن أى ظهور له وربطه بالمصرى اليوم يكشف تحركًا أمريكيًا يجرى ترتيبه فى مجال الصحافة والإعلام؟.. والمؤكد أنه ليس فى اتجاه أو صالح الدولة المصرية!!.