بدأت اليوم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أعمال الدورة الثامنة للجنة حقوق الإنسان العربية (لجنة الميثاق) برئاسة الدكتور هادي اليامي رئيس اللجنة، والمخصصة على مدى يومين لمناقشة التقرير الأول لجمهورية السودان حول مدى التزامه بتطبيق أحكام الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي دخل حيّز التنفيذ عام 2008 وأقرته القمة العربية في تونس 2004، وشارك في الجلسة أحمد بن محمد الجروان رئيس البرلمان العربي وأحمد عباس الرزم، وكيل وزارة العدل بجمهورية السودان. وقال الدكتور هادي اليامي في كلمته أمام أعمال الدورة، إن حرص جمهورية السودان على تقديم تقريرها الأول يعكس حرص الدولة على الوفاء بإلتزامها وفقًا للميثاق العربي لحقوق الإنسان، وحرصها أيضا على مواصلة تنفيذه لتعهداته العربية في مجال تعزيز واحترام حقوق الإنسان، بالرغم من التحديات الهائلة التي تواجهه، وظروف الحصار الاقتصادي والصراعات الداخلية المسلحة. وأعرب عن تقدير اللجنة للجهود المستمرة التي يبذلها السودان لتحسين حالة حقوق الإنسان ودعم العيش المشترك بين جميع مكونات الشعب السوداني الشقيق. ووجه الشكر لجمهورية السودان وللمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على الفرصة التي تم اتاحتها للجنة خلال زيارة وفد اللجنة في شهر أغسطس الماضي، والتي مكنت اللجنة من الاطلاع المعمق على جانب من جهود السودان لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في أراضيها، وساهمت في تسليط الضوء على جوانب تتصل بشواغل اللجنة. وأكد اليامي أنه لا سبيل لتقدم الدول العربية من الخليج إلى المحيط إلا عبر تمكين أبناء الوطن العربي من التمتع بممارسة كل حقوقهم وحرياتهم الأساسية. وقال اليامي إن لجنة حقوق الإنسان العربية، حرصت منذ تأسيسها على إرساء وتطوير معايير عربية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، مشيرا إلى انها شهدت الفترة الماضية العمل على تطوير اللجنة للمبادئ الاسترشادية والتوجيهية الخاصة بإعداد التقارير الوطنية للدول، أو من جانب المؤسسات الوطنية أو المنظمات غير الحكومية، كما واصلت اللجنة المضى قدما في الحوار التفاعلي مع الدول الأطراف لتعزيز وحماية حقوق الإنسان مع تلك الدول، وتواصلت اللجنة مع مختلف الآليات الدولية والإقليمية لتبادل الخبرات. وقال أن اللجنة تلقت حتى الآن تسع تقارير من دول أطراف منها ثمان تقارير أولىة وتقرير واحدي دوري، وأصدرت اللجنة توصياتها وملاحظاتها على سبع من تلك التقارير، وتعمل على نشرها على نطاق واسع تنفيذًا لأحكام الميثاق العربي لحقوق الإنسان. وأضاف قائلا " لقد صادقت أربعة عشر دولة عربية على الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وتسعي لجنة الميثاق بشكل متواصل إلى حث الدول العربية الأخرى على التصديق أو الانضمام للميثاق. وشدد اليامي على أن المنظومة العربية لحقوق الإنسان قد إكتسبت دفعة جديدة بإعتماد النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان والتي ترتكز على الميثاق العربي لحقوق الإنسان، أو من خلال تنفيذ غايات الميثاق بتعهد القادة العرب بالعمل على تحقيق إرادة الشعوب العربية في العيش المشترك، والمضي قدمًا في مسيرة التطوير والتنوير، وترسيخ حقوق المواطنة، وصون الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية وحقوق المرأة العربية، وتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية وجودة التعليم، وأهمية تلك الأهداف كأدوات رئيسية وفاعلة تصون منظومة الأمن القومي العربي، وتعزز انتماء الإنسان العربي، وفخره بهويته. وأشاد بالتعاون بين لجنة حقوق الإنسان العربية والبرلمان العربي في مجالات تعزيز واحترام حقوق الإنسان في الوطن العربي، وخصوصا في مجالات تحديث الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وحث الدول العربية على المصادقة على الميثاق، وتقديم تقاريرها إلى اللجنة، ومتابعة تنفيذ التوصيات الختامية ولا سيما في المجال التشريعي مشيرا إلى إن هذا التعاون نموذج يحتذى في مجالات التعاون العربي المشترك، وهو ما كان ليتم لولا جهود وإصرار رئيس البرلمان أحمد الجروان. من جانبه، استعرض أحمد عباس الرزم، وكيل وزارة العدل بجمهورية السودان التقرير المقدم من حكومة السودان حول مدى التزام السودان بأحكام الميثاق العربي. وقال عباس الرزم، أن التقرير يشتمل على الجهود التي قامت بها السودان في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية،موضحا أن لجنة حقوق الإنسان العربي قامت في وقت سابق بزيارة للسودان للاطلاع عن كثب حول مدى التزام حكومة بلاده بأحكام الميثاق وأوضاع حقوق الإنسان في السودان. وأكد الرزم، التزام بلاده بأحكام الميثاق العربي لحقوق الإنسان رغم الظروف الصعبة التي يعاني منها السودان من نزاعات مسلحة وحالات فرض حصار جائر من بعض الدول الكبرى إضافة إلى الديون الخارجية وإجراءات وعقوبات قسرية من قبل بعض الدول تجاه السودان وهذه الأمور تمثل تحديات كبيرة امام السودان فيما يتعلق بضائع حقوق الإنسان. من جهته، أكد أحمد الجروان رئيس البرلمان العربي أن حرص البرلمان العربي على المشاركة في هذا الحدث المهم يأتي ايمانًا بضرورة تضافر كل آليات العمل العربي المشترك لحماية حقوق الإنسان، وحرصًا من البرلمان على ذلك. وقال الجروان في كلمته امام أعمال الدورة أن قضايا حقوق الإنسان أصبحت في أولى اهتماماتنا في اللجان المتخصصة والجلسات العامة، مشيرا إلى أن ثمرة هذه الجهود جاءت بتشكيل لجنة فرعية لحقوق الإنسان تجتمع بشكل دوري لمناقشة كل قضايا حقوق الإنسان في العالم العربي، وإنه يأتي على رأس هذه الحقوق الحق في الحياة والحق في العمل ومحاربة البطالة وتأثيرها على الشباب العربي، ولعل قضية الهجرة وما يعانيه اللاجئون تأتي في مقدمة هذه القضايا، وهذا ما دعانا لتوجيه أنظار برلماني العالم لهذه القضية خلال مشاركتنا في الدورة 133 للاتحاد البرلماني الدولي في شهر أكتوبر المنصرم. وأضاف الجروان أن هذه الدورة للجنة حقوق الإنسان العربية تمثل فرصة للخروج بتوصيات لمراجعة التشريعات العربية سواء في إطار جامعة الدول العربية أو ما يناظرها على المستوى الوطني لحماية المواطن العربي خاصةً من همجية الأعمال الإرهابية والصراعات والاقتتال المدعوم من جهات خارجية تحاول محاولة بائسة للصق هذه الأعمال بالدين الإسلامي الحنيف وهو منها براء. وقال اننا في البرلمان العربي ندعو جميع الأطراف للعمل من أجل وقف المخططات الرامية لزعزعة وتفكيك الأمة العربية وإشعال فتنة الصراعات والنزاعات، ولعل السودان مثل كثير من الأقطار العربية عانى من هذه الصراعات على مدى العقدين المنصرمين مما أثر على خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وأضاف الجروان أن حرص جمهورية السودان على تقديم تقريرها الأول لحالة حقوق الإنسان في غضون هذه الظروف الصعبة التي عانت منها البلاد محل تقدير ودليل على التزامها بتفعيل الميثاق العربي لحقوق الإنسان. وقال الجروان أنه خلال متابعتنا للانتخابات السودانية الأخيرة والتي شارك البرلمان العربي في متابعتها، حيث لاحظنا تطورًا في الوعي والثقافة السياسية للمواطن السوداني، وقد كشفت متابعتنا لهذه الانتخابات تصاعد نسبة تمثيل المرأة في البرلمان السوادني في مؤشر هام لحقوق المرأة السياسية، وإنه تفعيلًا لذلك يحرص البرلمان على التنسيق مع لجنة حقوق الإنسان العربية لمزيد من التعريف بالميثاق العربي لحقوق الإنسان من خلال ورشة عمل لأعضاء البرلمان العربي خلال جلسة البرلمان العربي القادمة. شارك في المناقشات أعضاء اللجنة العربية لحقوق الإنسان بمداخلات لإثراء التقرير بهدف التوصل إلى توصيات وملاحظات لرفعها في ختام الاجتماع.