روى الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام مركز البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى، قصة حضارة مملكة الأنباط القديمة على أرض سيناء. وقال ريحان إن الحضارات المختلفة تعاقبت على أرض سيناء واستفادت من خيرها في زراعة الأرض واستخراج المعادن. وأضاف ريحان، ل"البوابة نيوز": "كذلك عن طريق هندسة الرى الذي برع فيها الأنباط، أصحاب المملكة القديمة، منذ القرن الأول قبل الميلاد وحتى القرن الأول والثانى بعد الميلاد، وأنقذت الأرض من أخطار السيول". وتابع: "الأنباط حولوا هذه القوة المدمرة إلى مصدر أساسى للمياه العذبة الذي استفادوا منها أيضًا في الزراعة وذلك عن طريق عمل صهاريج مياه منقورة في الصخور تملأ بماء المطر في الشتاء الناتج عن السيول". وأكمل الخبير الأثري: "كانوا يوصلون هذه الصهاريج بعضها ببعض عن طريق أقنية نقبت في الصخر وهذه الصهاريج مربعة الشكل لها فوهات ضيقة حتى إذا امتلأت أحكموا سد هذه الفوهات وكانوا يخفونها عن الأنظار بعلامات لا يعرفها سواهم ليستحيل على الأعداء أن يعثروا عليها فيموتوا عطشًا". وتابع: "استغلوا الأرض الزراعية وطوّروا النظام المائى فأنشأوا الآبار والأحواض والسدود والصهاريج المائية بسيناء". وأوضح ريحان أن الأنباط ظهروا لأول مرة في القرن السادس قبل الميلاد كقبائل بدوية في الصحراء الواقعة شرق الأردن ثم استمروا كذلك حتى القرن الرابع قبل الميلاد، ثم عاشوا في شمال الجزيرة العربية وجنوب بلاد الشام واتخذوا البتراء (بالأردن الآن) عاصمة لهم في القرن الرابع قبل الميلاد". واستطرد: "في القرن الثالث قبل الميلاد تركوا حياة الرعى واتبعوا حياة الاستقرار وعملوا في الزراعة والتجارة وتحولوا من حياة البداوة للحياة الزراعية نتيجة علاقاتهم التجارية التي استلزمت استقرار وعمل مخازن وعمل سفن وبذلك تحولت مجموعة من القبائل إلى مملكة متقدمة في الزراعة والتجارة والفنون في الشرق الأدنى". بنهاية القرن الثانى قبل الميلاد أصبح للأنباط نشاط بحرى وقوة بحرية عظيمة، بحسب ريحان، ومن القرن الأول قبل الميلاد أسسوا جيشًا وكان لهم شبكة طرق تتوفر فيها مصادر المياه وبنهاية هذا القرن كان لهم إنجازات عظيمة في مجال البناء والنحت وإنتاج الفخار واستخراج المعادن. ازدهر نشاط الأنباط بسيناء منذ القرن الأول قبل الميلاد وحتى القرن الأول والثانى بعد الميلاد وترك الأنباط بسيناء مئات النقوش في معظم أوديتها من شمالها لجنوبها ومنازل ومقابر للأنباط بوادى فيران ومعبد بوادى فيران وميناء بحرى في مدينة دهب ومركز تجارى ومعبد بقصرويت بشمال سيناء ومخازن للبضائع بجزيرة فرعون بطابا ونظم مائية لاستغلال مياه الأمطار. ولفت ريحان إلى أن الأنباط لم يختفوا من مصر ولا من أي مكان آخر بالأردن وفلسطين بانتهاء مملكتهم على يد الإمبراطور الرومانى تراجان عام 106م وظلوا في أماكنهم السابقة مندمجين في ثقافة وديانة البيئة المحيطة بهم وما يزال أحفادهم حتى الآن بسيناء من قبيلة الحويطات والمزينة. وأشار إلى أنهم " صنعوا أوانى خزفية تتميز برقتها التي لا تتجاوز رقة قشرة البيضة مما يشهد بتفوق صناعتها". وعن احترم الأنباط للموت، ذكر ريحان أنهم "أقاموا النصب التذكارية وحرموا تدنيس القبور بلعن كل من يفعل ذلك كما اهتموا بتغطية قبور العامة وصيانتها بالألواح وحفرها في صفحات المنحدرات الجرفية لئلا يصل إليها من يدنسها". ووفقا لريحان، وُجدت مقابر عديدة للأنباط بسيناء معظمها في وادى فيران وهى مقابر محفورة في منحدرات الجبال، مع العلم أن سيناء كانت منطقة عبور لهم ولم يستقروا بها.