برع العرب الأنباط منذ القرن الأول قبل الميلاد وحتي القرن الأول والثاني بعد الميلاد في زراعة الأراضي بسيناء واستخراج المعادن واستفادوا من خيرها كما برعوا في هندسة الري البدائية. ورغم بدائيتها أنقذت سيناء من أخطار السيول التي اجتاحتها منذ آلاف السنين، حيث استطاعوا تحويل هذه القوة المدمرة إلي مصدر أساسي للمياه العذبة واستفادوا منها أيضا في الزراعة من خلال اقامة صهاريج مياه منقورة في الصخور يصعب هدمها يملؤها من مياه المطر في فصل الشتاء الناتج عن السيول وبذلك استطاعت أن تحتفظ بكامل مبانيها حتي الآن دون أن تجرفها مياه السيول أو تغمرها الأمطار الغزيرة مثل ما حدث بقرية أبوصويرة التابعة لمدينة رأس سدر. هذا ما أكده الأثري عبدالرحيم ريحان مدير منطقة آثار نويبع مشيرا إلي أنهم كانوا يصلون هذه الصهاريج ببعضها البعض عن طريق قنوات نقبت في الصخر وهذه الصهاريج مربعة الشكل مزودة بفوهات ضيقة حتي إذا امتلأت بالمياه احكموا سد هذه الفوهات وكانوا يخفونها عن الأنظار بعلامات مميزة لا يعرفها سواهم حتي يصعب علي الاعداء أن يعثروا عليها فيموتوا عطشا واستغلوا الأراضي الزراعية وطوروا النظام المائي فأنشأوا الآبار والأحواض والسدود والصهاريج المائية بسيناء. وأوضح ريحان أن الأنباط ظهروا لأول مرة في القرن السادس قبل الميلاد كقبائل بدوية تعيش في الصحراء الواقعة شرق الأردن ثم استمروا كذلك حتي القرن الرابع قبل الميلاد رحلا يعيشون في خيام ويتكلمون اللغة العربية ويكرهون الخمر وعاشوا في شمال الجزيرة العربية وجنوب بلاد الشام واتخذوا منطقة البتراء بالأردن عاصمة لهم وفي نفس الفترة ورد الأنباط لمصر( القار) الذي كان يستخدم في عمليات التحنيط وفي القرن الثالث قبل الميلاد تركوا حياة الرعي واتبعوا حياة الاستقرار وعملوا في الزراعة والتجارة وتحول الأنباط من حياة البداوة إلي الحياة الزراعية نتيجة علاقاتهم التجارية التي استلزمت استقرار وانشاء مخازن وبناء السفن وبذلك تحولت مجموعة من القبائل إلي مملكة متقدمة في قطاعات الزراعة والتجارة والفنون. وفي نهاية القرن الثاني قبل الميلاد أصبح لهم نشاط بحري وقوة بحرية عظمي ومن القرن الأول قبل الميلاد أسس الأنباط جيشا وكان لهم شبكة طرق تتوافر فيها مصادر المياه وبنهاية القرن الأول قبل الميلاد كان لهم إنجازات كبري في مجالات البناء منها النحت وانتاج الفخار واستخراج المعادن وازدهر نشاط الأنباط بسيناء منذ القرن الأول قبل الميلاد وحتي القرن الأول والثاني بعد الميلاد وترك الأنباط بسيناء مئات النقوش في معظم أوديتها شمالا وجنوبا بالإضافة إلي منازل ومقابر ومعبد يقع بمنطقة وادي فيران وميناء بحري بمدينة دهب ومركز تجاري ومخازن للبضائع بجزيرة فرعون بطابا ومعبد بمنطقة قصرويت بشمال سيناء ونظم مائية للاستفادة من مياه الأمطار ولم يختف الأنباط من مصر إلا بانتهاء مملكتهم علي يد الامبراطور الروماني( تراجان) عام106 ميلادية وظلوا في أماكنهم السابقة مندمجين في ثقافة وديانة البيئة المحيطة بهم.. كما قام صلاح الدين الأيوبي باقامة مجموعة من السدود قرب قلعته الشهيرة قلعة الجندي برأس سدر منذ عام1183 إلي عام1187 لتجميع مياه السيول التي استفاد منها في تزويد القلعة بالمياه العذبة وأضاف ريحان أن آثار الأنباط وجميع آثار سيناء سواء المصرية القديمة أو الإسلامية أو المسيحية حفظت علي مر العصور وحتي الآن ومنها دير سانت كاترين وآثار وادي فيران بأبورديس وميناء الأنباط بدهب ودير وادي طور سيناء وتل راية بمدينة الطور وقلعة صلاح الدين الأيوبي بجزيرة فرعون بطابا وقلعة الجندي برأس سدر وتل الكيلاني بطور سيناء وقلعة نويبع وذلك لأنها أقيمت بعيدا عن مجاري السيول فتوفرت لها الحماية الكاملة. وطالب ريحان باستشارة بدو سيناء من خلال اتخاذهم كأدلة قبل البدء في اقامة أية مشاريع سواء كانت طرقا أو مباني أو منشآت سياحية لأن البدو أعلم بدروب سيناء ومجاري السيول بها حتي لا تتكرر الكارثة لأن ما حدث من تدمير ناتج عن اقامة مبان في مجاري السيول فكان من الطبيعي أن تجرفها السيول وتأتي عليها.