تواصل سلطنة عمان إحياء وتجديد أمجاد الأجداد من العُمانيين رواد البحار والمحيطات على مدى عصور التاريخ في مجالات الإبحار والاكتشافات الجغرافية، في هذا الإطار تخوض الآن عباب البحار وتعلو فوق الأمواج الهادرة:سفينة البحرية السلطانية العُمانية "شباب عمان الثانية" بعد أن انطلقت من سلطنة عمان في رحلة مهمة تقوم بها تنفيذًا لأوامر السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان القائد الأعلى للقوات المسلحة. وذكرت وكالة الأنباء العمانية أن السفينة غادرت المياه الإقليمية للسلطنة، متوجهة إلى سواحل وموانئ دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في رحلتها الدولية الأولى (شراع التعاون - 2015) حاملة معها عبق التاريخ البحري العماني العريق وإنجازات الحاضر المشرق. وهي تتحول خلال رحلات الذهاب والإياب إلى مركز ثقافي عائم في كل مدينة تزورها حيث تشارك في المهرجانات والسباقات. ومن المقرر أن تعود إلى السلطنة في العاشر من نوفمبر الحالي وتتزامن عودتها مع الاحتفالات بالعيد الوطنى الخامس والأربعين يوم 18 نوفمبر الحالي، حيث يتم تسليم جائزة السلطان قابوس للإبحار الشراعي في نسختها الخامسة ولأول مرة يحتفل بها في السلطنة، وبحضور ومشاركات جهات وهيئات من مختلف دول العالم، وسوف يقام الاحتفال في ميناء السلطان قابوس في مسقط. كان السلطان قابوس قد أصدر توجيهات ببناء السفينة (شباب عمان الثانية ) لتواصل مشوار السفينة الأولى ( شباب عمان) التي سطرت في سجل تاريخ عمان البحري ملحمة فخر واعتزاز، بعد أن حققت العديد من الإنجازات إلى جانب مد جسور التواصل والصداقة مع الدول الشقيقة والصديقة وتسجيل الحضور العماني البحري في المحافل الدولية المختلفة. وكانت السفينة قد أبحرت على صوت غناء البحارة العمانيين من السلطنة في فبراير 2010 عابرة البحار والمحيط الهندي حاملة معها رسالة السلام والمحبة والوئام في طريقها إلى سنغافورة. وعلى أصداء ذلك الصوت الذي ما يزال عالقا في الأذهان تأتي الذكرى الخامسة لإبحار السفينة مناسبة ليس لاستعادة الذكريات فقط ولكن أيضا للنظر بإكبار وإعجاب إلى المشروع الذي سجل نجاحا كبيرا ولقي صدى محليا ودوليا باعتباره أحد المشاريع الحضارية التي تبنتها السلطنة في إطار مواقف السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان من أجل إرساء المحبة والتواصل والسلام بين الأمم والشعوب وإثراء الأبحاث التاريخية والثقافية والعلمية. وتجديدا للذكرى الخامسة لإبحار " جوهرة مسقط " إلى سنغافورة تمت إقامة احتفالية بالنادي الدبلوماسي احتفالا بهذه المناسبة تحت رعاية السيد فاتك بن فهر بن تيمور آل سعيد أمين عام وزارة التراث والثقافة. وهي تستهدف التأكيد على اهتمام السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان المستمر بإحياء الأمجاد البحرية العمانية وتراث الأجداد والدور الذي لعبه العمانيون على مدى فترات التاريخ المتعاقبة في التبادل التجاري والثقافي والحضاري مع شعوب وأمم العالم ناشرين القيم السمحة والدين الإسلامي الحنيف بحسن الأخلاق والمعاملة. كانت السفينة قد حظيت باسم " جوهرة مسقط " الذي أطلقه عليها السلطان قابوس وشيدت في السلطنة على ساحل قنتب في مدينة مسقط وتم استلهام تصميمها وبنائها من حطام سفينة عربية يعود تاريخها إلى القرن التاسع الميلادي يرجح علماء الآثار البحرية أنها غرقت عندما كانت في طريق عودتها من الصين إلى شبه الجزيرة العربية وتم اكتشافها في المياه الإقليمية الاندونيسية – قرب جزيرة البيلتانج - في عام 1998م مع حمولتها التي شملت أكثر من 60 ألف قطعة من الخزف الصيني والعملات الذهبية والفضية والبهارات وبضائع أخرى وهي تعرف الآن باسم كنوز سلالة إمبراطورية تانج الصينية، فجاءت "جوهرة مسقط" إحياء لتلك الذكرى وتكريما لأولئك البحارة البواسل. وقدمت "جوهرة مسقط" كهدية إلى الشعب السنغافوري تقديرا لعلاقات التعاون الإيجابية القائمة بين البلدين ودور سنغافورة ليس فقط على خطوط التجارة البحرية وطرق الحرير التاريخية، وإنما كذلك لكونها الدولة التي كان لها السبق في اقتناء الكنوز النفيسة التي اكتشفت ضمن حطام السفينة الأم وصاحبة المبادرة في توثيق ذلك الاكتشاف وإبرازه. وفي المتحف البحري العلمي في جزيرة سنتوسا في سنغافورة تقف السفينة منذ الخامس عشر من أكتوبر 2011 بكل شموخ وأنفة وبالكثير من التاريخ الذي رسمته لنفسها وخلدته ليتسنى للناس زيارتها ومشاهدتها حيث يحكي المتحف قصص طريق الحرير ويعمل على إثراء الأبحاث التاريخية والثقافية والعلمية. كانت "جوهرة مسقط" قد انطلقت في رحلتها التاريخية من ميناء السلطان قابوس في فبراير 2010 إلى بحر عمان مرورا ببحر العرب على طول الساحل الغربي للهند وحول سريلانكا ثم عبرت خليج البنغال مرورا بمضيق ملقة ووصولا إلى سنغافورة، وتوقفت في طريق رحلتها البحرية في موانئ كوتشن(الهند)، جال (سريلانكا)، جورج تاون (بجزيرة بانانج ماليزيا) وبورت كلانج بماليزيا أيضا. ووصلت إلى محطتها الأخيرة في سنغافورة يوم الثالث من يوليو، حيث تم استقبالها استقبالا رسميا وشعبيا حارا، ويبلغ طول السفينة 18 مترا وعرضها6.5 أمتار، وقد تم بناؤها باستخدام ألواح من الخشب تم تشبيكها بواسطة حبال مصنوعة من ألياف أشجار النارجيل، دون استخدام المسامير أو البراغي وذلك بما يماثل صناعة السفن التقليدية إبان القرن التاسع الميلادي، واستخدم في بناؤها اخشاب هي:أفزيليا أفريكانا (من غانا) والساج (من الهند) والسدر (من عمان)، وتم خلال توقف الجوهرة في سريلانكا استبدال صاريتي السفينة اللتين تهشمتا بفعل الرياح العاتية بصاريتين مماثلتين من نفس نوع الخشب ولكن من سريلانكا. رحلة السفينة " صحار " عام 1981 إلى الصين * كما جاءت رحلة السفينة " صحار " عام 1981 إلى الصين مترسمة الطريق البحري الذي سلكته السفن العمانية القديمة إلى تلك البقاع البعيدة تأكيدا لذلك الحرص والاهتمام الساميين على احياء تاريخ عمان البحري المجيد واستمرارا للعلاقات التجارية مع الصين وكتعبير عن اهميتها. شباب عُمان وتخليدا للتاريخ البحري لعمان والدور الريادي الذي لعبته السلطنة في مسيرة التواصل الإنساني بين الشرق والغرب، جاءت أوامر السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان بإبحار السلطانية « شباب عُمان الأولى »عام 1986 في أول رحلة لها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية للمشاركة في احتفالاتها بالعيد المئوي لتمثال الحرية في نيويورك مستعيدة ذكرى رحلة السفينة العمانية" سلطانة " إلى ميناء نيويورك عام 1840. طريق الحرير والتجارة القديمة كما كانت الالتفاتة الكريمة من السلطان قابوس بتبني السلطنة عام 1990 للدعوة العالمية التي أطلقتها منظمة التربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» لدراسة طريق الحرير والتجارة القديمة بتخصيص جلالته لليخت السلطاني " فلك السلامة " مع كل طاقمه لتستخدمه اليونسكو لهذه الرحلة تأكيدا للدور الحضاري للسلطنة في طرق التجارة والملاحة الدولية. جائزة السلطان قابوس للإبحار الشراعي وتم استحداث جائزة السلطان قابوس للإبحار الشراعي وتشرف عليها وزارة الدفاع ممثلة بالبحرية السلطانية العمانية لتكون بمثابة دعم للتدريب على الإبحار الشراعي وستعمل على تعزيز أواصر الصداقة والمحبة بين أطقم السفن التي تشارك في مختلف سباقات الإبحار الشراعي العالمي. وانطلاقًا من هذا التاريخ البحري العريق وفي إطار سعي السلطنة الدؤوب والمتصل لإحياء تراث الأجداد بأسلوب حضاري يقوم البحارة العمانيون على متن السفينة " شباب عمان 2 " حاليا بقيادة سفينتهم إلى موانىء العالم مستلهمين في ذلك التقاليد البحرية العمانية الرائدة التي يعود تاريخها إلى ما قبل أربعة آلاف عام ولتسهم في توطيد أواصر المحبة والسلام والتعاون بين شعوب العالم. قصة كنز التانج الرائع تعود قصة كنز التانج الرائع الذي عثر عليه قرابة جزيرة بليتانج إلى قيام إحدى الشركات الألمانية في عام 1998 بإذن من الحكومة الإندونيسية باستخراج بقايا سفينة عربية تعود للقرن التاسع للميلاد عثر عليها أحد الصيادين قبالة جزيرة بليتانج. وصنعت كنوز التانج في أفران خاصة في منطقة في الصين تعرف حاليًا بمقاطعة هونان، ويبدو أن الخزف كان في طريقه إلى ماليزياوالهند وشبه الجزيرة العربية. وتضم كنوز التانج قطعًا من الخزف الصيني الأزرق والأبيض وأخرى مطلية بثلاثة ألوان إضافة إلى ثلاثة صحون من خزف تشينجهوا هي أفضل ما اكتشف حتى الآن من هذا النوع من الخزف، وتشير الكتابات التي وجدت على بعض القطع على أن عملية صنع الخزف ونقله تمت في فترة ما خلال القرن التاسع وهذا ما يؤكده تاريخ الكربون الموجود على بعض القطع، وتوضح النقوش الإسلامية التي كتبت بالخط العربي قدم الصلات التجارية بين الصين ودول العالم العربي.