سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
زيارة السيسي لبريطانيا نقلة نوعية للشراكة الاستراتيجية بين القاهرة ولندن.. "مجلس اللوردات" يشيد بجهود الرئيس في تحقيق الاستقرار ودفع عملية التنمية بمصر رغم التحديات الإقليمية
في مؤشر ذي دلالة على تنامي العلاقات بين البلدين، تجسد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى لندن خلال الفترة من الرابع حتى السادس من نوفمبر الجاري حرص البلدين على تحقيق نقلة نوعية للعلاقات الثنائية فى كافة المجالات وتعزيز الجهود الرامية إلى مكافحة الإرهاب في ضوء الإدراك المتزايد للحكومة البريطانية لأهمية دور مصر المحوري فى دعم الأمن والاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط. وتتزامن زيارة الرئيس السيسي إلى لندن - التي تعد الزيارة الأولى من نوعها لرئيس مصري لبريطانيا منذ عام 2002 - مع انطلاق قاطرة الانتخابات البرلمانية المصرية والتى تعد الاستحقاق الثالث والأخير فى خطة خريطة الطريق والتى شملت أيضا إقرار الدستور – الذى وصفه الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه "يعلي من مبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان " – وإجراء الانتخابات الرئاسية. وحرص الجانب البريطاني على التأكيد على أهمية زيارة الرئيس السيسي إلى لندن، حيث شددت مصادر رسمية بريطانية على أن لندن تتطلع قدما إلى توطيد الشراكة المصرية البريطانية فى كافة المجالات ودعم استقرار مصر وتنميتها. ومن جهة أخرى، أعرب وفد مجلس اللوردات البريطاني الذي زار القاهرة مؤخرا عن تطلعه لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي المرتقبة إلى لندن مؤكدين على أهميتها فى تعزيز العلاقات الثنائية وزيادة التواصل بين الجانبين، وأبدى أعضاء الوفد تقديرهم لجهود الرئيس السيسى في تحقيق الاستقرار ودفع عملية التنمية في مصر رغم التحديات الإقليمية الضخمة التي تواجه مسيرة العمل الوطنى وتصاعد التوتر فى المنطقة. من جانبه أكد توبياس إلوود وزير شئون الشرق الأوسط بالمملكة المتحدة، إلى اهتمام الحكومة البريطانية بتعزيز العلاقات الثنائية والاستراتيجية بين البلدين، خاصة أن مصر تمثل إحدى أهم الدول المحورية بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا منوها إلى أن مصر شريك حيوي وهام لبريطانيا تاريخيا وثقافيا وأمنيا. وفي السياق ذاته أعرب الرئيس السيسى عن تطلعه لأن تشهد زيارته القادمة إلى لندن نقلة نوعية في العلاقات الثنائية وتعزيزا للتشاور بين الجانبين حول تطورات الأوضاع في مصر، والتي تنبع من إرادة شعبها وتمسكه بهويته ورفضه الخضوع للعنف والتطرف مشيدا بحجم الاستثمارات البريطانية في مصر. وتعد بريطانيا أحد أكبر الدول المستثمرة فى مصر بإجمالي استثمارات تقدر بنحو 25 مليار دولار، وتغطى قطاعات الخدمات المالية والطاقة والإنشاءات والسياحة والمنتجات الدوائية والمنسوجات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ويبلغ عدد الشركات البريطانية العاملة فى مصر أكثر من 1350 شركة. وفى هذا الصدد قال السفير البريطاني بالقاهرة جون كاسن، إن الشركات البريطانية أبدت استعدادها خلال مؤتمر دعم الاقتصاد المصري الذي عقد بشرم الشيخ فى مارس الماضى لضخ استثمارات تقدر بنحو 14 مليار دولار بالسوق المصرية مشددا على سعي بلاده لزيادة حجم الاستثمارات ومضاعفة أعداد السياح البريطانيين الوافدين إلى مصر في الفترة المقبلة. وأكد أن بلاده مهتمة بالإجراءات الإيجابية والتطور الذي يشهده الاقتصاد المصري خاصة على صعيد تحسين معدلات العجز ومحاربة البطالة والمشروعات الكبرى وتحسين جودة التعليم منوها إلى أن بلاده تريد أن تكون شريكا فعالا وعمليا لمصر من خلال الاستثمار فى تعزيز تلك الشراكة. وأضاف أن التعاون بين مصر وبريطانيا يركز حاليا على 3 مجالات رئيسية تتمثل فى الأمن ومحاربة الإرهاب، والاستثمار، والتعليم وجودته. وفى السياق ذاته أوضحت السفارة البريطانية بالقاهرة أن الاستثمارات البريطانية تشكل حوالي 50 في المائة من حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة القادمة إلى مصر. وتشير الإحصائيات إلى أن السياحة البريطانية الوافدة تسهم بنحو 1.2% من حجم الناتج المحلي الإجمالي فى مصر حيث بلغ إجمالي عدد السائحين البريطانيين بمصر العام الماضي أكثر من مليون سائح. ومن ناحية أخرى زار مصر مؤخرا أكبر وفد يمثل حوالى 40 من رؤساء الشركات البريطانية الكبرى منذ ثورة 25 يناير 2011 لبحث فرص الاستثمار في مصر.. حيث أكد رؤساء الشركات البريطانية على أن اجراء الانتخابات البرلمانية سوف يسهم في تعزيز الثقة في بيئة الاستثمار المصرية. وتستهدف الحكومة المصرية زيادة معدل النمو الاقتصادى إلى 5% خلال العام المالي الحالي مدعومة بزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر وتنفيذ عدد من المشروعات الجديدة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والزراعة واستصلاح الأراضي. وفى السياق ذاته زار وزير التجارة والصناعة طارق قابيل لندن مؤخرا حيث أجرى لقاءات مع عدد من وزراء الحكومة البريطانية ومنهم وزيرا التجارة والاستثمار وشئون الشرق الأوسط ورؤساء الشركات البريطانية العاملة في مصر تناولت سبل تعزيز التعاون فى مجالات الاستثمار والتجارة. ومن جهة أخرى ساهم مجلس الأعمال المصرى البريطانى - الذى أنشئ عام 1998 ويضم فى عضويته نخبة من ممثلى شركات الأعمال الهامة المصرية والبريطانية – فى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. ويهدف المجلس - الذى يعقد اجتماعاته مرتين فى العام بالتناوب بين القاهرةولندن - إلى تعزيز أوجه التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين من خلال إقامة المشروعات المشتركة بين مؤسسات الأعمال الخاصة بالجانبين. وفي سياق متصل أوضحت هيئة التجارة والاستثمار البريطانية أن مصر باتت أكبر جهة مستقبلة للاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة علي إفريقيا، ونصحت الشركات البريطانية بالتركيز علي الاستثمار في السوق المصرية مؤكدة على أن الاقتصاد المصري يسير منذ عام 2014 علي طريق الانتعاش. وأوضحت الهيئة - في تقريرها الدورى بشأن حالة الاقتصاد المصرى - أن معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى فى مصر ارتفع من2 في المائة في2013/2014 إلي4 في المائة في النصف الأول من2014/2015. وأضافت أن إجمالي الناتج المحلى بمصر ارتفع إلي369 مليار دولار. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن حجم التبادل التجارى بين مصر وبريطانيا يقدر بنحو 7ر2 مليار دولار، وبلغ حجم الصادرات المصرية إلى بريطانيا 481 مليون جنيه إسترلينى في الفترة من يناير إلى أغسطس 2015 ، بانخفاض عن نفس الفترة العام الماضي، والتي سجلت 694 مليون جنيه إسترليني. وارتفعت واردات مصر من بريطانيا بنسبة 4. 0 في المائة، خلال تلك الفترة ، حيث استوردت مصر من بريطانيا منتجات بقيمة 682 مليون جنيه إسترلينى في الفترة من يناير إلى أغسطس 2015، مقارنة ب679 مليون جنيه إسترليني في نفس الفترة العام الماضي. واحتلت مصر المركز السابع كأكبر الدول المصدرة لبريطانيا فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث جاءت بعد قطر والسعودية والإمارات والجزائر وإسرائيل والكويت بينما جاءت مصر فى المركز الخامس فى قائمة الدول المستوردة من بريطانيا بعد الإمارات والسعودية وقطر وإسرائيل. وفى مجال مكافحة الإرهاب أكدت بريطانيا دعمها للجهود المصرية لمحاربة الإرهاب حيث أوضح بيان صادر عن السفارة البريطانية بالقاهرة مؤخرا أن بريطانيا ملتزمة بالعمل مع مصر فى مكافحة الإرهاب الذى يشكل تحديا مشتركا للدولتين. من جانبه شدد وزير الدفاع البريطانى مايكل فالون – الذى شارك كممثل لبلاده فى حفل افتتاح قناة السويس الجديدة فى السادس من أغسطس الماضي - على أن بلاده ملتزمة بدعم "مصر الديمقراطية والآمنة والمزدهرة اقتصاديا". وفي هذا الصدد أكد السفير البريطانى فى القاهرة جون كاسن أن بلاده تؤيد دعوة الرئيس السيسي إلى تجديد الخطاب الديني لمكافحة الأفكار المتطرفة. ويعد التعليم أحد ركائز الشراكة المصرية البريطانية حيث ضاعفت بريطانيا عدد المنح المخصصة للشباب المصرى من ثلاثين إلى 140 منحة، ومن المتوقع زيادتها إلى 600 منحة سنويا خلال الأعوام الخمسة القادمة وعلاوة على ذلك تتعاون بريطانيا مع مصر فى مجال تطوير التعليم الأساسي. وتؤكد المؤشرات إلى أن زيارة الرئيس السيسي إلى لندن سوف تعزز التعاون المصرى البريطاني فى كافة المجالات وتحقق نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين.