صدر حديثًا عن دار "روافد" للنشر كتاب "أنا العزير" للكاتبة فردوس عبدالرحمن، ويعد الكتاب معرفيًا ومضفرًا بالأدب وخاصة السيرة الذاتية. ومن أجواء الكتاب: سوف أذكر في هذا الكتاب كيف يكون وجود الإنسان مثقوبًا بلا قعر، مفتوحًا على الهاوية، يصفر فيه العدم، وبهذا أحذر الأحياء من الموت الصاحي، الموت الذي يتقافز في أرواحنا إذا نحن خايلناه بازدرائنا لأنفسنا. سوف أكتب عن الرعشة الوجودية، عن التناثر والانسحاق تحت وطأة الأفكار والتصورات المضللة، عن الطعام ورائحته وكيف أنه يدشن الوجود الإنساني، عن الحب وأحواله، عن الجرح الذي يودي بالإنسان إن لم يعتن به ويحرص على التئامه. وقال الناقد سيد الوكيل عن كتاب "أنا العزيز": إنني طوال الوقت كنت أعتقد أن علم النفس، مفخخ بكثير من الأوهام غير الممكنة، وكذلك رأيت أن التنمية البشرية ليست سوى نصائح وتدريبات ساذجة، لأن النفس البشرية ليست شيئًا واحدًا وبسيطًا يمكن إخضاعه لأي قواعد علمية ولا نظريات فوقية، بل حتى تجارب الآخرين ليست بالضرورة تناسبنا.. ظل هذا اعتقادي حتى قرأت كتاب (أنا العُزَيْر) للشاعرة والإعلامية فردوس عبدالرحمن. أعتقد أن الفرق يكمن في الطريقة التي كُتب بها هذا الكتاب.. إنه أقرب إلى الممارسة التحليلية للنفس البشرية منه إلى الكلام عن علم النفس، وكان أول انطباع بعد القراءة الأولى هي الفزع، الخوف من المواجهة التي حدثت لي مع نفسي، كنت أراها كائنًا مستقلاً لا يخصني، لكن الدرس الأهم هو هل يمكن للإنسان أن يتعرف على ذاته ويتصالح معها؟. هذا ما توصلت إليه أخيرًا، بعد أن أخذني الكتاب في رحلة عجيبة، يرفعنى إلى السماء وينزل بي إلى الأرض بقوة.. وأخيرًا فهمت، أن الطريقة التي كُتب بها الكتاب، هو أن يتحول إلى تجربة ممارسة، وأن القارئ طرف أساسي لهذه الممارسة.. ربما لأول مرة أجد نفسي داخل كتاب، لا مجرد قارئ له.. كانت هذه تجربة فريدة بالنسبة لي، لأن ما حدث هو أنى خرجت من التجربة إنسانًا آخر، هل هذا ممكن أم مجرد كلام بلاغي. أعتقد أنه ممكن، لأن الكتاب يجعلك تعرف أن الإنسان ليس ذاتًا واحدة، بل ذوات متعددة، وكل ذات تمتلك وعيًا وطاقة مختلفة، وسوف تدهش أن بعض هذه الذوات بدائي وقديم وعجوز.. وبعضها طفل نزق لعوب، أو شرير أو ملاك معذب غير قادر على لمس جسد يشتهيه. هذا الكتاب لا يقل قيمة عن كتب عالمية كثيرة مثل كتاب "السر طعام صلاة حب"، وربما أفضل لأنه لا يعكس تجربة حقيقية ومعاشة فقط، بل يقودك إلى الاستبصار بنفسك وبالوجود، وكأنك قرأت مئات الكتب في الفلسفة والفن والأدب والدين والحب.