■ طهران تخطط لاغتيال رجال أمن سعوديين وتخريب منشآت نفطية ■ إحياء تنظيم «القاعدة» فى الرياض ومساعدة «الحوثيين» فى التسلل للحدود الجنوبية ■ هجمات إلكترونية على شركة «آرامكو الرياض».. وتحريض على وضع «الأماكن المقدسة» تحت سيادة «مجلس مشترك» تبدو العلاقات الإيرانية الخليجية على قدر كبير من التعقيد والقلق، فمن ناحية تقيم كل دول الخليج علاقات دبلوماسية كاملة مع إيران، كما أن هناك استثمارات مشتركة بين بعض الدول الخليجية وطهران وفى مقدمتها الإمارات وقطر وسلطنة عُمان، ومن ناحية أخرى تحتل إيران 3 جزر إماراتية وتطلق تصريحات بين حين وآخر عن أحقيتها فى أراضى مملكة البحرين، وتسبب قلقًا دائمًا للأمن القومى للمملكة العربية السعودية، وتصاعدت المخاوف الخليجية من التهديد الإيرانى بعد توقيع اتفاق 5 + 1 بين إيران والدول الكبرى حول البرنامج النووى الإيرانى، ورغم محاولات الإدارة الأمريكية تهدئة تلك المخاوف، والتأكيد على التزامها بأمن واستقرار دول الخليج، ورغم التصريحات الخليجية التى باركت الاتفاق، إلا أن الجميع يدرك أن هذا الاتفاق ربما يطلق سباق تسلح جديدًا فى المنطقة، وربما تسعى السعودية تحديدًا إلى امتلاك قدرات نووية لمواجهة الخطر الإيرانى. اللواء حسام سويلم فى دراسته «دعم إيران للمنظمات الإرهابية خاصة بمنطقة الخليج»، يرى أن التهديد الإيرانى للخليج لا يأتى عبر الحصول على السلاح النووى، ويؤكد أن كل الدول التى تملك الأسلحة النووية لم تقم باستخدامها باستثناء دولة واحدة وهى الولاياتالمتحدةالأمريكية عندما قامت بضرب مدينتى هيروشيما ونجازاكى اليابانيتين بقنبلتين نوويتين أثناء الحرب العالمية الثانية، حيث يعتبر السلاح النووى سلاح ردع ليس إلا، كما أن قرب المسافة الجغرافية بين إيران ودول الخليج تمنعها من استخدام ذلك السلاح حال الحصول عليه لأنه سيضر بها أيضا، لكن التدخل الإيرانى ومحاولة زعزعة الأمن القومى لدول الخليج لم تتوقف أبدًا بحسب سويلم، إذ استخدمت طهران عدة وسائل لتحقيق أهدافها وزيادة نفوذها فى المنطقة. ويقول «سويلم»، إنه لم يعد خافيًا على أحد ما تقوم به إيران لضرب استقرار دول الخليج عامة، والسعودية بشكل خاص، فيوما بعد يوم يزداد عدد الأدلة والأصابع التى تشير بالاتهام إلى طهران فيما يجرى على أراضى المملكة من أعمال تخريبية وتجسسية وقرصانات إلكترونية. وأكد ذلك مدير وكالة الأمن القومى الأمريكى السابق الجنرال «كيث ألكسندر» عندما قال إن الهجوم الإلكترونى الذى تعرضت له شركة أرامكو السعودية عام 2012 قد انطلق من إيران وقد تسبب فى تعطيل شبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية الرئيسية للشركة، كما لم يتردد الخبير الأمنى «على التواتى» فى الربط بين ما أعلنته وزارة الداخلية السعودية فى 6 مايو 2014 عن إحباط إعادة إحياء تنظيم القاعدة فى المملكة، وبين شبكة التجسس الإيرانية التى كشفت عنها الرياض فى وقت سابق عندما ألقت القبض على 62 إرهابيًا متورطين فى خلايا نائمة للقاعدة. وأضاف «التواتى»: «نحن فى مرحلة الآن لا فرق فيها بين حزب الله والقاعدة، فهم يتعاونون مرحليًا، وكذلك ما نشاهده فى سوريا بين داعش والنظام السورى وإيران، إضافة لما نراه الآن بين الحوثيين والقاعدة والإيرانيين فى اليمن.. لذا فهى مرحلة انتقالية لكل هؤلاء لحماية النفس، حيث يتعاونون بالسلاح والتمويل والرجال فى سبيل محاربة من يسمونهم بالعرب المعتدلين، وهم دول الخليج ومصر والأردن، فهؤلاء هم عدوهم المعلن عنه الآن بوضوح». وأشار لما كشفت عنه وزارة الداخلية السعودية عن مخططات معادية من قبل إيران والقاعدة وداعش لتخريب منشآت حكومية ونفطية ومصالح أجنبية، واغتيالات لرجال أمن وشخصيات تعمل فى مجال الدعوة ومسئولين حكوميين فى المملكة، وبعد أن صار اليمن مقرًا وملجأ لقيادات إرهابية كثيرة تعادى السعودية وخارجة عن القانون. وقد أظهر كل من تنظيمى «القاعدة» و«داعش» اهتمامًا بالغًا بخطوط التهريب خاصة عبر الحدود الجنوبية للسعودية مع اليمن، وذلك لتهريب الأسلحة والأشخاص مع إعطاء أولوية قصوى لتهريب النساء والأطفال وذلك لكسب مؤيدين فى الأوساط النسائية وصعوبة اكتشاف حقيقتهم بواسطة رجال الأمن على الحدود، حيث يتم استخدامهن كعامل تمويه وإعماء للكثير من عملياتهم، والزج بهم فى عمليات انتحارية، وقد تم القبض على عدد من النساء الضالعات فى هذه التنظيمات مؤخرًا داخل السعودية وخارجها. وكان بيان لوزارة الداخلية السعودية قد أعلن عن ضبط معمل لتصنيع الدوائر الإلكترونية المتقدمة التى تستخدم فى التفجير والتشويش والتصنت، وتحوير أجهزة الهواتف المحمولة، إضافة إلى تجهيزات لتزوير الوثائق والمستندات، والكشف عن خلية تمويل التنظيم التى قامت بجمع 900 ألف ريال، كما كشف البيان عن مخططاتهم لإدخال أسلحة للمملكة قبل تنفيذ عملياتهم. لذلك فرضت السلطات المعنية فى السعودية بنودًا على تحويل الأموال داخل وخارج المملكة خاصة التبرعات الصادرة عن بعض الجمعيات والشخصيات المشكوك فيها. وتعتبر إيران أن السعودية تشكل ألد وأخطر أعدائها فى منطقة الخليج لأسباب كثيرة، أبرزها مركزها الدينى المتميز بوجود المقدسات الإسلامية على أراضيها، ودفاعها عن أصحاب المذهب السنى، هذا إلى جانب ما توفره إمكانات السعودية الاقتصادية الضخمة من موارد مالية ساعدت على بناء قوة عسكرية متفوقة كمًا ونوعيًا على القوة العسكرية الإيرانية. هذا إلى جانب التعاون السياسى والاستراتيجى متعدد الأبعاد بين السعودية ومصر، وهما أكبر قوتين فى العالم العربى، لذلك كثفت إيران تهديداتها للمملكة السعودية بدءًا من إثارة شيعة القطيف على الحكومة السعودية فى عام 1979، وتشكيل «منظمة الثورة الإسلامية لتحرير الجزيرة العربية»، ثم «حزب الله الحجازى»، هذا إلى جانب التدخل الإيرانى السافر فى مواسم الحج بإثارة المظاهرات بدعوى «البراءة من المشركين» وتحميل الحجاج الإيرانيين أسلحة ومتفجرات كشفت عنها السلطات السعودية، وما واكب ذلك فى عام 1987 من قيام الحجاج الإيرانيين بإطلاق النار على القوات السعودية فى مكة مما أثار الذعر بين الحجيج، هذا إلى جانب مسئولية الحرس الثورى الإيرانى عن تفجير مجمع سكنى فى مدينة الخبر فى 25/6/1996 تسبب فى قتل 19 أمريكيًا وإصابة 272 من جنسيات مختلفة. وأخيرًا فى نوفمبر 2009 شن السياسيون وأجهزة الإعلام فى إيران حملة تهجم غير مبررة ضد الحكومة السعودية بزعم أنها تعرقل ممارسة الحجاج الإيرانيين لشعائرهم، وأنه ينبغى أن يعاملوا بشكل متميز وخاص، حتى وصل الأمر إلى التهجم على السعودية على المنابر الإيرانية فى أثناء خطب الجمعة، ووصل الأمر بالبعض إلى المطالبة بعدم الحج فى مكة والمدينة واستبدالهما بالحج إلى مدينة مشهد. وكانت الصدمة فيما قدمته إيران من دعم ومساندة مالية وتسليحية إلى جماعة الحوثى الانفصالية فى اليمن، ودفعهم إلى التسلل إلى جنوب السعودية فى محافظة جيزان للقيام بأعمال تخريبية ضد قوات حرس الحدود هناك، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدة عشرات من الجنود والسكان السعوديين فى يوليو 1994، واضطرت معه السعودية إلى استخدام قواتها الجوية والبرية الخاصة بمطاردة وقتل المتسللين الحوثيين ودفعهم إلى الانسحاب إلى داخل الأراضى اليمنية، وهو ما أدانته إيران ورفضت تدخل القوات السعودية لتطهير أراضيها من المتسللين، بل وحذرت من تدخلها فى المشكلة بين الانفصاليين الحوثيين والحكومة اليمنية، وكأنه يتعين فى النظرة الإيرانية أن تقبل السعودية بانتهاك الحوثيين لأراضيها. وكان واضحًا لكل المراقبين والمحللين فى العالم أن هدف إيران من هذه الخطوة التصعيدية ضد السعودية أن تبلغها رسالة مفادها أن إيران متواجدة على حدودها الجنوبية، كما أنها متواجدة فى جماهير الشيعة فى المنطقة الشرقية من السعودية، وأنها قادرة على إثارة المتاعب لها فى هذه المناطق، وتشتيت جهود القوات السعودية وأجهزة أمنها وإرباكها بالعمل فى أكثر من جبهة، وبما يسمح لتنظيم القاعدة الإرهابى الذى تدعمه إيران بالتسلل إلى العمق السعودى انطلاقًا من قواعده فى اليمن. هذا بالإضافة إلى جذب السعودية فى الصراع اليمنى، وبما يؤدى إلى توسيع دائرة النزاع وتحويل المعادلة من كونها معادلة مواجهة بين سلطات شرعية لتمرد مسلح خارج على الدستور والقانون، إلى معادلة صراع إقليمى وتدخل خارجى فى شأن محلى يمنى داخلى، وبما يسمح لإيران بالتدخل عسكريًا إلى جانب الحوثيين ضد اليمن والسعودية، وتزعم إيران أن الحوثيين ينتمون للمذهب الشيعى الذى تحمى إيران معتنقيه، وهو الوضع الذى يمكن إيران من تطويق السعودية من الجنوب فضلاً عن الشرق من جانب التواجد الإيرانى فى العراق. وإدراكًا من السعودية لهذا الهدف الإيرانى، حرصت السعودية على إقصاء البعد المذهبى عن هذا الصراع، وحصرت المسألة فى مجرد تسلل لمجموعات مسلحة تنتهك حدودها، وأن قواتها تتعامل مع هذه المجموعات المتسللة ضمن هذه الحدود، وبالقوة اللازمة انطلاقًا من حقها فى المحافظة على سيادتها، وأنها لن تتساهل فى هذا الشأن، وأنه بمجرد انسحاب هؤلاء المتسللين إلى خارج حدود السعودية فإنها ستوقف عملياتها العسكرية، ولكنها لن ترضخ للضغوط الإيرانية، وعمليات الابتزاز، بما فيها العسكرى. كما تدرك السعودية جيدًا مغزى توقيت تنفيذ عمليات التسلل هذه ارتباطًا بقرب مواسم الحج، وما صدر قبلها مباشرة من تهديدات إيرانية للسعودية فى حالة عدم سماحها للحجاج الإيرانيين بتنفيذ رغباتهم فى القيام بما يريدونه من مظاهرات ذات طابع سياسى، لذلك حرصت السعودية على الفصل بين الموضوعين، وعدم السماح لإيران بإفساد مواسم الحج، واستخدام هذه المواسم لتحقيق أغراضها السياسية. وقد كشف مدير المركز الأحوازى للإعلام والدراسات الاستراتيجية، حسين راضى الأحوازى، أن إيران تحارب السعودية لكونها الدولة الإسلامية العربية الأقوى، وبإضعافها ستضعف دول الخليج العربية، وتكون لقمة سهلة لطهران». واعتبر أن وجود مخطط أمريكى إيرانى بالشرق الأوسط، صار واضحًا وأشبه بوجود الشمس، وقال: «أصبح معروفًا وجليًا على الأرض، وكل الأحداث السلبية التى وقعت فى الوطن العربى تشير بوضوح عن دور إيران السلبى فى تلك الأحداث». وعدّد أمثلة تاريخية ومعاصرة قائلًا: «احتلال الأحواز، والجزر الإماراتية الثلاث، وما يحصل فى العراقوسوريا واليمن وغيرها من الدول العربية، يثبت هذا التآمر الإيرانى العدوانى الذى بدأ منذ فترة طويلة ومازال قائمًا». واعتبر أن التدخل العسكرى الإيرانى المكشوف فى سورياوالعراق واليمن، وبكل ثقلها، وسكوت أمريكا على هذا الأمر دليل آخر على صحة هذه النظرية، وإذا كانت إيران تعتبر البحرين المحافظة رقم 14، فإنها تعتبر سوريا المحافظة رقم 35، ثم أكد على أن من الأهداف القومية الرئيسية لإيران أن تفرض سيطرتها على الأماكن المقدسة فى السعودية (مكة والمدينة)، وهو ما دفعها، أكثر من مرة إلى اقتراح وضع هذه الأماكن المقدسة تحت سيادة مجلس مشترك من الدول الإسلامية، وألا تنفرد السعودية برعاية هذه الأماكن المقدسة.