تنسيقية الأحزاب: إقبال ملحوظ للناخبين على لجان المنيب في انتخابات النواب    حضور كثيف من المواطنين بالبحيرة للإدلاء بأصواتهم في اليوم الثاني بانتخابات النواب    بعد طرح 25 ألف وحدة سكنية.. رابط وطريقة التسجيل ب منصة مصر العقارية    وزير الخارجية التركي: نتابع عن كثب جهود البحث والإنقاذ فيما يتعلق بالطائرة المنكوبة    السفير الفلسطيني بالقاهرة يشيد بالدور المصري في دعم فلسطين ورفض مشاريع التهجير    ليفاندوفسكي يؤكد رغبته في الاستمرار مع برشلونة    الزمالك يشكو زيزو رسميًا للجنة الانضباط بسبب تصرفه في نهائي السوبر    تجديد حبس 11 متهمًا استغلوا أطفالًا في التسول بالجيزة    السيطرة على حريق في مخزن كارتون بالغربية دون إصابات بشرية    القاهرة السينمائي يعلن القائمة النهائية لبرنامج أفلام العروض الخاصة في دورته ال46    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    مأساة على الطريق الزراعي.. سيارة تدهس عابر طريق وتودي بحياته في لحظات    مراسل «القاهرة الإخبارية» من البحيرة يرصد عملية مراقبة لجان الانتخابات البرلمانية    لحاملي بطاقات الصحافة.. المهرجان يتيح الحجز الإلكتروني المبكر لتذاكر عروض القاهرة السينمائي    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    التعامل ب البيتكوين.. المزايا والمخاطر!    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط في يومها الثاني    تمكين الشباب وتحقيق التنمية المستدامة.. عادل زيدان يُشيد بدعم الدولة للقطاع الزراعي ودور الرئيس السيسي في نهضة الصعيد    مسار يكتسح 15 أغسطس بخماسية في مجموعة الموت بدوري أبطال أفريقيا للسيدات    محافظ المنيا مشيدا بالناخبين: حريصون على المشاركة فى العرس الديمقراطى    المنظمة الدولية للهجرة تحذر من قرب انهيار عمليات الإغاثة في السودان    ممداني وهاشمى وحمود وبيضون..فوز مرشحين مسلمين في انتخابات البلديات هل يغير السياسة الأمريكية المنحازة للصهاينة ؟    الأهلي يواصل استعداداته لمواجهة سموحة في سوبر اليد    أوغندا تهزم فرنسا في كأس العالم للناشئين وتتأهل "كأفضل ثوالث"    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    فريق طبي بمستشفى العلمين ينجح في إنقاذ حياة شاب بعد اختراق سيخ حديدي لفكه    الجيش الملكي يعلن موعد مباراته أمام الأهلي بدوري أبطال إفريقيا    «تعثر الشرع أثناء دخوله للبيت الأبيض».. حقيقة الصورة المتداولة    الاتحاد الأوروبي يخطط لإنشاء وحدة استخباراتية جديدة لمواجهة التهديدات العالمية المتصاعدة    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    «الهولوجرام يعيد الكنوز المنهوبة».. مبادرة مصرية لربط التكنولوجيا بالتراث    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    ليفربول يبدأ مفاوضات تجديد عقد إبراهيما كوناتي    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    تقنيات جديدة.. المخرج محمد حمدي يكشف تفاصيل ومفاجآت حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ال46| خاص    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    شاب ينهي حياة والدته بطلق ناري في الوجة بشبرالخيمة    دار الافتاء توضح كيفية حساب الزكاة على المال المستثمر في الأسهم في البورصة    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    انتخابات مجلس النواب 2025.. توافد السيدات والفتيات على لجان الاقتراع بالمنيا    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    معلومات الوزراء يسلط الضوء على جهود الدولة فى ضمان جودة مياه الشرب    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاج الفضيحة
نشر في البوابة يوم 03 - 10 - 2015

حفلت الأدبيات العربية فى العقود الثلاثة الماضية بتناول موضوعات وظواهر مسكوت عنها، على رأسها «قضايا الجسد»، وهو ما يمكن رصده وتتبعه من خلال الإبداعات الشعرية والقصصية التى عظَّمت من الاحتفاء بالجنس كمعادل حيوى للجسد، الأمر الذى أسفر عن وجهات نظر متنوعة حول «شرعية» الحضور المكثف للجسد فى تلك النصوص من ناحية، والقيمة الأدبية له من ناحية أخرى، فهناك من صفقوا لذلك الحضور ملء كفوفهم ووصفوه بالفتح فى عالم الكتابة، وهناك من رفضوه تماما لاعتبارات أخلاقية؛ إذ اعتبروه هدمًا للقيم. وفيما تفرغ آخرون لاتهام مبدعى تلك النصوص بالتسطيح تارة والخواء والمراهقة الأدبية تارة أخرى، نظرت قلة من النقاد للمسألة من زاوية أكثر اتساعا فى خطوة نحو قراءة موضوعية لا تفصل تلك النصوص عن المناخ الذى أدى إلى إفرازها؛ فما تمر به نصوص الأجيال الجديدة من احتفاء بالجنس، يحدث فى ظل إهمال متعمد للجسد كقضية اجتماعية وفلسفية فى الثقافة العربية، ودون النظر فى أصل الأسباب التى عظمت من ذلك الحضور بل وجعلته طاغيا فى السنوات القليلة الماضية.
وللوقوف على تلك القضية يجدر بنا الوقوف أولاً على صورة الجسد فى الثقافة العربية بشكل عام، وهى لا شك صورة مزدوجة؛ تظهر تجلياتها الإيجابية فى الثقافة الشفاهية "الشعبية"، بينما تقف منها الثقافة الرسمية "المؤسساتية" موقف الحذر، إذ تنظر للجسد باعتباره عورة، فهو فى عرفها المعادل الموضوعى للمرأة التى رسخت عند «سادة المجتمع» باعتبارها تاج الفضيحة؛ منبع الغريزة والإغواء والخطأ، ومن ثم اعتقدوا أن الفضيلة لن تتحقق إلا بالخلاص من تلك العورة، فصار «وأد المرأة» على المستوى المادى عند العرب الأقدمين متسيدًا الثقافة الرسمية.
ورغم مرور أكثر من 14 قرنا على تحريم وأد البنات، إلا أن الترددات المعنوية للوأد مازالت تحتل مساحة عريضة فى الثقافة العربية، وتسكن ذهنية كثير من العرب المحدثين ممن لم يتجاوزا بعد مرحلة «الوعى الطبيعى» الذى هو «معرفة وجهالة» لدى الإنسان البدائي؛ إذ يرى ولكنه لا يرى نفسه، ويعرف لكنه لا يعرف أن الجسم هو ذلك الاكتشاف العظيم الذى جاء تثبيتًا للهوية الشخصية التى كانت قبل اكتشافه غامضة ومشوشة وغير محددة، كما لا يفرق بين الجسم والروح؛ الأصل والصورة، ولا يعى أن تلك الثنائية هى ذاتها معيار من بين المعايير العقلية التى تستعصى على فهم الإنسان البدائى. فمن خلال إدراك الإنسان للاختلاف بينه وبين جسمه أو بينه كأصل «أنا» وبينه كصورة «آخر» ينبثق الوعى بالذات أو «الهوية» الشخصية.
ولا شك أن ثنائية «الروح والجسد» مفقودة فى الثقافة العربية؛ إذ دأبت المؤسسات الرسمية (سياسية واجتماعية وثقافية) على اغتيال الجسد بتحقيره ومصادرته، بل وتحطيم الصورة الصحية له، فقد كانت نظرتها له على طول الخط ملتبسة ومشوشة، إذ تعتبره فى منزلة أدنى، مقابل رفعة منازل الروح، وهو ما رسَّخ لمصادرته ماديًا ومعنويًا ودلالياً وفلسفيا.
ومن ثم جاء احتفاء الكتابات الجديدة بالجنس لتصب، بشكل أو بآخر، لعناتها وثورة غضبها على الثقافة الرسمية التى ما تزال تصادر الجسد بجميع صوره الديناميكية؛ محركاته وتفاعلاته ومعاملاته، وعلى رأسها الجنس؛ المعامل الموضوعى للتمرد على الاستاتيكا أو السكون.
هذا لا يلغى أن حضور الجنس فى الكتابات الجديدة يحتاج إلى مراجعة لأنه يتحقق فى جانبه الأكبر بشكل عشوائى، إذ يتخذ بعضه منحى الترويح والتنفيس عن الكبت والغضب والعنف، بينما يجسد بعضه الآخر التمرد فى أعنف صوره، إلا أن تناول ذلك يفتقر فى أكثره إلى الفنية، فى حين قليلة هى الكتابات التى يتحقق فيها حضور الجنس، كقضية إنسانية، برؤية فنية تعمل على تحريك اليقين السائد.
وبعيدًا عن التقييم النقدى أرى أن ما يحدث على ساحة الإبداع الأدبى الحديث فى ذلك السياق قد يحرك المياه الراكدة تجاه كل القضايا المسكوت عنها فى المجتمعات العربية، فمن المهم خلق حوار حول هذه الكتابات حتى لو لم تحقق بعدُ التأثير المأمول منها، فهى إذا ما انتظمت وتواصلت قد تنجح فى ترميم صورة الجسد داخل (النص/ المجتمع)، وهى خطوة نحو تفعيل الجسد فى الثقافة العربية، بكل ما يحمل من دلالات حضارية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.